ماذا يُكتب للمنطقة العربية؟الطراح متسائلاً
زاوية الكتابكتب سبتمبر 19, 2012, 2:33 م 756 مشاهدات 0
مقتل السفير الأميركي في ليبيا، والتفجيرات المستمرة في سوريا، والتوتر الإقليمي في الخليج، وغياب الاستقرار في العراق، والتطورات نحو المجهول في الكويت، والمطالبات المشبوهة في البحرين، والانقسامات الفئوية الآخذة في التصاعد في أكثر من بلد عربي... كلها تدفع للتساؤل: ماذا يكتب للمنطقة العربية؟
العراق كان المدخل حيث حدث ما حدث وانتهى عهد صدّام، وجاءت الديمقراطية لتخلق مواجهات فئوية. أما في سوريا فيتجمد الموقف، ولا عودة للنظام كما كان، ولا توحّد بين المعارضة، والفشل يحوم في الأجواء والخوف هو من أن تتمزق سوريا كما حدث للعراق. ولن ينتهي المشهد في حدود سوريا، فالعاقل يحسب المتغيرات ويستنبط ما هو قادم.
في ظل هذه الخربشة، ماذا ينتظر الخليج العربي؟ دول الخليج تشكل عصب الاقتصاد العالمي، والنزاع يشتد أحياناً نتيجة لغياب التنسيق بين دول مجلس التعاون. لقد طُرحت فكرة الاتحاد من المملكة العربية السعودية، فجاءت الاستجابات على حياء بين موافق وراغب ومعترض ورافض، رغم تعرض المنطقة على مر التاريخ لصراعات كبيرة وصلت حد غزو صدّام للكويت، ورغم عودة الشرعية في الكويت فإن العبثية سادت والخربشة زادت والتناقضات سطت في رسم السياسات، والرشد ينكمش في صنع القرارات... وهكذا يستمر خراب الجسد دون أن يدرك العقلاء ترابط أعضائه.
إنه العبث حين يلعب بالأوطان، بسبب قصر النظر لدى ساستها، فهم يرسمون دون أن يعوا بأنها خربشات على جدار الوطن، تشوهه ولا تزينه، فتتعرض روح الوطن للطعنات، وما أشد طعنات الأقرباء ممن يتوقع منهم الحرص على روح الوطن. وترجع بي الذاكرة هنا إلى إشفاق الجبال من تحمل الأمانة وأستغرب من بعض المؤتمنين على الأوطان، وقد حولوها إلى لعبة تسليهم. الحيرة كبيرة والتساؤلات كثيرة، وعقل الرشد ينكمش، فلا يفكر البعض إلا في حدود الخربشة.
للأوطان روح وجسد، وهي تحس كما يحس الإنسان، تمرض وتموت مثله. لكن مرض الأفراد يشكل جزئية بسيطة بالنسبة لمرض الأوطان، فمرضها مرض لأهلها كلهم وموتها موت لهم جميعاً. إن الوطن يحيا بنا ونحيا به، ولا يحتاج الأمر لذكاء كبير كي نفهم كيف نحافظ على الأوطان في عصر 'الربيع العربي'. البعض يتسلون برقصات أوطانهم، والبعض يقطفون ثماراً ليست لهم، ويسرقون حق البقية غير مبالين، مأخوذين بوهج المال الذي يرونه حياتهم، وينسون كم هو رخيص ذلك المال أمام خسارة حبة من تراب الوطن. وتلك هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير في بلاد 'الربيع العربي'. فقصيرو النظر لا يحمون الأوطان، لكن لابد للعقل أن يرجع، ومهما طال غيابه فعودته غير مستحيلة، وسيعود في زمنه المقدر.
أرفع يدي إلى السماء لعلها تمطرنا عقلاء، وأطلب الصفح عنهم، وإن انفرطت سبحة الوطن، فالوقت مازال يدق الباب ويقول: يكفي، لقد ضيعتم الكثير، وتعلّمتم القليل، والأمانات ثقيلة وكبيرة وقد عجزت الجبال عن حملها، والرياح عاتية، فاستفيقوا من سباتكم ولعل الله يرأف بنا ويمسح على قلوبكم وعقولكم، لتعرفوا أننا شركاء في الوطن!
تعليقات