الأرنب العزيز

زاوية الكتاب

كتب 1576 مشاهدات 0


 

 

 

 

 

 

أتذكر الآن و بشكلٍ جيد قصة الأرنب التي كانت تحكيها لنا المعلمة و نحن في مرحلة رياض الأطفال !
 
حيث كان يعيش الأرنب في إهمال و قذارة ، فقرر أهل القرية تركه و نقل منازلهم من حوله هرباً من الرائحة الكريهة و الأمراض بعد أن جاهدوا لمنعه عن هذه العيشة المقززة التي يرفضها ديننا الحنيف ، في نهاية القصة مرض جارهم الأرنب فبدأ أهل القرية حملة للنظافة انطلقت من خارج المنزل وصولاً لجارهم المثقل بالأمراض .
 
الآن بعد أكثر من عشرون عاماً فهمت فحوا القصة بشكل مغاير عن فهمي لها سابقاً بعد أن بحثت في الأسباب التي أدت بالأرنب الجميل للعيش وسط القمامة !
 
أنا مستوعب استغرابكم للأمر فليس من الطبيعي أن يقبل أحد علي نفسه هذه الحياة كما أن الله غز وجل يحدثنا في محكم كتابه العزيز قائلاً (( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِنَ السَّمَآءِ مَآءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاَقْدَامَ(الانفال11) )) فلو بحثتم كما بحثت بين جيران الأرنب العزيز ربما وصلتم لنفس النتيجة ، تعرفت على الفأر القبيح ذو البشرة الرمادية الكئيبة الذي كان يأكل في بيت الأرنب كل ليلة و يحسده على جماله و لون بشرته البيضاء المائلة للزهري مما كان يؤثر سلباً في نفسية الأرنب العزيز ، كما تعرفت على الطاووس المغرور بلون ريشه الجميل و مكانته الاجتماعية المرموقة بين سكان الحي مما كان يؤثر سلباً في أعماق الأرنب العزيز ، أيضاً تعرفت على ذلك المكار الذئب ذو الذكاء الخارق الذي كان يصاحب الأرنب ليقتنص الفرصة المناسبة و ينقض عليه و يجعل منه وجبة شهية مما كان يجعل الأرنب في حالة رعب كلما خرج برفقته أو خرج لوحده أو أن بات ليلته وحيداً مما كان يؤثر سلباً في نفسية الأرنب العزيز ، كما هي الوحدة التي كانت تسكن قلبه و روحه فتحولت كل تلك القذرات النفسية إلى قذارة شخصية طغت على حياته اليومية فلم يعد يفرق بين القذارة النفسية و السلوكية التي تجاوره و يحبها سكان الحي و يحترم مالكيها و قذارة المسكن التي يعيشها و يكرهها سكان الحي .
 
الغريب في القصة أنه شعر بالمزيد من الألم بعد بعدهم عنه و كأنه اعتاد التعامل معهم و تحمل الألم و شعر بالوحشة فقرر أن يرجع لهم بعد ما شهد من وقفتهم معه عندما مرض .
 
فهل كان ينقصه مصارحتهم و إشراكهم معه في مخاوفه و آلامه لكي يتمكن من التعايش السلمي بينهم بكل ود و رحمة ؟
 
أم كان الخوف من فقدهم أجبره على السكوت و كتم آلامه عنهم ؟
 
عزيزي الأرنب اعلم بأن كل ما تخاف الوقوع فيه أنت واقعٌ فيه لا محالة ، ما لم تخطط جيداً و تتوكل على الله في تدبير أمورك .
 
 و أنا أحب أن أسألك إن لم تكن تخاف فما أنت فاعل ؟؟
 
الإجابة بين عقلك و قلبك.
 
محمد حميد أسد القلاف

بقلم: محمد أسد القلاف

تعليقات

اكتب تعليقك