احذروا من الخروقات القانونية للإنتخابات النيابية.. بقلم د. محمود ملحم
الاقتصاد الآنسبتمبر 5, 2012, 5:01 م 2390 مشاهدات 0
بات من الواضح بأن المرشحين للأنتخابات النيابيه وفي اي مكان في العالم العربي مسيطر عليهم قانونا وبالنص الذي يحكم الأنفاق في الأنتخابات . ولكن وبسبب حاجتهم إلى حشد الدعم المالي لحملاتهم الانتخابية ,فيكونون في موقف معرض للخطر, لذلك يعمدون الى سياسة التمويه . شركات تمول مثلا , اشخاص تمول مثلا . وفي الختام كل الممولين للحملات الأنتخابيه ينتمون الى جمعيات خيريه برأيهم . لان الناخبين لا يطلعون على شيء سوى الأسم والكنيه والأرث السياسي . وهم كما يتضح يظهرون بعد حصولهم على الدعم من طرف ما, يعملون لصالح الطرف الذي قام بتمويل حملاتهم،لان ليس هنالك شيء في بلاش وهو ما يفتح المجال للحديث عن فسادسياسي بالمعنى القانوني . ان مراقبة الإنفاق في الأنتخابات النيابيه كانت اول مبادرة في العالم العربي . مبادة قعليه مكتوبه ؟شحنت لها العزائم . والدعاية والصور التذكاريه . مبادرة أطلقتها الجمية اللبنانية لتعزيز الشفافية و ذلك بالتعاون مع 'الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، وبدعم من سفارة المملكة المتحدة في بيروت، معهد المجتمع المفتوح، برنامج غلين بيري لتمويل السلام و الأمن العالميين عن طريق السفارة الكندية في بيروت.وقد كان هدف هذا المشروع مراقبة الإنفاق الانتخابي خلال الانتخابات البرلمانية من أجل ضمان أن تكون إدارة العملية الانتخابية نزيهة وملتزمة بمبادئ الديمقراطية التي تدعو إلى الحكم الرشيد. وكانت هذه المبادرة الاولى من نوعها في لبنان فضلا' عن المنطقة العربية. وبقيت كذلك . إن منع استخدام الوسائل غير المشروعة في الحملات الانتخابية وسيلة اتجهت إليها معظم التشريعات في الدول الديموقراطية وخاصة قضاءها، وذلك لتقليص فرص التمايز بين المرشحين غير المبنية على الكفاءة الشخصية والتوجه السياسي، والتي تؤثر بالتالي في قناعات الناخبين تأثيرا غير مبرر. فمن هذه الوسائل الرشوة ودفع الأموال التي تشكل خطرا كبيرا على صحة ونزاهة الانتخابات النيابية والتي تعيب بدورها الديموقراطية نفسها. فالقانون البلجيكي الصادر سنة 1867 والقانون الإنجليزي يعتبران أن إقامة الولائم وتقديم وسائل النقل للناخبين من الرشوة التي تسيء إلى شرف الناخب وتعطل إرادته وتؤثر على الرغبة في الانتخاب. أما في فرنسا فقد قضت محاكمها بأن تبرع أحد المرشحين لإعادة بناء إحدى الكنائس للتأثير على ناخبي المدينة يعتبر من أعمال الرشوة المبطلة للانتخاب. كما اعتبرت الجمعية الوطنية الفرنسية أن تصريح المرشح بأنه سيتخلى عن مخصصاته المالية لصالح بلديات أو جمعيات في دائرته الانتخابية يطعن في صحة الانتخابات. وقد قضى مجلس الشورى الفرنسي سنة 1984 ان تقديم الطعام والمشروب للناخبين في الأماكن العامة حيلة تبطل الانتخابات، وقد كان لهذا الحكم الصدى الكبير والذي كرس فيما بعد ليتحول الى عرف عادي متداول حتى الفرنسيون أنفسهم أدركوا أبعاده. أما في لبنان فحدث ولا حرج، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة في أخطر ظاهرة في العالم عندما نقول ان القانون تحول الى وجهة نظر. نعم القانون في لبنان وجهة نظر. ففي الانتخابات الأخيرة حكي عن مئات الملايين من الدولارات. الاحتفالات والولائم. المرشحون الذين يسيروا وسائل النقل للناخبين من بيوتهم الى أقلام الاقتراع وبالعكس. وفي الختام لم نسمع إبطال عضوية أي مرشح. مع أن الموضوع كان على عينك يا تاجر وفي ختام الانتخابات ظهر أركان القانون في لبنان ليدافع كل من طرفه عن حقه ليتحول بالفعل القانون الى وجهة نظر في لبنان. إن أجمل ما قرأت عن الدكتور الأستاذ ادمون رباط عندما نجد ان صاحب الملايين يستطيع أن يصبح نائبا بسهولة، وان يشتري الأصوات بوقاحة وذلك بأتباع الأساليب غير المباشرة، وان يفكر بالوزارة والنيابة، فكيف نستطيع ان نجعل شبيبتنا مؤمنة بالقيم الأخلاقية التي نتغنى بها. كيف نستطيع أن نجعل الشعب مؤمنا بنوابه. إن معدل النفقات المالية على الانتخابات في لبنان هو نسبيا من أعلى المعدلات بالعالم ويبقى القانون في لبنان وجهة نظر. لذلك من المهم أن يكون هنالك قانون يحدد موضوع النفقات الانتخابية، وذلك من أجل معالجة التفاوت في القدرات المالية للمرشحين. ومن المؤسف ألا يتضمن قانون الانتخاب رقم 171 تاريخ 6-1-2001 والذي جرت الانتخابات على أساسه أي نصوص تتعلق بمصاريف الحملة الانتخابية وسقفها. أو بتكافؤ الفرص في الاعلام والإعلان بين المرشحين. بل ان الحكومة عمدت في لبنان الى اعداد مشروع قانون يتعلق بالمصاريف الانتخابية، وقد أحيل إلى المجلس النيابي بمرسوم رقم 2299 ويسجل بتاريخ 2-5-2000 ليكرس بالمطلق مبدأ أن القانون في لبنان أصبح وجهة نظر. هذا المشروع الذي أحيل إلى لجنة الإدارة والعدل والذي أصلا لم يدرس وقد حمل في حينها رئيس الوزراء اللبناني الدكتور سليم الحص المسؤولية للمجلس النيابي، والذي ذكر أن الحكومة لم تصر على القانون كما سبق لها وأصرت فيما مضى لأن القانون في لبنان وجهة نظر. إن عدم تحديد سقف للنفقات الانتخابية في الدول العربية سيؤدي وبدون تردد إلى استعمال المال كعنصر أساسي في الانتخابات البرلمانية، خاصة في ظل الظروف الصعبة الاقتصادية والاجتماعية والتي يعيشها عالمنا العربي. إذن لابد من تحديد حجم الإنفاق في الدول العربية، ولكن بالتطبيق لا بالنص، وذلك لكي لا يتحول القانون الى وجهة نظر على غرار لبنان. صدق الرئيس د.سليم الحص عندما قال ان الإنفاق في الانتخابات النيابية في لبنان وحده يفوق ما انفق على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. كرست هذه المقولة مبدأ ان القانون وجهة نظر، لأن كرسي المجلس في لبنان أصبح ارثا يوصى به كما يوصى في أي منقول أو غيره. في الختام وكما في كل ختام جل ما نتمنى لهذا البلد الكريم العز والتقدم والازدهار لتبقى الكويت كما كانت الله حاميها.
بقلم المستشار القانوني الدكتور محمود ملحم
تعليقات