فى ايضاح لابد منه حول الوهابية والمبعدين واعدام المنيس، نجاة عبدالقادر الجاسم تطرح وجهة نظر في «وثيقة» أحمد الخطيب

زاوية الكتاب

كتب 11133 مشاهدات 0



  
 

ايضاح لابد منه حول الوهابية والمبعدين واعدام المنيس 
وجهة نظر في «وثيقة» أحمد الخطيب 
 
كتب أ.د. نجاة عبدالقادر الجاسم

يعتبر كتاب الدكتور الفاضل أحمد الخطيب «الكويت من الإمارة إلى الدولة.. ذكريات العمل الوطني» وثيقة تاريخية ذات قيمة علمية، سواء اتفق معها البعض او اختلف، فالمذكرات تعد من اهم مصادر البحث التاريخي.
ان الدكتور احمد الخطيب من الشخصيات الفاعلة على الصعيد المحلي والخارجي، وله دوره المميز في خدمة البلاد، وقد قدم الكثير من اجل القومية العربية والديمقراطية وهو احد اعمدة الدفاع عن الديمقراطية، وبعد ان قرأت الجزء الأكبر من كتابه وبصفتي مؤرخة يصعب عليّ تجاهل التعليق على قضيتين لم يشر إليهما الدكتور إلا بصورة عابرة لانه لم يكن أحد اطرافهما، لكن جاءت إشارته باسلوب لابد من التعليق عليه وذلك لكي نحفظ حق الآخر، ذلك الآخر الذي قدم الكثير حتى ننعم نحن بالديمقراطية، وهم اعضاء الحركة الاصلاحية السياسية منذ عام 1931.
لقد جاء في الصفحة «38» ما يلي: «منظر مجموعة من العائلات البائسة من رجال ونساء واطفال، وهم ينقلون بعربات الى حوطة قريبة من بيتنا كقطيع من الغنم ثم يتم نقلهم الى اول سفينة مسافرة الى ايران بحجة انهم ايرانيون ووجودهم يشكل خطراً على عروبة البلد، بحسب ما كان يؤمن به من تأثروا بالمذهب الوهابي المعادي للشيعة وبحسب التعصب القبلي العنصري السائد في الجزيرة». كان هذا كلام الدكتور الفاضل الذي اشار ايضاً الى ان هذه الحادثة «وقعت في عام1938 في زمن المجلس التشريعي» وقد يوحي ما أورده الدكتور وكأن اعضاء المجلس التشريعي عبارة عن مجموعة من المتعصبين العنصريين، صحيح انه لم يشر الى انهم وراء هذا الاجراء لكن اشارته الى المجلس التشريعي في 1938 توحي بذلك والله أعلم.
ان ما جاء في هذه الفقرة يحتاج الى تعليق مسهب ولكنني سوف اوجز ما اود طرحه على النحو التالي: لا يوجد ما يسمى «المذهب الوهابي» وهذا من الاخطاء الشائعة، فالحركة التي اسسها المرحوم محمد بن عبدالوهاب في النصف الاول من القرن الثالث عشر حركة دينية اصلاحية تدعو الى العودة الى الاسلام الصحيح، والحقيقة يطول الحديث حولها وتتعدد الآراء بشأنها ولكن المؤكد ان اطلاق «مذهب» عليها يخالف الحقيقة والواقع.
وفيما يتعلق بالترحيل الذي تم وشهده الدكتور الخطيب، فالمعروف ان الكويت قد شهدت في اعقاب الحرب العالمية الاولى تدفقاً من المهاجرين واغلبهم من ايران وكان لهذه الهجرات اثر كبير في مزاحمة الكويتيين في ارزاقهم المحدودة في ذلك الوقت، ولقد أدركت بلدية الكويت ما يشكله هذا التدفق من خطورة على الكويت في المستقبل القريب والبعيد لذلك قرر المجلس البلدي في عام 1932 معالجة الامر ومنع الهجرة الاجنبية، وبموافقة المرحوم الشيخ احمد الجابر حاكم البلاد في ذلك الوقت فقد طلب المجلس البلدي من مدير البلدية المرحوم سليمان العدساني ان يأمر كل من وصل الكويت حديثاً بمغادرتها وابلاغ اصحاب السفن التي تحمل متسللين بأن عملهم هذا يعرضهم للعقوبة الشديدة وبالفعل بدأ المدير باتخاذ الاجراءات العملية وقام بترحيل مجموعة منهم «راجع مؤلفنا بلدية الكويت في خمسين عاما». اما في عام 1938 فإن ملابسات وظروف وتطورات احداث المجلس التشريعي الاول «يونيو  - ديسمبر 1938» ثم المجلس التشريعي الثاني «ديسمبر 1938 – مارس 1939» وما تعرض له المجلس الأول من مشكلات وعقبات ومضايقات بيّن دور بعض المهاجرين الاجانب في التحالف مع خصوم المجلس التشريعي والاصلاحات فكان لذلك اثره السلبي على الكويت، ثم ان احد مطالب الحركة الاصلاحية في الثلاثينات كان اغلاق ابواب الكويت في وجه اللاجئين الاجانب الذين لا تربطهم علاقة مع الكويت، لذلك اهتم المجلس التشريعي بالامر وعمل على وقف الهجرة الاجنبية، بل ان اعضاء المجلس التشريعي وكما تذكر الوثائق البريطانية، ومذكرات المرحوم خالد العدساني سكرتير المجلس انذاك قد اتهموا احد سكرتارية الحاكم المرحوم احمد الجابر بالتعاون مع الاجانب وتنظيمهم في المعارضة ضد المجلس التشريعي. وبالتالي فإن الامر لا يرتبط بما طرحه الدكتور الفاضل، وعليه فإن القضية سياسية، اقتصادية.
وبهذه المناسبة اود ان اشير الى ما قاله الدكتور الخطيب في مجلس الأمة في عام 1963 بشأن التجنيس فقد نبه الدكتور «الى موضوع الجواز المزور وخطورة الاعتماد على الجوازات التي صرفت في السابق لمنح الجنسية لبعض الاشخاص وطلب التحقيق في هذا الامر وقال ان الشخص الذي يبرز ورقة تملك بيت يحصل على الجواز الكويتي دون تحقق وأضاف كانت هناك فئة معينة تزود العديد من المتسللين بهذه الاوراق وان البيت الواحد يؤدي الخدمة للمئات من هؤلاء المتسللين، وقال ايضا ان رغم وجود مادة صريحة في القانون تنص على انه لا يجوز اعطاء الجنسية الكويتية الا لمن يعرف اللغة العربية فقد حصلت فئة كبيرة على الجنسية رغم انها لا تعرف اللغة العربية ومن هنا تكمن الخطورة على الكويت وعروبتها». هذا هو كلام الدكتور وهي المخاوف نفسها التي كانت تراود اعضاء المجلس التشريعي، وبالتالي كيف نقول ان حجة عام 1938 تختلف عن حجة 1963؟
وللتوضيح للقارئ بشأن الجوازات المزورة سوف انقل ما قاله المرحوم سليمان المطوع وكان نائبا في مجلس الامة عام 1963 وهو من اعضاء الحركة القومية ما يلي: «ان الجوازات هناك «الامارات العربية» تباع بمبالغ بسيطة تتراوح ما بين 5 الى 20 روبية وان الكويت تريد ان تحمي نفسها وسكانها من حملة هذه الجوازات وان هناك من يأتي من ايران الى الامارات للحصول على الجواز ثم الدخول الى الكويت، هذا ما قاله المرحوم سليمان المطوع. وبهذا الصدد نود الاشارة الى ان الحكومة الكويتية نبهت السلطات في الامارات الى هذا الامر.
ونأتي الان الى الموضوع الثاني المتعلق باعدام المرحوم محمد المنيس الذي نرجو ان يحسبه الله عز وجل من الشهداء، ولا شك ان اعدامه كان خطيئة، وكان من المناصرين للحركة الاصلاحية والمجلس التشريعي وقد ألقى خطبة في اعقاب عودته من زيارة للعراق تلك الخطبة التي اثارت المشاعر، وايضا اغضبت السلطات الكويتية، وكان من الممكن ان تتم معالجة الامر والأحداث والتطورات التي شهدتها الكويت في 1938 باسلوب اخر، ولكن السؤال المطروح هو ما هو دور الدائرة المحيطة بالحاكم في هذه التطورات؟ ان التاريخ والواقع يشهد ويؤكد كل لحظة اهمية دور الجماعة المحيطة بالحكم من سكرتارية ومستشارين وان جزءاً مهماً من نجاح الحاكم وعدالته وقوته ترتبط بتأثير الدائرة المحيطة به، ففي احداث 1938 و1939 كان لتلك السكرتارية والدائرة المحيطة بالحاكم دورها وتأثيرها السلبي لذلك طالب اعضاء المجلس التشريعي بعزل سكرتارية الحاكم وهما في ذلك الوقت «الملا صالح الملا» يرحمه الله وكان سكرتيرا منذ عهد المرحوم مبارك الصباح 1896، 1915 والسكرتير الاخر كان «عزت جعفر» يرحمه الله الذي قدم الى الكويت في عام 1935 حيث اعتبر الأعضاء انهما يعرقلان الاصلاحات، وانهما يحرضان الحاكم على المجلس التشريعي والديمقراطية لذلك اصر المجلس على موقفه منهما فاظطرا الى ترك وظيفتهما لفترة الى ان تم حل المجلس التشريعي.
ومن هنا تكمن خطورة دور الدائرة المحيطة بالحاكم من مستشارين وغيرهم التي يجب ان تتجرد من مصالحها الشخصية والمادية في النصح والارشاد وتوصيل المعلومة وعدم تحريض الحاكم على الديمقراطية.. وفي الختام اتمنى ان نرى اليوم الذي تعلن فيه اسماء رجال الكويت الذين عملوا باخلاص من اجل اصلاح النظام السياسي وتحقيق الديمقراطية منذ عام 1921 وعام 1938 وعام 1939 (راجع مؤلفنا : «التطور السياسي والاقتصادي للكويت بين الحربين») في لوحة يشع منها النور لكي يتعرف الجيل الحالي والقادم على هذه الشخصيات ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم، المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، المرحوم عبدالله حمد الصقر، المرحوم سالم بوقماز، المرحوم ناصر البدر، المرحوم محمد احمد النهام، المرحوم ابراهيم المضف، المرحوم مشاري حسن البدر، المرحوم السيد علي السيد سليمان، المرحوم محمد المنيس، المرحوم محمد القطامي، المرحوم مبارك بورسلي، المرحوم سليمان العدساني،المرحوم خالد سليمان العدساني، المرحوم مشعان الخضير، المرحوم يوسف الداوود المرزوق، والمرحوم خالد عبداللطيف الحمد وغيرهم.
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك