أزمة الاستقدام تنعش سوق تأجير الخادمات بالسعودية
الاقتصاد الآنيونيو 21, 2012, 11:50 ص 680 مشاهدات 0
تسببت أزمة الاستقدام التي تعاني منها السعودية في انتعاش سوق تأجير الخادمات على الرغم من عدم قانونيته، وجراء ذلك شهدت رواتب الخادمات المؤجرات ارتفاعاً كبيراً، وصل لأكثر من 3000 ريال شهريا، و180 ريالا عن اليوم الواحد و25 ريالا عن الساعة، وسترتفع هذه الأسعار أكثر مع قرب دخول شهر رمضان لتصل لأكثر من 5000 ريال شهريا و250 ريالا يوميا، إن وجدت خادمة تقبل بالعمل اليومي، لتزايد حاجة الأسر السعودية لخدماتهن.
وعلى الرغم من أن القانون السعودي يمنع مثل هذه الممارسات كونه يشترط أن تعمل الخادمة لدى مكفولها فقط ويعاقب بغرامة 30 ألف ريال على المخالف، مع منعه من الاستقدام لخمس سنوات؛ إلا أن الحاجة وشح الخادمات دفع الكثير من الأسر إلى المخاطرة، ناهيك عن انتعاش سوق تهريب الخادمات من منازل مكفوليهم وتأجيرهم عبر سماسرة غير شرعيين وإجبارهن على مزاولة الخدمة في الكثير من البيوت.
ارتفاع تكاليف الاستقدام
وعزا عدد من المواطنين اضطرارهم إلى تشغيل الخادمة المخالفة، خاصة مع قرب شهر رمضان أو موسم الصيف، الذي تزيد فيه الأعباء المنزلية والمناسبات ويؤكدن أن ارتفاع تكاليف استقدام العمالة المنزلية مرتفعة جدا، الذي تتجاوز الـ18 ألف ريال عدا الرسوم الأخرى، قادهم قسرا لاستئجارهن.
ويؤكد مدير الاستقدام بمنطقة مكة عبدالله العليان على أن هذه الممارسات غير قانونية ويقول لـ'العربية.نت': 'تأجير الخادمات غير مسموح به إلا للشركات الجديدة التي ستبدأ عملها قريبا، أما الأفراد فقد حصلوا على تأجير الخادمات لأنفسهم ولا يحق لهم تأجيرها للغير حتى ولو وافقت الخادمة'.
ويتابع: 'هناك نظام الإعارة وهو للأقرباء من الدرجة الأولى فقط، أما التأجير الموجود الآن فهو غير نظامي'.
ويضيف متحدثا عن أسباب الظاهرة: 'انتشرت الظاهرة لأسباب أهمها التباهي لدى بعض الأسر بكثرة الخادمات، وأيضا هناك من يتساهل في الحصول على خادمة مؤجرة بدلا من استقدامها من الخارج، وهذا الأمر هو ما يشجع الخادمات على الهروب لأنها ستحصل على راتب أعلى من عملها الجديد.
مصدر دخل للأسر المعدمة
لم يعد الأمر مقتصرا على تهريب الخادمات من منازلهن وتأجيرهن عل يد سماسرة غير شرعيين، بل باتت كثير من الأسر السعودية المعدمة تعتمد على تأجير خادماتهن للغير مقابل مبالغ كبيرة تعتبر المصدر الوحيد لهم للدخل، فتقول أم ناصر وهي عجوز في الستين من عمرها تحدثت لـ'العربية.نت': 'دخلي الأساسي هو من تأجير خادمتي بـ3200 ريال شهريا وهو أمر تم بالاتفاق معها بعد زيادة راتبها الى 1200 ريال بدلا من 800'.
وتضيف بلهجة منكسرة: 'أعرف أنه أمر غير قانوني ولكني لم أجد طريقة أخرى لتوفير لقمة العيش لي ولأولادي بعد أن سدت كل الطرق في وجوهنا ولولا هذه الخادمة لما وجدنا ما نأكله'.
فيما تقول سارة التي تمتهن التأجير كمصدر دخل لها ولعائلتها: 'نحن نقوم بتوفير خدمة للأسر السعودية المحتاجة، فالكل يعلم الآن أن أسعار الاستقدام وصلت لأرقام خيالية لا أحد يستطيع التعامل معها، مع عدم وجود دول جيدة بعد إيقاف الاستقدام من الفلبين وإندونيسيا ونيبال، وبدلا من أن تلجأ الأسر الي سماسرة مخالفين للأنظمة نقوم نحن بتوفير خادمات مضمونات للجميع. أليس هذا أفضل من تشغيل خادمات هاربات؟'.
وتتابع متحدثة عن ارتفاع الأسعار: 'أنا دفعت 16 ألف ريال لاستقدام الخادمة ولدي مصاريف كثيرة كراتبها وأكلها وشربها وعلاجها إضافة الى أنني أدفع لها راتبا أعلى من المعتاد ولو حسبت كل هذا لوجدت أنني اتقاضى مبلغا بسيطا عن كل خادمة مع أنني أخاطر في هذا المجال'.
زيادة الطلب
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك يزداد الطلب على تأجير الخادمات مما يرفع الأسعار أكثر، وتقول أم محمد وهي سعودية تؤجر أربع خادمات يوميا: 'يعتبر شهر رمضان موسما حقيقيا لتأجير الخادمات، فحتى المنازل التي تملك خادمة تريد أن تستأجر خادمة أو خادمتين كي يساعدن في أعباء المنزل'، مشيرة إلى أن حجم الطبخ في رمضان يتضاعف مرات عدة عن الشهور الأخرى.
وتضيف: 'بسبب احتياج الأسر للخادمات في رمضان نقوم برفع السعر اليومي من 180 ريالا الى 250'. وعن تكبد بعض الأسر لخسائر مالية تقول: 'إن من يطلب الخادمات في شهر رمضان يضع لهن ميزانية خاصة تحتسب مع ميزانية الأكل والشرب.
محاولة تجميل
وتقول أم فهد وهي سعودية تؤجر عددا كبيرا من الخادمات بنظام الساعات: 'أشرف على سبع خادمات يتم تأجيرهن، وأحصل على أجر نظير تلك الإدارة التي أقوم بها'، مضيفة 'إن أهم شيء في هذا العمل الذي أعتبره حساسا وخطرا هو التأكد من حسن سيرة وسلوك أفراد العائلة التي ستعمل معها الخادمة'، مشددة على احتياج الأسر للخادمات المؤجرات، وبخاصة بالنسبة للسعوديات الموظفات، إذ يحتم وضعهن عليهن استخدام الخادمة المستأجرة لساعة أو أكثر.
وتحاول أم فهد تجميل 'الصورة لتأجير الخادمات' بالحديث عن حصول الخادمة على راتب أعلى، إلا أن خادمات يعملن بنظام التأجير 'غير الرسمي' يبدين احتجاجا من ذلك، وبخاصة أنهن في الغالب لا يتقاضين أجرا غير الراتب المعتاد المقدر ب800 ريال في الشهر، وتضيف أم فهد: 'إن بعض المؤجرات ينتهكن حق الخادمة في النسبة التي تحصل عليها، والتي نقدرها بـ20% من أصل الأجر المتحقق إضافة لراتبها الثابت'، بيد أن الخادمة سمياتي (من النيبال) تقول: 'إن نسبة الـ20% قليلة مقارنة بالعمل المتعب جدا لنا كخادمات'.
ولا تبدي كثير من الخادمات رضاهن عن الوضع، إذ تؤكد الخادمة محبوبة (من إثيوبيا) على أن أعمال المنزل مرهقة جداً مشيرةً إلى أنهن: 'يعملن في بعض الأيام في منزلين في يوم واحد بعد التفاهم على عدد الساعات التي تقضيها لدى كل منزل'. مضيفةً 'غالباً لا نتمكن من النوم جيداً عندما يتم تأجيرنا لأكثر من منزل طالما أننا لم ننهِ تنظيف البيت الذي نعمل فيه'.
وتتابع محبوبة في شكواها: 'بالرغم من أن النظام حدد في عقود الخادمات مقدار عملهن في اليوم بـ 8 ساعات، وكفل حقهن في أخذ إجازة يوم واحد من كل أسبوع، إلا أن التطبيق العملي لنظام تأجير الخادمات على المنازل في اليوم لم يلتزم بذلك.
نظام جديد
يتوقع أن تتقلص هذه الظاهرة بشكل كبير خلال الشهرين المقبلين مع بدء شركات الاستقدام التي تقوم بتأجير الخادمات بشكل رسمي، وبأسعار يتوقع أن تكون أقل بكثير من التي يتقاضاها المؤجرون الحاليين خاصة مع دخول دول جديدة للسوق السعودية مثل فيتنام وكمبوديا.
وكشف رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام في مجلس الغرف السعودية سعد البداح أن عمل الشركة السعودية للاستقدام التي هو مديرها التنفيذي سيبدأ قبل حلول رمضان بأسبوعين. ويقول :'فتحت أولى شركات الاستقدام في السعودية أبوابها أمام السعوديين، في مرحلة جديدة لآلية الاستقدام في الحصول على العمالة في السعودية، تغلق معها الآلية القديمة التي أفرزت السماسرة والمكاتب الوهمية'، وأشاعت الفوضى في سوق العمل'.
وتوقع البداح أن تصل العمالة إلى البلاد عبر شركة الاستقدام الجديدة قبل رمضان بأسبوعين، و سيكون تقديم طلبات الحجز للحصول على العمالة عن طريق موقع الشركة على الإنترنت.
ويشدد البداح على أن الشركات الجديدة ستساعد على طرد السماسرة من سوق التأجير وتساهم في خفض الأسعار أكثر، ويضيف: 'ستخرج الشركات السماسرة وتجار الشنطة وبعض المكاتب التي كانت تتسبب في رفع الأسعار على المواطن وآخرها عندما خفضت اللجنة رسوم الاستقدام من 9 آلاف إلى 6 آلاف ريال، ثم عادت بسبب المزاودات حتى وصلت إلى 18 ألف ريال'.
وشدد رئيس الشركة السعودية للاستقدام على أن الشركات الجديدة: 'ستقضي على ظاهرة الهروب، مؤكدا على أن من يهرب لن يجد من يشغله، لأن الشركات ستعمل على توفير الأيدي العاملة لتلبية حاجة المواطن'.
تعليقات