رفض الكهرباء لـ'الصبية' كان هدفه التحضير لسرقة كبرى!

زاوية الكتاب

كتب 2126 مشاهدات 0


النهار

الخلاصة  /  ..وما أدراك ما الكهرباء!

زايد الزيد

 

لقضية التخويف و«التخريع» من انقطاعات التيار الكهربائي في الكويت تاريخ طويل، ولقد بدأت أرصده منذ نحو خمس سنوات، ففي بدايات عام 2007 كانت هناك مناقصة مشروع محطة «الصبية» لتوليد الكهرباء، وكانت طاقتها الانتاجية تبلغ 1550 ميغاوات، وقد تم ترسيتها على الشركة ذات السعر الادنى، وهي شركة «جنرال إلكتريك» الاميركية بقيمة 242 مليون دينار، فتأخرت اجراءات الترسية لشهور عدة وارتفع سعر البترول حينها، فقامت «جنرال إلكتريك» بالاعتذار عن عدم تنفيذ المشروع، فذهبت وزارة الكهرباء ولجنة المناقصات الى الشركة الثانية وهي شركة «سيمنز» الالمانية، وكان مبلغ عطائها 276 مليون دينار، وهي كانت ثاني أقل الاسعار فطلبت مبلغ 295 مليون دينار لتنفيذ المشروع (أي بزيادة قدرها 19 مليون دينار فقط) عن عرضها الأول، فرفضت وزارة الكهرباء، هذا الامر على الرغم من ان «سيمنز» علّلت هذه الزيادة بارتفاع أسعار البترول خلال تأخر اجراءات الترسية، طبعا كثيرون قبلوا تصرف الوزارة لانهم توقعوا ان تعاد المناقصة من جديد، وهو الاجراء القانوني الصحيح، ولم يكن يدور في خلد الجميع ان هذا الرفض من جانب وزارة الكهرباء ليس حرصا على تطبيق القانون بقدر ما هو التحضير لسرقة كبرى!!
في هذه الاثناء، كان مخطط السرقة الجديد يُحضّر له بشكل مدروس، فتأسست شركة اسمها «جوردان فوستر» وهي شركة أردنية رأسمالها 30 ألف دينار أردني (ما يعادل عشرة آلاف دينار كويتي)، وسجلت في جبل علي في الامارات، وقد صحا مسؤولو الكهرباء في صباح يوم من شهر مايو 2007 فوجدوا على أجهزة فاكساتهم عروضاً من هذه الشركة «جوردان فوستر» وشركتين أخريين، وقالت هذه الشركات الثلاث في عروضها «الفاكسية» بصيغ متشابهة: «نحن سمعنا انكم تواجهون مشكلة كبيرة جدا في نقص الطاقة الكهربائية وان هذا سيتسبب في انقطاع الكهرباء عن كل مناطق الكويت في الصيف المقبل!!
يا سلام.. شركات خارج الكويت سمعت عن مشكلة نقص الطاقة الكهربائية عندنا وتريد ان تنقذنا من الورطة التي نحن بها!
في هذه الاثناء بدأت وزارة الكهرباء وبتوجيه من قوى الفساد والاحتكار ترتيب حملة تخويف و«تخريع» من انقطاع التيار الكهربائي لم تشهدها البلاد من قبل، وقالوا ان صيف الكويت المقبل سيكون «حاراً» و«دامساً» و«بلا ماء» أيضا!
ووضعوا ميزانية لعملية التخويف و«التخريع» وهذا يحدث لاول مرة في العالم، هل سمعتم من قبل عن دولة وضعت ميزانية للتخويف و«التخريع»؟! أنا لا أقول للتحذير والحيطة، ابدا، أقول وأعي ذلك كانت خطة بميزانية لتخويف و«تخريع» المواطنين من حدوث شيء وهمي وسأدلل على ذلك.
هنا خرجت وزارة الكهرباء بمشروع أطلقت عليه اسم «خطة طوارئ 2007» لانقاذ البلد من الظلام الدامس ومن الحر ومن انقطاع المياه ايضا، والسؤال هو: كم تبلغ الطاقة الاجمالية التي ستتوافر للكويت من هذا «المشروع المنقذ»؟ الاجابة: 800 ميغاوات (لاحظ ان مشروع الصبية الذي ألغته الوزارة قبل شهرين تقريبا من تنفيذ خطة طوارئ 2007 يوفر 1550 ميغاوات)، والسؤال الآخر: كم تبلغ قيمة هذا «المشروع المنقذ»؟ الاجابة: 408 ملايين دينار (لاحظ ان مشروع الصبية الملغى تبلغ قيمته 295 مليون دينار)!
الآن لنتخيل الوضع بعد المقارنة:
- 1550 ميغاوات قيمتها 295 مليون دينار.
- بينما 800 ميغاوات قيمتها 408 ملايين دينار، والطامة الكبرى ان المشروع الاول كان عبارة عن توربينات جديدة، في حين «المشروع المنقذ» أتى بتوربينات سكراب وأخرى متهالكة!! فهل هناك سرقة للمال العام أوضح من هذه السرقة؟!
الأمر المضحك المبكي في آن واحد: ان التوربينات السكراب والمتهالكة لم تعمل بالطبع، ومع ذلك لم تنقطع الكهرباء!!
وجاء صيف 2009 فرتب وزير الكهرباء الاسبق مناقصة محطة الصبية وأحاطها بالسرية التامة وأنجزها في رمضان ذلك العام، على الرغم من تسجيل ديوان المحاسبة لخمس مخالفات رئيسة عليها!!
اليوم، وللأسف الشديد تقوم الاطراف المتورطة نفسها في فضيحة سكراب طوارئ 2007 بقيادة حملة جديدة لتخويف و«تخريع» المواطنين من انقطاع التيار الكهربائي.
اليوم - للأسف الشديد - تقوم شلة مشاريع الفساد نفسها في الكهرباء او في غيرها من المجالات الحيوية ذات المبالغ المالية العالية بحملة فساد جديدة وبمشاريع فساد جديدة كتمرير محطة الزور الشمالي على الرغم من مخالفتها للقانون و«تخريعنا» بانقطاع الكهرباء ان لم تمر «بطريقتهم» وليس من خلال احترام القانون!
نقول: «للأسف الشديد»، لاننا توقعنا ان الحراك الشعبي الاخير اجتث قوى الاحتكار والفساد، لكننا يبدو «لا طبنا ولا غدا الشر».

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك