المنطق يؤيد حيازة المعادن الثمينة والأسهم عالية الجودة ..بقلم جون أوثرز

الاقتصاد الآن

763 مشاهدات 0


عند قراءة أي رواية طويلة تأتي لحظة يكون من الصعب مقاومة تقليب الصفحات حتى النهاية. كم عدد الصفحات المتبقية؟ إلى أين يتجه هذا السرد؟

الروايات الخيالية تتبع طريقة سرد مرضية. في الأسواق والاقتصاد الاتجاه أقل وضوحا والرغبة في تقليب الصفحات حتى النهاية أكبر بكثير. يا ليت هذا كان ممكناً.

كان يوم أمس الذكرى السنوية الثالثة لبلوغ سوق الأسهم الأمريكية أدنى مستوى في أعقاب إفلاس ليمان براذرز. وكانت تلك فرصة شراء ملحمية، إذ ارتفع مؤشر ستاندر آند بورز 500 إلى الضعف تقريباً في هذه السنوات الثلاث، بأسعار الدولار. ولم يتبق كذلك سوى أسبوع على الذكرى السنوية الخامسة لبداية أزمة الائتمان، حين أثارت أزمة القروض العقارية لضعاف الملاءة في الولايات المتحدة ارتفاعا حادا في مستوى التقلب.

وتتسم هذه الذكرى السنوية بما هو في الواقع أكبر حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في التاريخ، إذ أعادت اليونان هيكلة 206 مليارات يورو من ديونها لحملة السندات الخاصة في محاولة للتأهل للحصول على الدفعة الثانية من أموال عملية الإنقاذ، لذا تبدو طريقة السرد مثالية. كذلك تعطي هذه الذكرى السنوية مزيداً من الأدلة المستمدة من تقرير الوظائف غير الزراعية على أن الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة بدأ بالفعل، إلى جانب تدابير نشطة لتسهيل السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية في اثنين من بلدان الأسواق الناشئة الكبيرة، هما البرازيل والهند، ما يشير إلى أنهما يشعران الآن بالقلق بشأن النمو أكثر من شعورهما بالقلق بشأن التضخم.

لكن إلى أين تتجه هذه المسيرة بالضبط؟ الحقائق التي أمامنا تظهر على الأقل أن القصة لم تنته بعد. فحتى بعد عملية التخفيض الكبيرة، لا تزال ديون اليونان مقيَّمة بمستويات لا تكون منطقية إلا إذا كانت السوق ترى أن هناك احتمالا كبيرا بأنها ستتخلف عن السداد في مرحلة ما في المستقبل.

وبالنسبة للآفاق لمدة خمس – وثلاث – سنوات فإنها تعطي بعض القرائن الإضافية على وجهتنا. فقد عادت الأسهم الأمريكية لتحقق ربحا ضئيلا خلال السنوات الخمس الماضية. وكان أداء سندات الخزينة أفضل بكثير (لذا ليست هناك خسارة ثقة كبيرة بالائتمان الحكومي بعد). وارتفع سعر النفط. والرابح الأكبر هو الذهب.

وهذا تأكيد مستمر على دور الذهب باعتباره ''الجانب العكسي في ثقة العالم بالقيمين على النقود الورقية''، على حد تعبير جيمس غرانت، المؤيد المتشدّد لمعيار الذهب. وتم تفادي الكارثة، وظلت الأسهم واقفة على قدميها بسبب التدخل الحكومي وطبع النقود. ويظهر أداء الذهب أن كثيرا من الناس يشعرون بالتوتر بشأن المدة التي سيستمر بها هذا الأداء.

هناك جزء آخر من الرواية واضح، وهو الهوان الذي لحق بأسهم البنوك والأسهم المالية الأخرى. فحتى بعد إحيائها بعد عام 2009، يبدو أن دور المؤسسات المالية تراجع بشكل دائم. وعلى الصعيد العالمي، وفقا لمؤشرات MSCI من بنك ستانلي مورجان، انخفضت أسهمها إلى معدل سنوي قدره 13.8 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية.

والرواية الواضحة الأخرى هي صعود الأسواق الناشئة التي حققت مكاسب بنسبة 3.8 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية، مقابل تراجع بنسبة 2.72 في المائة في الأسواق المتقدمة. وقد تم اختبارها في تلك الفترة وأثبتت في فترة الانهيار أنها طوّرت المؤسسات اللازمة لتفادي الكارثة. وخلال السنوات الثلاث الماضية كانت الأسواق الناشئة – بقيادة تلك التي تورِّد للصين – هي التي تمتعت بأكبر المكاسب. المستقبل لها.

ما القصة التي سنرويها خلال عقدين من الزمن؟ هناك روايتان حاسمتان أولاهما هي التدخل النقدي. وكما يقول جيم ريد، من دويتشه بانك، حالت السلطات حتى الآن دون أن تكون التداعيات سيئة بقدر ما كان يمكن أن تكون. وهو يعترف بالاستخفاف بقدرتها على التصدي للمشاكل عن طريق استخدام تدابير استثنائية. ويشير كذلك إلى أن عدداً من البلدان، مثل اليونان، التي تفتقر سلطاتها إلى السيطرة المستقلة على سياساتها النقدية، هي التي عانت من أشد الصعوبات.

مع ذلك، نادراً ما كانت السلطات استباقية، وكانت بشكل عام بحاجة للأسواق لإجبارها على اتخاذ إجراءات. وهناك مجال ضئيل، أو معدوم، لمزيد من المساعدات المالية في المستقبل – لذا فإن السياسة النقدية هي كل ما تبقى. إلى متى يمكن أن ينجح هذا؟ هل سنتحدث في المستقبل بامتنان عن السلطات التي حافظت على رباطة جأشها ودفعت الاقتصاد في أسوأ الأوقات؟ إذا فعلت هذا ستكون قد جنبت البشر كثيرا من الألم، على الأقل مقارنة بأزمة سنوات الثلاثينيات.

أم هل سعر الذهب محق في التنبؤ بأن طبع النقود سينتهي نهاية سيئة، مع انهيار الثقة بالائتمان الحكومي والعملات الورقية؟ في الوقت الراهن، حيازات كل من المعادن الثمينة والأسهم عالية الجودة تبدو منطقية.

تتعلق الرواية الثانية بالنفط، السلعة الصناعية الأكثر أهمية في العالم. فهو متقلب بشكل كبير. فما الذي يدفع ارتفاع أسعاره؟ لو كانت هناك ضغوط حقيقية على إمدادات النفط، كما يبدو الآن، وإذا زادت هذه الضغوط بسبب الصراع في إيران، قد تكون الآثار غير المباشرة على الاقتصاد والأسواق شديدة. وربما ساعدت الأزمة المالية عام 2008 على إنقاذ العالم من أزمة طاقة، مع انخفاض الطلب، وربما ما زالت هذه الأزمة كامنة في الانتظار.

وعلى الرغم من المخاطر السلبية، فإن بعض التعاملات في مجال النفط تبدو منطقية كذلك.يا ليت بمقدورنا أن ننتقل إلى الصفحة الأخيرة.

 

 

الآن :الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك