يعقوب العوضي يبين أسباب انهيار الدول
زاوية الكتابكتب يونيو 24, 2007, 7:21 ص 526 مشاهدات 0
الانهيار والأسباب
لعله من نافل القول ان سقوط الدول وانهيارها يعود الى اسباب عدة وأهمها انتشار
الفساد بأنواعه في جميع مرافق البلاد وعلى كل المستويات بما في ذلك انهيار الاخلاق،
والملاحظ في هذا الشأن سقوط عدد من الدول بسبب هذا الامر، وخصوصا الدول المتخلفة
التي دائما ما يسعى قادتها العسكريون في القيام بانقلاب عسكري يطيح بالفئة الحاكمة،
مبررين انقلابهم في القضاء على الفساد، وهكذا تستمر العمليات الانقلابية للسبب نفسه
في هذه الدول.
وهذا أمر طبيعي في شأن الدول الانقلابية وبالذات العربية بعد الفوران السياسي
الهائج الذي صاحب انسحاب الدول الاستعمارية من البلاد العربية المستعمرة بعد الحرب
العالمية الثانية. وقد هدأت موجة الانقلابات المتلاحقة التي وقعت في خلال عقود
الاربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي واتجه بعض حكام هذه
الدول الى ما يسمى بالديموقراطية وادعائها بمشاركة الشعب في الحكم، إلا ان غالبية
هذه الديموقراطيات العربية، ديموقراطيات هشة سريعة الهدم والعطب، وليست هناك مشاركة
شعبية في الحكم مع النخبة الحاكمة.
ونحن إذا نظرنا الى الدول العربية برمتها لا نجد لمثل هذه الديموقراطيات حقيقة
واقعة على الاوضاع السياسية في شكلها الصحيح، فمعظم ديموقراطياتها عبارة عن صور
كرتونية سهلة الكسر،وتواجدها يقتصر على اسكات الناس المناوئين لحكم هذه النخب، هذا
في ما يتعلق بالدول الثورية التي قامت بعد انسحاب الاستعمار الاجنبي منها، أما بقية
الدول الاخرى التي أطلق عليها لفظ الدول الرجعية في خمسينات القرن الماضي، فقد أخذ
الفساد في انتشاره بين ساستها وبين القوى المتنفذة فيها، واتجه الى أعمدة نظام
الدول الاساسية فيها كالنظام السياسي والمالي والقضائي والاداري والاخلاقي وأخذ
ينخر في أساساتها ويحفر بناءها ويجعلها مثل «منسأة» عصاة نبي الله سليمان عليه
السلام التي نخرتها دابة الارض.
وبطبيعة الحال، فالانهيار لا يبدأ فور بداية الفساد فلابد من وقت كي يؤتي الفساد
أكله، وقد بدا الفساد لدينا في البلاد وجميع المخلصين من أهل الكويت ينادون بالقضاء
على هذه الآفة المدمرة لكيان الامة وأخلاق الناس. وقد اخترق الفساد الكثير من
المؤسسات المالية والادارية، كما مس النظام القضائي في حكم المحكمة الشهير الذي صدر
في قضية الناقلات من دون تاريخ مما اسقط عدم كتابة التاريخ القضية برمتها وسقط معها
حق الشعب في استرداد أمواله.
واختراق الفساد للمؤسسات العامة والخاصة هو بداية السقوط والانهيار ولعل المتذكرين
من الرجال الذين عاشوا فترة انهيار بنك «انترا» في لبنان الذي كانت تساهم فيه
الكويت بنسبة كبيرة في ستينات القرن الماضي، يعون خلفيات انهيار هذا البنك العظيم
الذي كان يضرب به المثل في الاستثمار الصحيح ولكن عندما بدأ الفساد ينخر فيه
واستمراره في التآكل المالي حتى أصبح خاليا من النظافة والامانة والاخلاص والذمة
والضمير، واصبحت خزائنه خاوية من أموالها من جراء سرقتها، انهار مدمرا استثمارات
الذين ساهموا في تأسيسه، والذين أودعوا أموالهم فيه كأمنات واستثمار. وهذا مثال وان
كان قديما نسبيا إلا ان الكثيرين من الذين عاصروا ذلك الوقت يتذكرون ما حصل لهذا
البنك الكبير، بعكس بعض البنوك الوطنية في البلاد التي لم تزل تعمل بوفاء وأمانة
وتحافظ على ثروات المساهمين والمواطنين وتنميها وتزيد من استثماراتها، إذ ان الفساد
لا يمكن ان يعشش في مكان نظيف وادارة مخلصة وبيئة راقية في الصدق والتعامل والعطاء،
فالفساد هو أساس انهيار الدول والمؤسسات والشركات.
واعتقد ان كثيرين من الناس يتفقون معي في شأن هذا الموضوع في صورته التي تظهر دائما
عليهم في اشكال متعددة منه، وما نتمناه ان تكون هناك عظة وعبرة لكل شخص يحمل أمانة
العمل الوطني ويكون عطاؤه بمقدار اخلاصه لهذا البلد الطيب.
كاتب كويتي
الراي
تعليقات