الإنتخابات المصيرية في ايران

عربي و دولي

إنقسامات القوى السياسية و ائتلافاتها(2)

1072 مشاهدات 0


تطرقنا الى إنقسامات التيار الأصولي في ايران قبيل الإنتخابات التشريعية و أهم الوجوه و التكتلات الفعالة في هذا التيار يوم أمس .و سنكمل رسم خريطة التحالفات و الإنقسامات المصيرية بالحديث عن المعسكر الإصلاحي.
مع أن  التيارات السياسية الإصلاحية تختلف عن أخواتها الأصولية في ايران في معظم القضايا و الرؤى لكنها بنفس الوقت تنقسم في مابينها أيضا الى أكثر من 20 تيار و حركة و حزب من أقصى اليسار الى أدنى اليمين. و كانت كل هذه الحركات مجتمعة بعد إنتخاب خاتمي المفاجئ للرئاسة تحت مسمى 'جبهة الثاني من خرداد(إشارة الى يوم 23 مايو 1997 يوم إنتخاب الرئيس خاتمي) و إستطاعت أن تحصل بذلك على الأكثرية المطلقة في البرلمان الإيراني في دورته السادسة(2000-2004) و أحكمت بذلك سلطتها على جميع مداخل السلطة المستندة الى الإقتراع الشعبي. و إختلف الفرقاء في كثير من القضاسا و بدأ إنقسامهم خاصة أن بسبب إزدواجية السلطة في ايران كانت الكثير من المناصب و السلطات القانونية بعيدة من متناول نظام الإقتراع و الإصلاحيين. هذه السلطات التي تسمي في ايران ب'السلطات الإنتصابية' من أمثال السلطة القضائية و مجلس صيانة الدستور و مجلس تشخيص المصلحة ، تتمتع بقوة كبيرة إستطاعت من خلالها أن تعرقل مسيرة تحقق سلة أهداف الإصلاحيين و شعاراتهم الإنتخابية مما زاد الطين بلة. و مع مرور الوقت خسر هذا التيار الإهتمام الشعبي و الدعم الطلابي و الشبابي حيث كانت هذه المجموعات تتهمهم بالتلكؤ و عدم إنجاز الأهداف؛ كما أنه خسر معظم وسائل تواصله مع الشعب أي الجرائد و الصحف.
و بعد ذلك و في نهاية فترة الدورة السادسة من البرلمان واجه حملة إقصاء عدد كبير من مرشحيه للإنتخابات التالية من قبل لجنة صيانة الدستور. و ظهرت ذروة خلافات التيارات الإصلاحية في الإنتخابات الرئاسية حيث فشلوا من الإتفاق في مابينهم على مرشح رئاسي واحد  و جلب كل فريق مرشحه الخاص الى الساحة(هاشمي رفسنجاني، كروبي، معين و مهر عليزادة) مما قسم قواعدهم الشعبية و أفقدهم الإهتمام الشعبي. و هذا ما سهل على الأصوليين طريقهم للحصول على الرئاسة.
و بالرغم من إجماع منقطع النظير بين جميع القوى السياسية الإصلاحيية و القوى الفعالة الإجتماعية من المثقفين و الكتاب و الجمعيات النسائية و الطلابية في المرحلة الثانية من الإنتخابات على هاشمي رفسنجاني لمنع أحمدي نجاد من الوصول الى الرئاسة إلا أن هذه الخطوة كانت متأخرة و غير ناجحة خاصة بالنظر الى التنظيم القوي و الفعال الذي تمتع به الأصوليين في هذه الدورة من الإنتخابات.
و مع مرور حوالي ثلاثة سنين على تلك التجربة و مع نجاح نسبي لهم في تجربة إنتخابات مجالس البلديات في طهران في العام الماضي بتحالف جميع أطراف الإصلاحية على قائمة واحدة، لكن خلافاتهم مستمرة.
في هذه الإنتخابات بعد معركة كسب جواز خوض الإنتخابات من لجنة صيانة الدستور التي أقصت جميع مرشحين حزبي مشاركت (الأقرب من الرئيس السابق محمد خاتمي) و مجاهدين الثورة ألإسلامية( المؤثر جدا في أوساط الإصلاحيين بالرغم من قلة عدد أعضاءه) و كثيرا من نواب البرلمان السابقين من الإصلاحيين؛ ظهرت عدة قوائم إنتخابية من قبل مختلف التكتلات الإصلاحية أبرزها ثلاث هما :
قائمة الإئتلاف الإصلاحيين الذي يضم في طياته أهم و أبرز الأحزاب الإصلاحية من أبرزها حزب مشاركت، مجمع العلماء المناضلون، حزب العمل ، حزب رواد البناء(كارغوزاران) المقرب من الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، مجمع مدرسي و محققي الحوزة العلمية بقم، و مجمع ممثلي البرلمان في الأدوار السابقة. و واجهت هذه القائمة مشكلة في إيجاد العدد الكافي من المرشحين في طهران حتى الساعات الأخيرة قبيل بدء الحملة الإنتخابية. و تأمل بجذب الناخبين بإستعانة الرئيس خاتمي الذي لايزال يحظى بشعبية كبيرة.
و القائمة الثانية للإصلاحيين هو لحزب الثقة الوطنية(إعتماد ملي) الذي أسسه و يترأسه مهدي كروبي رئيس البرلمان السابق و المرشح الرئاسي السابق الذي إحتج بشدة على النتائج بعد خسارته الجولة الأولي امام نجاد و هاشمي رفسنجاني و إعتزل من جميع مهامه الحكومية و منها رئاسة مجمع العلماء المناظلون الذي يعتبر أقدم تكتل سياسي علمائي لليسار الإسلامي في ايران و أيضا مجمع تشخيص المصلحة. ثم أسس بعدها حزبه و هو مصرا على العمل مستقلا من باقي أحزاب الإصلاحيين بسبب زعله و عتبه عليهم و تهيؤه لخوض الإنتخابات الرئاسية للمرة الثانية بعد عام. و جدير بالذكر أن الإعلام القريب من الأصوليين إستقل هذا الشقاق بشكل وسيع لنشر الخلاف في أوساطهم بالرغم من إشتراك أكثر من نصف هذه القائمة مع الأولى في الأسماء.
و القائمة الإصلاحية الثالثة لحزب إعتدال و التنمية الوسطي الذي ينتمي الى حسن روحاني و يعتبر الساعد الحزبي الأيمن للرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني  و هذه القائمة التي تعلن عن نهج الوسطية و الإعتدال تضم أسماء مشتركة مع كثير من القوائم منها قائمة ائتلاف الإصلاحيين و قائمة حزب كروبي و قائمة الأصوليين الشاملة؛ لكنها لا تضم حتى أسما واحدا من المقربين من الرئيس أحمدي نجاد.
و يبقى مصير الإصلاحيين مرهون بنتائج هذه الإنتخابات حيث سيضمن تواجدهم في البرلمان حضور هم في الحياة السياسية و يجنبهم الإنزلاق الى المعارضة كما أنه سيعطيهم مجالا لتدبير حالهم لمواجهة نجاد في الإنتخابات الرئاسية المقبلة .
 

طهران – الآن

تعليقات

اكتب تعليقك