العالم سيتخبط مجددًا في الأزمات .. بقلم ألان بيتي

الاقتصاد الآن

668 مشاهدات 0



يجب ألا ينخدع أي شخص، لأن هناك ثلاث عمليات ملتوية تحيط بالنهاية التي تقدم حلولاً للمشاكل الملحة لإدارة الاقتصاد العالمي.

أولا، تظهر مقايضة الديون السيادية اليونانية أن منطقة اليورو ما زالت أسيرة أفكارها المضللة الخاصة بها. ثانيا، يؤكد السباق التمهيدي للحزب الجمهوري الأمريكي، التهديدَ الذي تواجهه التجارة العالمية بسبب السياسات المحلية السامة في أمريكا. وأخيرا، يكشف تعيين رئيس البنك الدولي عن خطابة بلاغية متضخمة صادرة عن بلدان الأسواق الناشئة حول أخذها مكانها الصحيح في العالم.

بغض النظر عما يصدر عن اليونان هذا الشهر، يتعين أن يكون هناك شيء واضح. فمنذ أن بدأت أزمة منطقة اليورو، لم تثمر فسحة عامين تم شراؤهما بقروض الإنقاذ من حكومات منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، بنية تحتية سياسية من شأنها أن تمنع تكرار ما حدث. والعماد الرئيس للإطار الجديد هو اتفاق مالي يقدس سوء التشخيص، بإصراره على أن سبب الأزمة برمته هو الحكومات المبذرة وليس الإقراض المتهور وفقاعات الائتمان.

واتخذ باقي العالم موقف المتفرج بشكل رئيس وهو يتابع أزمة منطقة اليورو تتكشف بشكل محبط. وعلى وجه الخصوص، يتناقض موقف الولايات المتحدة الصامت بشكل حاد مع نشاطها خلال الأزمة الآسيوية في 1997 – 1998. وبعدئذ، وبشكل يناقض المواقف الحالية في أوروبا، حين ألحت على فكرة أن يقود صندوق نقد آسيوي إقليمي عملية الإنقاذ.

لا تعاني الإدارة الأمريكية نقصًا في الأفكار الخاصة بشأن منطقة اليورو. لكن عدم التوافق السياسي في الولايات المتحدة ساهم في أن تعلب دوراً أصغر بكثير.

ويعتبر صندوق النقد الدولي أداة أمريكا التقليدية لممارسة النفوذ. لكن الإدارة كانت مقيدة بسبب معارضة الكونجرس الشرسة لتمويل عمليات إنقاذ منطقة اليورو. ولم تكن الولايات المتحدة الاقتصاد الكبير الوحيد فقط الذي استبعد المشاركة في جولة تمويل جديدة لزيادة قوة المحرك في صندوق النقد الدولي، وإنما كذلك لم تجرؤ الإدارة حتى الآن على تقديم التزام بتمويل للصندوق تم الاتفاق عليه عام 2010.

يوصلنا ذلك إلى ميت رومني. ففي أحد المواقف السياسية المتباينة الخاصة به، المصمم كما هو واضح للتخلص من صورته بوصفه رجل أعمال عالمي وإغراء القاعدة الأمريكية المهمة، وعد المرشح الجمهوري بتصعيد المواجهة مع بكين بسبب تلاعبها بالتجارة وسعر صرف العملة.

لكن الحديث المهتاج بشأن التجارة خلال الحملات الانتخابية لن يرقى إلى طور الفعل حين يتولى الرجل منصب الرئاسة. (أتذكرون وعد باراك أوباما بالتفاوض مجدداً بشأن اتفاقية نافتا – اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية؟). وعلى الرغم من ذلك، حين يتعلق الأمر بالشعبوية الحمائية، فمن المفترض أن تعمل الرئاسة كقوة كابحة للكونجرس. وحتى الآن تمسك الجمهوريون في مجلس النواب بشجاعة، بموقفهم الرافض لإصدار قانون يسمح للولايات المتحدة بفرض تعرفات على الصين بسبب العملة. ولا يسهل مهمتهم هذه أن مرشح حزبهم المحتمل إلى الرئاسة يدعم مثل تلك الخطوات أثناء مسار الحملة.

إن الخوف المنتشر بين أعضاء الكونجرس والامتعاض من أمثال الصين، أثرا كذلك في العملية الثالثة – تعيين رئيس البنك الدولي. وكانت الوظيفة هبة للولايات المتحدة تقليدياً، وأوضح البيت الأبيض على نحو كافٍ أنه يتوقع تعيين أمريكي آخر، بحيث تم حتى الآن تخويف المرشحين غير الأمريكيين. لكن مع أن قبضة الولايات المتحدة على رئاسة البنك تمثل استعراضاً للقوة الدولية، إلا أنها إشارة على الضعف المحلي كذلك. فقد اضطر البيت الأبيض إلى سحق أية فكرة تتعلق بالموافقة على رئيس غير أمريكي، حتى لو كان ذلك جزءاً من مساومة دولية تتخلى فيها البلدان الأخرى عن قبضتها على مؤسسات أخرى، كي لا يتهمه الكونغرس بالتراخي.

وفي كل الأحوال، يتعين على بلدان الأسواق الناشئة الكبرى بوصفها الجهة الواضحة التي ينتظر أن يأتي منها المرشح المنافس، أن يقترب من مطابقة الخطابة البلاغية بالأفعال حين يتعلق الأمر بإدارة الاقتصاد العالمي. وطالبت البرازيل والصين بعملية تعيين مفتوحة تعتمد على الجدارة، لكن لا يوجد حتى الآن أكثر من تمتمات بشأن إيجاد مرشح واحد من البلدان الناشئة.

وتغلف الخطابة البلاغية لتضامن الأسواق الناشئة منافسات عميقة، تتجاوز في الغالب الشكوك بشأن الولايات المتحدة. ومن المحتمل أن تحتفظ الولايات المتحدة برئاسة البنك الدولي، ليس لكونها البلد الوحيد الذي يحظى بإعجاب الجميع، أو يخافه الجميع أقصى ما يكون، لكن لأنه البلد الوحيد الذي يكرهه الجميع أقل ما يكون.

ربما تراجعت الأزمات العالمية قليلاً، لكنها سوف تحدث مجدداً. وبالشكل الحالي سوف يجد العالم نفسه يتخبط مجددا لعدم وجود قيادة منطقية خلال الأزمة المقبلة – تماماً مثلما هو الحال خلال هذه الأزمة.


الكاتب محرر الاقتصاد الدولي في ''فاينانشيال تايمز''. وكتابه الجديد بعنوان: ''من المسؤول هنا؟'' Who’s In Charge Here?

 

 

الآن: الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك