أحمد الديين لا يرى أثرا لما يسمى بحكومة 'التكنوقراط'، بظل نهج سلطوي، وإنفراد بالقرار؟!

زاوية الكتاب

كتب 1499 مشاهدات 0



وهم حكومة التكنوقراط..! 
 
كتب احمد الديين

يحلو للبعض عن معرفة أو ربما عن التباس، حتى لا نقول عن جهل، أن يتمنى على رئيس مجلس الوزراء أن تكون الحكومة المقبلة “حكومة تكنوقراط”... وحكومة التكنوقراط هي الحكومة التي تتشكّل من وزراء من ذوي الاختصاص التقني أو العلمي في مجالاتهم، وربما افترض هؤلاء أنّ هذا هو المعيار الأفضل لتشكيل الحكومات وتوزير الوزراء.
وللوهلة الأولى يبدو مثل هذا المعيار في اختيار الوزراء وفق اختصاصاتهم التقنية والعلمية معيارا جذابا ومغريا، ولكننا عندما نتذكر أنّنا لا نتحدث عن مجلس اختصاصيين وإنما عن مجلس وزراء يفترض أنّ له دورا سياسيا فلن يكون اعتماد مثل هذا المعيار في الاختيار هو المعيار
الأفضل... فالحكومة، مثلما يفترض أن تكون، هي الإدارة السياسية للدولة، وهي المسؤولة عن رسم السياسات العامة وهي التي تتولى تنفيذها والمسؤولة عن متابعة هذا التنفيذ، والأصل أن تتكوّن الإدارة السياسية للدولة من سياسيين، أي من رجالات دولة من أصحاب الرأي السياسي، فهم المعنيون بتحديد السياسة العامة للدولة وباتخاذ القرارات السياسية، وهم المساءلون سياسيا عنها وعن تنفيذها وعن أخطائها وسلبياتها، مثلما هناك واقع سياسي عليهم أن يتعاملوا معه، وهناك حسابات وتقديرات سياسية يجب أن تُراعى، ويفترض أن يكون الفريق الحكومي فريقا متجانسا سياسيا، وبالتالي فإنّ تشكيل الحكومة أي الإدارة السياسية للدولة من غير السياسيين إنما يمثّل نقطة ضعف بنيوية لمثل هذه “الإدارة” وهي بداية فشلها، ولن يعوض ذلك أن يكون الوزراء من أصحاب الاختصاص التقني أو العلمي من “التكنوقراط”.
 ويكفينا دليلا ملموسا على ذلك أنّ الحكومة السادسة المستقيلة كانت تضم في صفوفها عددا لا بأس به من الوزراء التكنوقراط من ذوي الكفاءة المهنية والاختصاص التقني والعلمي في مجالاتهم، فعلى سبيل المثال فقد كان وزير الصحة في الحكومة المستقيلة الدكتور هلال الساير طبيبا بارعا، وكان وزير الأشغال الدكتور فاضل صفر وكذلك وزير المواصلات الدكتور محمد البصيري مهندسين، بل كانا حاصلين على شهادة الدكتوراه في الهندسة، وكان وزير العدل قاضيا سابقا، بل كان رئيسا لمجلس القضاء، وكانت وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي الدكتورة موضي الحمود أستاذة جامعية فاضلة، وكان وزير التجارة والصناعة الأخ أحمد الهارون من أركان غرفة التجارة... إلا أنّه مع الأسف كله، ومع الاحترام التام لشخوصهم الكريمة واختصاصاتهم المهنية والتقنية والعلمية، إلا أنّه لم يكن لهم جميعا أي دور مؤثر يُذكر في عملية اتخاذ القرار السياسي للدولة... وهذا ما سيكون عليه حالهم أو حال أشباههم من الوزراء التكنوقراط في الحكومة السابعة المقبلة!
وإذا ما تجاوزنا الدور السياسي المفتقد لوزرائنا في مجلس الوزراء، فإنّ دور الوزير في وزارته يتمثّل بالأساس في تنفيذ السياسة العامة للدولة في نطاق عمل الحقيبة الوزارية التي يتولاها، وهو المعني بتحديد اتجاهات هذه الوزارة والإشراف عليها، وهذه وظائف سياسية وليست فنية، ذلك أنّ المنصب الوزاري منصب سياسي وليس منصباً فنياً أو إدارياً مثلما هو منصب وكيل الوزارة أو الوكيل المساعد... وبذلك فإنّ تشكيل الحكومة من وزراء غير سياسيين يعني بالضرورة أن تتماهى أدوار الوزراء مع أدوار وكلاء وزارتهم، وهذه هي حال الوزراء جميعا من غير الشيوخ في ظل النهج السلطوي والانفراد بالقرار، وهذا ما يُراد لنا أن نضفي عليه التسمية المضللة المدعاة: “حكومة التكنوقراط”!
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك