باريس تتطلع لتصبح مركز التمويل الإسلامي في أوروبا

الاقتصاد الآن

147 مليون دولار قيمة الصناديق الإسلامية في فرنسا

1036 مشاهدات 0


'بيتك للأبحاث': 18 مليار دولار مستعدة للتحول للمنتجات المالية الإسلامية في فرنسا.

فرص هائلة أمام الأدوات الإسلامية لتمويل مشاريع البنى التحتية.

ذكر تقرير أعدته شركة بيتك للأبحاث المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي'بيتك'،أن فرنسا تبذل جهودا متسارعة وتنفذ العديد من الإصلاحات التنظيمية والقانونية لتسهيل تقديم المنتجات والخدمات المالية الإسلامية التي تتميز بالمعايير الأخلاقية، ضمن سباق يشمل أسواقا عالمية جديدة تتهيأ لتصبح ضمن اللاعبين الرئيسيين  لصناعة التمويل الإسلامي وصناعة الخدمات المالية الإسلامية عموما.
وأوضح التقرير أن هناك فرصا هائلة لنمو صناعة الخدمات المالية الإسلامية في فرنسا في ظل سعيها لتصبح مركزا لهذه الصناعة في أوروبا،مشيرا إلى أن نحو 1,5 مليون عميل على استعداد للتحول إلى هذه المعاملات بما يمثل نحو 18,2 مليار دولار  إضافة إلى الدعم القوي الذي تقدمه السلطات هناك لتطوير الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة،فضلا عن أعداد المسلمين هناك والوعي المتزايد بتلك المنتجات، في المقابل يؤكد التقريرعلى أنه ينبغي التغلب على بعض المعوقات وفي مقدمتها التشريعات الحاضنة لنمو الخدمات والمنتجات المالية الإسلامية .. وفيما يلي نص التقرير :                                
نمت الصناعة المالية الإسلامية على مدار العقد الماضي بنسبة بلغت أكثر من 10٪ سنويا لتصل في عام 2011  إلى ما يقرب من 1.3 تريليون دولار . وقد جاء هذا النمو مدفوعا بشكل رئيسي من الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات التي تتميز بالمعايير الأخلاقية والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية،إضافة إلى التركيبة السكانية المشجعة،والدعم الذي حظيت به الصناعة من الجهات التنظيمية نظرا للطلب المحلي في البلدان المسلمة. بيد أن مناطق جديدة مثل الشرق الأقصى وأوروبا، كثير منها حاليا في خضم تنفيذ إصلاحات المناسبة سواء تلك التنظيمية أوالقانونية، والتي من شأنها تسهيل تقديم المنتجات والخدمات المالية الإسلامية.
ان التطوير في التمويل الإسلامي الذي تشهده فرنسا اليوم يرجع إلى الدعم القوي الذي قدمته السلطات الفرنسية. وهذا يشمل بناء بيئة مناسبة من أجل تطوير التمويل الإسلامي في البلاد. وفي ديسمبر 2007، وضعت باريس يورو بليس، وهي منظمة تهدف إلى تعزيز اعتماد باريس كمركز مالي ، بتشكيل لجنة التمويل الإسلامي. ومنذ ذلك الحين، قامت هيئة الأسواق المالية الفرنسية ، وهي الهيئة المشرفة على السوق الفرنسية،بإصدار تشريعين تسمح فيهما لصناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والصكوك بالإدراج في بورصة باريس، ومن ثم قامت بورصة باريس بإضافة قطاع للصكوك وكذلك أربعة أنظمة ضريبية تخص كل من عقود (المرابحة، الصكوك الإجارة، الاستصناع) وقد تم  نشر هذه العقود، وأكدت الهيئة ان المعاملة الضريبية ستكون على قدم المساواة مع العمليات التقليدية.
الجوانب التنظيمية
في عام 2008، أعلنت وزارة الصناعة والاقتصاد والعمل في فرنسا وبالتعاون مع  هيئة الأسواق المالية الفرنسية عن  تغييرات ضريبية كبيرة تنظيمية تهدف إلى تعزيز التمويل الإسلامي في فرنسا. هذه التغييرات تتعلق بإدراج الصكوك، والمعاملة الضريبية للمعاملات المالية الإسلامية وذلك لخلق أرضية متكافئة. في وقت متأخر من عام 2008، شهدت فرنسا إنشاء لجنة الشريعة الأولى للتمويل الإسلامي التي تضم أعضاء من هيئة الالتزام والتدقيق والأبحاث في التمويل الإسلامي وفي عام 2009، تم  تعديل المادة  رقم 2011 من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بتشكيل وتفسير مبدأ الثقة في العقود ، باعتباره خطوة هامة نحو السماح لإصدار الصكوك من فرنسا.

الخدمات المصرفية الإسلامية

وشارك اللاعبون الرئيسيون في فرنسا مثل بنك بي إن بي باريبا وسوسيتيه جنرال واتحاد المصارف العربية والفرنسية وآخرون في انشطة ومشاريع المعاملات المالية الإسلامية على مدى السنوات العشر الماضية. ومع ذلك، كانت هذه الصفقات صغيرة نسبيا وشملت الخدمات المصرفية الاستثمارية للشركات، وتمويل التجارة وصفقات التمويل العقاري. يشار إلى ان فرنسا لديها استقرار وتنوع في سوق العقارات، حيث بلغ مجموع المعاملات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية منذ عام 2005 وحتى الآن ما مجموعه 3 مليارات دولار .
في عام 2011، قام البنك الشعبي، وهو احد البنوك المغربية البارزة ، من خلال فروعه ال 17 المنتشرة  في مختلف أنحاء فرنسا، بإطلاق حسابات إيداع إسلامية لعملائه. ويخطط البنك لفتح حسابات إيداع متوافقة مع الشريعة الإسلامية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبذلك تعالج الحاجة الكامنة للشركات الصغيرة التي تسعى للمنتجات المصرفية الإسلامية. كما يهدف البنك الشعبي أيضا إلى تقديم منتجات تمويل للشركات والرهن العقاري ، المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وذلك  قبل نهاية عام 2012.
من ناحية أخرى،وبعد تأجيلها خطتها لتدشين عملياتها المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في فرنسا بسبب الأزمة المالية، فان مجموعة البركة المصرفية والتي تتخذ من البحرين مقرا لها، تخطط لإطلاق هذه العمليات خلال النصف الأول من عام 2012 لتلبية متطلبات الخدمات المصرفية للأفراد للجالية المسلمة في فرنسا. وتخطط المجموعة أيضا لإطلاق خمسة فروع بحيث يتم هيكلتها كشركات تابعة وذلك بالدخول في مشاريع مشتركة مع مجموعة مختارة من المستثمرين الفرنسيين .
اظهرت دراسة أجريت مؤخرا من قبل المعهد الفرنسي للرأي العام (وبرعاية من منظمة أديم ، وهي منظمة غير ربحية تسعى لتوفير التمويل البديل والمتناسب مع القيم الأخلاقية وإحدى شركات الاستشارات وهي شركة الخدمات الاستشارية والتدقيق للتمويل الإسلامي الفرنسية ) ان ما يقارب من  1.5 مليون عميل لديهم الاستعداد للتوجه إلى الخدمات المصرفية للأفراد المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهو ما يمثل 14 مليار يورو ( 18.2 مليار دولار )،حيث أنها تتوزع مناصفة بين خدمات التوفير والادخار والتي تمثل 7 مليارات يورو (9.2 مليار دولار)، فيما تمثل المنتجات التمويلية المتوافقة مع الشريعة  الإسلامية مبلغا وقدره 7 مليارات يورو.

الصناديق الإسلامية

وقد قامت هيئة الأسواق المالية  الفرنسية بإصدار قرار في شهر يوليو 2007 يقضي بإمكانية إنشاء الصناديق الإسلامية في إطار أحكام القانون الفرنسي.و كما في نهاية العام 2011، فإننا نلاحظ ان قيمة الصناديق المالية الإسلامية في فرنسا تبلغ 147.2 مليون دولار،أو 3 % من قيمة الصناديق المالية الإسلامية في أوروبا .

الصكوك

نظرا لأزمة الائتمان ونقص السيولة لتمويل الاقتصاد، فان هناك فرصة للحكومة الفرنسية لإصدار صكوك للسياسة النقدية وأغراض الإدارة المالية ودعم النمو الاقتصادي.يمكن للحكومة أيضا إصدار صكوك لتمويل مشاريع البنية التحتية، مثل مشاريع الطرق السريعة والطاقة والتنمية المستدامة. في نوفمبر 2011، أطلقت هيئة باريس يورو بليس الفرنسية دليل الصكوك لمساعدة تلك الأطراف المهتمة في المعرفة لطريقة إصدار الصكوك أو إدراجها في فرنسا سواء باستخدام القانون الدولي أو القانون الفرنسي.

التكافل

ذكرت الشركة الفرنسية للاستشارات الاستثمارية  بأنها على وشك البدء في تسويق صندوق للتكافل العائلي في فرنسا. ومن المتوقع الانطلاقة الفعلية للمنتج في شهر ابريل 2012، وذلك بعد موافقة الجهات الرقابية، الأمر الذي قد يدفع التمويل الإسلامي إلى واجهة النقاش العام لأول مرة في فرنسا. التوقعات على المدى الطويل لهذه الصناعة لا تزال إيجابية، نظرا إلى أن التكافل هو بديل قابل للتطبيق بدلا عن التأمين التقليدي.

رأس المال البشري

تسعى الحكومة الفرنسية لبذل كافة الجهود لتعزيز وتطوير التمويل الإسلامي، وجعل البلاد مركزا للتمويل الإسلامي في أوروبا. تماشيا مع هذا الطموح، فان هناك عددا من المؤسسات التي تقدم برامج تعليمية في التمويل الإسلامي في فرنسا، ومن تلك المؤسسات كلية ريمس للإدارة ، جامعة باريس دوفين، جامعة غرونوبل، والمعهد الفرنسي للتمويل الإسلامي. وكانت كلية ريمس للإدارة هي التي بدأت المشوار في هذا المجال ، وذلك بتقديمها لأول شهادة في التمويل الإسلامي في فرنسا، بعنوان 'شهادة الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية'. وكان هدف ظهور الشهادة هو استجابة للاهتمام المتزايد في قطاع التمويل الإسلامي من خلال تقديم المعرفة للمهنيين والطلاب لدراسة كيفية عمل المصارف الإسلامية وأسواق رأس المال في الصناعة المالية الإسلامية. وبصرف النظر عن تلبية الطلب المتزايد على التعليم والتدريب والتوعية في مجال التمويل الإسلامي، فان هذا سوف يشجع أيضا الابتكار ودفع أداء قطاع التمويل الإسلامي إلى الأمام.
فرنسا لديها أكبر تعداد من السكان المسلمين في أوروبا وفي أي بلد غربي، وتقدر نسبة المسلمين ما بين 5- 10٪ من المواطنين البالغ عددهم 65 مليون نسمة . وهذا الامر وحده يمثل فرصة لتطوير ونمو التمويل الإسلامي في فرنسا. ونظرا لعدد السكان المسلمين الكبير في البلاد ، إضافة إلى الوعي المتزايد على التمويل الأخلاقي، فان هناك فرصا واسعة لفرنسا أن تلعب دورا فاعلا في صناعة التمويل الإسلامي. يذكر ان شريحة الشباب تمثل نسبة كبيرة من السكان في البلاد،حيث ان 64.7٪ من السكان أعمارهم ما بين 15-64 سنة، كما وان ارتفاع نسبة السكان في المناطق الحضرية والتي تقدر بنسبة 85٪ ،ينظر إليه على ان يكون عاملا دافعا في تقديم فرص النمو للقطاعات المصرفية الإسلامية والتكافل.
بالنسبة للبنوك والشركات الفرنسية بشكل أعم، فإن الصناعة المالية الإسلامية لا تمثل مصدرا رئيسيا للسيولة والتمويل فحسب ، بل أيضا وسيلة لتحقيق التنوع الاستراتيجي والرمزي من خلال التنويع التشغيلي والجغرافي، والحصول على موطئ قدم في أسواق جديدة ونقطة انطلاق لتحقيق النمو المستهدف .
وسوف تعزز عمليات التمويل الإسلامي فرصة فرنسا أن تلعب دورا أكثر نشاطا في مجال التمويل الإسلامي في المنطقة، وكذلك للاستفادة من السيولة الفائضة والأسواق جديدة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن على  فرنسا التغلب على بعض التحديات لتحديد هذه الغاية ، ومن هذه التحديات:
•    التغييرات في التشريعات لكي تأخذ بعين الاعتبار النظام المالي الإسلامي ، وهذه التغييرات بحاجة إلى إرادة سياسية قوية ويستغرق وقتا طويلا لقبولها وتنفيذها
•    عدم وجود فهم ووعي للتمويل الإسلامي

الآن - المحرر الاقتصادي

تعليقات

اكتب تعليقك