يجب أن تكون الاستجوابات أدوات إصلاح لا انتقام.. سعود السبيعي متمنياً
زاوية الكتابكتب مايو 4, 2012, 12:04 ص 1091 مشاهدات 0
الأنباء
الخط الأحمر / هل يستطيع الرئيس حماية نوابه؟
سعود السبيعي
ما ان بدأ مجلس الامة افتتاح فصله التشريعي الاول الذي لم يمض عليه سوى ثلاثة أشهر حتى ثارت ثائرة النواب ونزع كل منهم رداءه المذهب، وفتح أزرار ياقة ثوبه، وشمر عن أكمام ذراعه، ولولا الحياء لنزعوا «الغتر» واصطفوا كإحدى سرايا الجيش الأحمر محذرين أعضاء الحكومة: إما دفع الجزية أو الرحيل، فبدأ النائب صالح عاشور في استجواب سمو رئيس الوزراء جابر المبارك ثم تلاه النائب حسين القلاف في استجواب آخر لوزير الاعلام محمد العبدالله، ثم أعلن بعد ذلك النائب مسلم البراك استجواب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية مصطفى الشمالي ومن المتوقع تقديمه خلال الأيام المقبلة، وكان النائب محمد هايف قد قرر استجواب وزير الأوقاف، ولكنه عدل عنه في ظروف ودية، وأخيرا جاء دور النائب محمد الجويهل الذي قدم بالفعل استجوابه لنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود ومن المتوقع إدراجه على جدول أعمال جلسة الثلاثاء المقبل، حيث من المقرر أن تبدأ المواجهة بين الوزير والنائب.
محاور استجواب الجويهل تبدو منطقية، وتحمل في طياتها أمورا ذات أهمية بالغة، وأكد ذلك تصريح وزير الداخلية أحمد الحمود، حيث قال إن محاور استجواب الجويهل غير دستورية وتعتمد على انتهاك الدستورية فيما اعتبر المراقبون هذا التصريح تراجعا من الوزير ومحاولة للبحث عن مخرج، لاسيما ان رئيس الوزراء ووزير الاعلام واجها استجوابيهما بالرغم من أنهما غير دستوريين. على كل حال لا أدري كيف بنى الوزير قناعته بأن محاور استجوابه غير دستورية، ولكن تصريحه يحمل رغبته في تحويل الاستجواب الى جلسة سرية، وهو ما يؤكد أهمية المستندات والقضايا التي بنى عليها الجويهل محاور استجوابه.
في الواقع لا أحد يستطيع ان يكوّن قناعة ورأياً مسبقاً عن قوة مضامين الاستجواب ما لم تتم المواجهة بين النائب والوزير على منصة الاستجواب يستعرض كل منهما مهاراته وجودة بضاعته وقوة حجته ومصداقية أدلته في إقناع اعضاء المجلس، وبالرغم من ان النائب الجويهل على المستوى الشخصي لا يحظى بدعم الاغلبية النيابية، وذلك لأسباب شخصية، إلا أن المنطق والمصلحة العامة يقتضيان الوقوف مع الحق أيا كانت هوية شخص مدعيه، فالحق أحق أن يتبع، وهو ما نأمل أن يكون هذا هو المنهج الذي يسير عليه النواب سواء كان الحق مع النائب أو مع الوزير.
وفي الكويت جرت الأعراف البرلمانية على ان الاستجواب الناجح في مضامينه هو ذلك الذي يحوز طرح الثقة في الوزير، وهذا المعيار ليس على الدوام معيارا حقيقيا يلامس الحقيقة، ويحقق المصلحة العامة، فكم من استجواب حمل في محاوره حقائق دامغة تسقط حكومة بأكملها، ولكنه لم يحظ حتى على تأييد نائب واحد، وكم من استجواب شخصاني لا يحمل مضامين منطقية وبراهين عادلة، بل ضغائن شخصية نجح في طرح الثقة عن الوزير المستجوب، وهذا مؤشر على أنه ليست كل الاستجوابات تقدم في كل الأحوال لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة إنما يكون الكثير منها مدفوعة لأسباب شخصية، ومن المفارقات المزرية ان الاستجوابات الشخصية غالبا ما تنجح في الحصول على أغلبية لطرح الثقة، بينما الأخرى تفشل عادة في تحقيق أدنى أهدافها من الإصلاح. على العموم نتمنى أن تكون الاستجوابات في كل الأحوال أدوات إصلاح لا أدوات انتقام.
تعليقات