«الهاوية المالية» خطر حقيقي يهدد الولايات المتحدة بقلم جيليان تيت
الاقتصاد الآنسبتمبر 9, 2012, 3:32 م 1004 مشاهدات 0
هل أمريكا في طريقها للسقوط في هاوية مالية؟ بدأ هذا يصبح السؤال الشاغل لواشنطن وبورصة وول ستريت. ولأن القضايا المالية تنتقل إلى مركز الصدارة في انتخابات 2012، فمن المحتمل لأمريكا أن تواجه ثلاث صدمات مفزعة.
من المقرر أن تنتهي التخفيضات الضريبية التي بدأت منذ عهد الرئيس بوش، في الأول من كانون الثاني (يناير) 2013، في الوقت نفسه الذي تبدأ فيه تلقائيا مالية صارمة التي تم الاتفاق عليها في العام الماضي. وهذا يعادل زيادة في معدل الضرائب بنحو 400 مليار دولار، وتخفيضات في الإنفاق تصل إلى 200 مليار دولار، تعادل أكثر من 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ولو لم يكن هذا سيئا بما فيه الكفاية، ففي أوائل عام 2013، ستضرب أمريكا سقف الديون المقدر بـ 16.4 تريليون دولار، ما يعني أن الخزانة لن تستطيع إصدار مزيد من السندات إلا إذا رفع الكونجرس السقف. لا عجب إذن، في إعراب رجال الأعمال عن كثير من المخاوف بشأن هذه 'الهاوية' خلال تقارير الأرباح الأخيرة. أو في مناشدة كثيرين منهم الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، اتخاذ إجراءات للتعويض عن هذه الصدمة المحتملة. ووفقا لملاحظة من لويد بلانكفين، رئيس بنك جولدمان ساكس، مؤخرا 'الهاوية المالية خلقت حالة عدم يقين كبرى في العالم'. وقال مورجان ستانلي إن 40 في المائة من الشركات تؤخر الاستثمارات لأنها خائفة من ركود كبيرة إذا ما سقطت أمريكا من هذه الحافة. لكن وسط كل هذا الكلام والإعلانات، يوجد تهديد آخر، أكثر خبثا - لكنه من المرجح أن يحدث - من شأنه أن يقلق المستثمرين. إذا كان السيناريو الأول هو السقوط إلى هاوية بلا غرار، فالسيناريو الثاني هو القيمة المالية المعادلة لهذا السقوط. ويبدو أن هناك فرصة لصفقة مالية بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، قبل انتخابات السادس من تشرين الثاني (نوفمبر). ويمكن لأي شخص أن يخمن إذا ما كان سيتم عقد هذه الصفقة خلال دورة الكونجرس الموشكة على الانتهاء ـ قبل بدء الفترة الرئاسية المقبلة في تشرين الثاني (يناير).
لكن حتى مع عدم التوصل إلى مثل هذه الصفقة، يعتقد معظم المراقبين في واشنطن بأن 'إنقاذا مؤقتا' سيظهر قبل أول كانون الثاني (يناير)، أو بعده مباشرة. وقد تتحرك واشنطن بحذر عند أطراف هذه الهاوية المالية، أو حتى تسير لفترة مؤقتة فوق الحافة تماما. لكن إذا ما اتخذنا التاريخ دليلا، يمكن التوصل إلى تسوية في آخر لحظة والعودة مرة أخرى عن منطقة الخطر. وما يلوح في الأفق حقا هو فترة يتم فيها الاقتراب من الهاوية، والأزمات المالية المتقطعة، والتقلبات المالية بالدرجة التي يمكن أن تروِّع أكثر القافزين احترافا.
هل يهم ذلك حقا؟ يمكن أن يصر المتفائلون المتعصبون على أنه لا يهم. ففي النهاية، فقد مرت واشنطن بالعديد من مثل هذه الأمور من قبل. فالبنية الحكومية بكل ما فيها من أدوات للضبط وإحداث التوازن تشجع مثل هذا الأمر في الغالب. مثلا، في الصيف الماضي تعاملت الحكومة الفيدرالية مع حالة تخلف فني عن سداد سنداتها بسبب عدم موافقة الكونجرس على تمديد سقف الديون الأخير – إلى أن أمكن الوصول إلى عملية إنقاذ. وفي الربيع، أغلقت أجزاء من الحكومة أبوابها لمدة قصيرة، لأنه لم يكون هناك إصدار للميزانية.
ومثل هذه الإغلاقات حدثت في 1995 و1996 في ظل حكم الرئيس كلينتون وكذلك في بعض الولايات.
وهناك قليل من الدلائل على أن حافة الهاوية هذه نتجت عنها أضرار اقتصادية دائمة. ويعود ذلك تحديدا لأن الأمر حدث من قبل، فقد أصبحت الوكالات الحكومية جيدة في التأقلم مع الأمر. وبالطبع يصر بعض المسؤولين - بطريقة تفاؤلية - على أن المرحلة المقبلة من حافة الهاوية يمكن أن تكون أقل ثارة للصدمة عن ذي قبل. ويتناقش الحزبان، الجمهوري الديمقراطي - أو يتجادلان ـ حول القضايا المالية لمدة عامين الآن. وما يسمى 'عصابة السناتورات الستة' الذين حاولوا التوصل إلى تسوية مالية بين الحزبين خلال العام الماضي وفشلوا، يتحدثون الآن مرة أخرى في مجموعة واسعة النطاق (تعرف باسم 'عصابة الثماني، أو عصابة الأربعين'). وهذا قد يمكن من التوصل إلى اتفاق سريعا - إذا حلت أي أزمات. 'فالكل يعرف أننا يجب أن نتعامل مع هذا الأمر،' وفقما شدد عليه مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية. ومع ذلك ، ما يجعل الوضع الحالي أكثر تكلفة عن ذي قبل، ليس فقط درجة الاستقطاب السياسي، ولكن المناخ الواسع النطاق من عدم ارتياح السوق. ومع وجود ثقة المستهلك والشركات عند مستوى ضعيف بالفعل والنمو الاقتصادي منخفضا، فان الوقت ليس ملائما للأزمات المتكررة، خصوصا إذا كان التخلص منها سيأخذ وقتا طويلا. ولسوء الحظ، حتى الآن حافة الهاوية الموسعة تبدو وكأنها بالضبط هي ما تتوقعه الأسواق حاليا. وتشير دراسة إحصائية حديثة أجراها سيتي جروب، مثلا إلى أن تسعة من كل عشرة من محللي الأسهم يعتقدون أن الحكومة الأمريكية سوف تتعامل مع هذه الهاوية عن طريق تأجيل التدابير المالية المشددة مؤقتا، وبالتالي تأجيل القرارات الصعبة حتى 2013. ويبدو أن حافة الهاوية يمكن أن تتكاثر لتجلب حافات هاوية أخريات في المستقبل. ربما يكون ذلك أفضل من السقوط في الهاوية. وإذا لم يكن شيء آخر، فسينتج عن الأزمات المتكررة قرارات ميزانية دون المستوى. أو، وفقا للتعليق الأخير الذي أدلى به روب بورتمان، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أوهايو 'إن التهديدات بالإغلاقات الحكومية، يخوف النواب من التوقيع على فواتير الإنفاق ذات الصيغة السيئة، أو التي فيها خرق للميزانية'.
والأكثر خبثا هو أنه كلما ازدادت الهاوية سوءا، أدت إلى تآكل ثقة السوق، ما يخلق مخاطر وقوع حوادث في نهاية المطاف وهذا بدوره يثير حالة ذعر في سندات الخزانة، أو في فئات أصول أخرى. ووفقا لملاحظات رئيس بنك احتياطي فيدرالي إقليمي 'إذا كنت ستقفز بالحبل إلى الهاوية، مرارا وتكرارا، فالأفضل أن تأمل أن يصمد الحبل'. أيها السياسيون - والمستثمرون- يرجى الملاحظة.
تعليقات