أســـواق السنـــدات والأوراق الماليــة
الاقتصاد الآنمايو 4, 2012, 3:33 ص 1277 مشاهدات 0
لقد تابعنا من خلال هذه الأعمدة الشهرية الأداء الشهري لأسواق السندات والأوراق المالية في المنطقة، كما ألقينا الضوء على الأحداث الرئيسية الهامة التي جرت على مدى الأسابيع القليلة الماضية. ومع ذلك، فإن الذي لم نقم به حتى الآن هو أن نسأل لماذا يجب على المستثمرين في المنطقة الاهتمام بأسواق السندات والأوراق المالية بشكل عام؟، وما هي الأسباب لتي تدفع بالعديد من المستثمرين لاختيار شراء السندات والاحتفاظ بها كجزء من محافظهم الاستثمارية؟.
وتنقسم الأسباب التي تدعو بالمستثمرين لاختيار شراء السندات والاحتفاظ بها إلى نقطتين؛ الاولى عامة وهي لماذا يجب الاقدام على شراء السندات والثانية محددة وهي لماذا يجب اختيار سندات من جهات إصدار محددة. وقبل النظر إلى أسواق السندات والأوراق المالية في المنطقة، ربما ينبغي علينا إلقاء نظرة على ماهية وطبيعة السندات وكيفية عملها.
تعمل السندات من حيث الأساس بنفس طريقة عمل القروض – حيث تقوم أنت، بصفتك كمستثمر، بإقراض المال إلى المقترض، ما يدعى بـ «جهة إصدار» السندات أو الأوراق المالية. وتحتاج الحكومات والمؤسسات على حد سواء لإصدار السندات، سواءً كانت لأغراض جمع الأموال أو لتوسيع أعمالها، مثل إنشاء مصنع جديد، أوفي حالة الحكومات، إنشاء مشروع بنية تحتية جديد. وبهذا الخصوص، يتم إطلاق السندات كمصدر تمويل لجهة الإصدار، إلى جانب القروض المصرفية والاحتياطيات النقدية التنظيمية.
وبالطبع، فإنه ينبغي إعادة سداد هذا القرض في نهاية المطاف، ويتم إصدار السندات بتاريخ استحقاق محدد يوضح موعد سداد المستحقات إلى المستثمرين. وهذا هو أحد الأسباب التي يطلق عليها اسم «سندات الدخل الثابت» حيث يكون المستثمرين على علم بمقدار الأموال التي سيحصلون عليها في حال احتفاظهم بالسندات حتى تاريخ استحقاقها.
وهذا يعني أنه إلى جانب حصول المستثمرين على فرصة الاستثمار في سندات صادرة عن جهة إصدار معينة، فإن بإمكانهم أيضاً الاستثمار في جهات الإصدار، كالسندات التي تستحق بعد 5 أو 10 سنوات، على سبيل المثال. ولا يحتاج المستثمرين إلى الاحتفاظ بتلك السندات حتى تاريخ استحقاقها، حيث أن الكثير من المستثمرين الإقليميين، إن لم يكن معظمهم، يختارون التداول بهذه السندات في الأسواق الفرعية، أي شراء وبيع السندات من أجل الربح. وقد قام HSBC مؤخراً بإطلاق برنامج للسندات للأفراد لمساعدة المستثمرين على تعزيز نشاطهم في شراء وبيع السندات الإقليمية – وبالتالي ضمان إيجاد سوق من المشترين والبائعين لكافة السندات الإقليمية. وحيث ان برنامج السندات للأفراد متواجد اصلاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد تم كذلك نشر مثل هذه السندات في كل من البحرين وقطر.
ولكن لم ينبغي على المستثمرين النظر إلى الاحتفاظ بالسندات كجزء من محافظهم الاستثمارية بشكل عام؟
لعل السبب الرئيسي هو المستوى المتوقع من المخاطر بالمقارنة مع أسهم الملكية. فالسندات تمثل الديون، أما الأسهم فهي تمثل الملكية ولذا يتم التعامل معها بشكل مختلف جداً في حالة العجز. وعندما ننظر إلى الذين يحصلون على الأرباح أولاً، نجد أن أصحاب السندات لهم الأولوية في ذلك على المساهمين. وهذا يعني أنه في أسوأ الحالات - كالإفلاس مثلاً- وبعد أن يتم دفع الأرباح لحاملي السندات، قد يتعرض أصحاب أسهم الملكية إلى خطر خسارة استثماراتهم بالكامل. وبالطبع، في حال كان العجز شديداً، وقيمة الأصول منخفضة، فقد يكون هناك أيضاً خطر تأثر أصحاب السندات بذلك– ولكنهم يبقون في مستوى افضل عن أصحاب أسهم الملكية. وهذا لا يعني أنه ينبغي على المستثمرين عدم الاحتفاظ بالأسهم – حيث العديد منها توفر أرباحاً وحقوق ملكية ثبت تاريخياً أنها وسيلة فعالة لتنمية رأس المال على المدى الطويل، فضلاً عن توفير الحماية من مخاطر التضخم. إلا أنه يتوجب على هؤلاء المستثمرين أن يكونوا واعيين للفرص التي توفرها السندات.
ثانياً، ومن منطلق «الدخل ثابت» تقدم العديد من السندات للمستثمرين إمكانية الحصول على فوائد، يتم دفعها بشكل مستمر ومنتظم وفقاً لشروط السندات بما يختلف عن حالة التذبذب في قيمة فوائد الاسهم. وهذا يعني أن أي مستثمر يختار الاستمرار بالاحتفاظ بالسندات حتى تاريخ استحقاقها على الأقل يحصل على المال مقابل للقيام بذلك.
وعندما ننظر إلى كيفية احتفاظ المستثمرين بالسندات، نجد أن العديد منهم يختار القيام بذلك من خلال صناديق السندات أو الصكوك التي يتم تصميمها خصيصاً لتوفر للمستثمرين إمكانية الوصول إلى مجموعة من الصناديق لأغراض محددة، مثل التكنولوجيا، أو العقارات. وفي حين أنها توفر تعرضاً متنوعاً لفئات المخاطر، حيث غالباً ما يتم إدارتها بشكل فعال، أي من قبل مدير الصندوق، فإن هناك رسوما مرافقة لها. ومع ذلك، فإن ما لاحظناه مؤخراً من نشاط تعاملات الأفراد في برنامجنا الخاص بالسندات هو أن عدد المستثمرين الذي يأتون إلى الفروع ويقومون بشراء سندات محددة بعد إجراء دراساتهم الخاصة بهم قد زاد بشكل كبير. وحيث اننا لا نزال في الجزء الأول من عام 2012، إلا أن عدد العملاء من الأفراد قد زاد بالفعل عن عام 2011.
وإجمالاً، فإن المستثمرين يتطلعون للتعامل مع السندات التي يفهمون طبيعتها وطريقة عملها - ما يسمى بـ «بالسندات المحلية الرائدة». وهذه هي الأسماء المحلية التي تمنح المستثمرين مستوى من الراحة في استثماراتهم. وهي غالباً ما تكون أكثر سيولةً، مما يعني أنه بإمكان المستثمرين الذين يرغبون في بيع السندات، العثور على مجموعة من المستثمرين المستعدين لشراء السندات من خلال هذا البرنامج.
لكن الاستثمار لا يقتصر على المشترين والبائعين الإقليميين. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، أظهر المستثمرون الدوليون اهتماماً واضحاً في شراء السندات الصادرة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وجزء من السبب في ذلك هو مستويات العائد المتاحة في المنطقة، وهو ما يعني أن السندات بشكل خاص تبدو مشجعة للمستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن تحقيق العائد.
ومع ذلك، أعتقد أن السعي وراء تحقيق العائد ليس سوى جزء من الرواية. فعلى الرغم من أهميته، فإن الأكثر أهمية هو أن يكون لدى المستثمرين الدوليين الثقة الكافية للاستثمار في منطقة متاحة لهم، ربما، حتى لم يختبرونها من قبل. فلقد حققت الشركات الإقليمية المصدرة للسندات خطوات كبيرة في تحسين مستويات الشفافية والتقارير، وهذا ما أدى إلى رفع سمعة الجهة المصدرة للسندات المحددة وللمنطقة بمجملها.
ثانياً، لم يمض أقل من عشر سنوات من الزمن منذ أن كانت البنوك هي الجهات الوحيدة المصدرة للسندات على المستوى الإقليمي. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، كنا قد شهدنا زيادةً كبيرة في عدد ونوع الجهات المصدرة التي قررت القدوم إلى السوق، ابتداءً بشركات المرافق العامة وانتهاءً بالشركات الإقليمية، حيث وجدت جهات الإصدار مستثمرين دوليين مستعدين لشراء سنداتها.
لذا، فإن السؤال الأخير يجب أن يكون؛ ما الذي يعيق نمو أسواق السندات الإقليمية؟
عادةً ما يتم إصدار السندات بقيمة لا تقل عن 100 ألف دولار أمريكي كحد أدنى وما فوق، مما يعني أن المستثمرين من الأفراد الذين يسعون للوصول إلى أسواق السندات من الأفضل أن يتم توفير الخدمات لهم من خلال صناديق السندات. ومع ذلك، فهي قد لا تكون المشكلة الأولى التي تواجهنا على ما يبدو. فقبل كل شيء، هناك الكثير من المستثمرين في السندات من أصحاب الثروات وذوي الخبرة، لذلك فإن قيامهم باستثمار مبلغ 100 ألف دولار أمريكي في أحد الأصول قد يتماشى بشكل جيد مع استثماراتهم الأخرى. وثانياً، تتميز هذه السندات بتداولها النشط مما يعني تمكن المستثمرين من تدوال سندات محددة تتماشى مع استراتيجيتهم الاستثمارية الكلية.
ولذلك، من الواضح أن السندات تعد خياراً هاما بالنسبة للمستثمرين الإقليميين والدوليين معاً سواءً كانوا يسعون للحصول على فوائد منتظمة أويودون التداول بالسندات بشكل فعال. ولكن الأكثر أهمية هو كيف زاد نطاق مجموعة وعمق السندات المعروضة في المنطقة، حيث أنها تقف شاهداً على نضج وأهمية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنسبة للمستثمرين الدوليين، وهذا أمر يمكننا أن نفخر به.
تعليقات