المستقبل يتشكل في صناديق الانتخابات.. محمد الجادر مؤكداً

زاوية الكتاب

كتب 805 مشاهدات 0


القبس

الانتخابات المصرية

د. محمدعبد الله العبد الجادر

 

مصر وما يحدث فيها جميعنا معنيون بمتابعته، فعندما تمرض مصر، فإن العالم العربي يمرض معها، وعندما تتعافى تصدر العافية للعالمين العربي والإسلامي، الشأن المصري ليس شأناً خاصاً، ما يحدث في مصر، وبالذات في صراع الديموقراطية والانتخابات وأحكام المحاكم الجنائية والدستورية والجدل الدائر حول الجولة الأولى ونتائجها وانتظار الجولة الثانية وانتظار نتائجها.

وما زلت أتذكر جيداً الجدل والصراع اللذين دارا بيني وبين الأستاذ المشرف على دراستي للدكتوراه في إحدى الجامعات المصرية حول دراسة الانتخابات، وكانت عن الكويت وفي المجال البلدي، وكيف أنه كان مقتنعاً بأنه لا توجد انتخابات في العالم العربي، معتمداً على خبراته مع النظام القديم أو نظام الحزب الواحد، ولكنني كنت مصراً على أن دراسة عملية الانتخابات مهمة حتى ولو شابتها عوائق.

وما زلت أتذكر الصعوبات التي واجهتني كباحث في المجال الانتخابي، حيث لم أجد في العالم العربي متخصصاً في دراسة «جغرافية الانتخابات» سوى المرحوم د. جاسم كرم، وكتب عن الكويت والانتخابات البرلمانية الكويتية، وباحث يمني الجنسية هو د. عبدالجليل الصوفي تخصص في اليمن، واليوم مطلوب دراسة ما يحدث انتخابياً، فالمواطن المصري قرر أن يصوت في مجلسي الشعب والشورى، واليوم تجرى الجولة الثانية من الانتخابات، وبين مرشحين اثنين من ألوان مختلفة. لذا، فإن التحليل الاجتماعي والاقتصادي مهم كمنهج للوصول إلى قراءة متعمقة وتحليل محتوى الخطاب السياسي لكلا المرشحين، وكيف صوتت المحافظات الريفية مختلفة عن الصعيد، والمحافظات الصناعية عن الزراعية، والمدن عن القرى، وكيف صوتت المرأة المصرية، وكذلك تصويت الأقليات والطبقات الشعبية، وهل كان للخطاب الحزبي تأثير، تحليل الانتخابات المصرية علمياً يحتاج إلى وقت.

ما سيحدث في مصر في 2012/6/19 لن يكون بمعزل عن العالم العربي، ما يحدث في مصر تغيير كبير وعظيم، ونحن على مفترق طرق، فإما أمام «تركيا» جديدة في قلب العالم العربي، ديموقراطية تحرسها العسكرية المصرية، وإما امام «إيران» جديدة تحكمها مؤسسات دينية.

النظام في مصر يتشكل اليوم على أساس صراع بين الهيئات المنتخبة، ودستور لم ير النور، ولكنه بالتأكيد سيكون توافقياً، وبحجم هذه الدولة الكبيرة، إنها رياح حقيقية، ولابد من رؤية الأمور بعمق، فما يحدث في مصر ليس اختيار اسم معين أو لون معين أو فكر معين، إنها رياح تغيير جديدة في ثقافة اللون الواحد والحزب الواحد، ثقافة الاختيار ونحن جزء منها، وإذا ما تخلفت هذه العملية أو تعثرت، فسرعان ما ستنتقل هذه العثرات إلى الجيران بسرعة كبيرة.

نقولها وبكل عاطفة وعقل، إن المستقبل يتشكل في صناديق الانتخابات، وإن هواجسنا في هذه الانتخابات لا تقل عن أخواننا المصريين، ولا نملك إلا أن ندعو بأن يكون التغيير إيجابياً، وبواسطة «الصناديق»، وألا تخيب مصر ظن أبنائها العرب الذين طالما نهلوا من تعليمها وإعلامها وفنها، وأن تنعم بالاستقرار والأمان، كما كانت دائماً.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك