لولا الله ثم تجار الكويت لما تنعمنا بنعمة الديموقراطية.. بنظر خليفة الخرافي
زاوية الكتابكتب سبتمبر 27, 2012, 11:31 م 1673 مشاهدات 0
القبس
كرهوا الناس بالتاجر / هجمة شرسة على التجار
خليفة مساعد الخرافي
كان تاجرنا البحار يقرأ كتاباً وهو جالس على مقعده المفضل في ركنه المعتاد في منزله بمنطقة البدع، أمامه حديقة كبيرة ممتلئة بالزهور، والأشجار المثمرة تحيط ببركة ماء كبيرة فيها أسماك متنوعة، وخلفها ساحل البحر مباشرة، وكان الطقس لطيفاً عندما دخل عليه ابنه حسين كالعادة في الصباح، وصبّح عليه وقبّل رأسه: كيف أصبحت يبا فرد عليه: الحمد الله بخير وعافية، ربنا لك الحمد.
فطلب تاجرنا من ابنه الجلوس، قائلاً له يجب أن تقرأ هذا الكتاب، فسأله وما هو طال عمرك؟ فرد عليه مجيباً، إنه كتاب صديقي عبد العزيز محمد الشايع، والذي اشتهر بالصدق في التعامل والهمة العالية والذكاء والتواضع وحسن الخلق.
عنوان الكتاب «أصداء الذاكرة»، ومن لا يعرف أهل الكويت وتجارها، وكيف بنوا تجارتهم منذ القدم، عليه بقراءة هذا الكتاب.
* * *
تاجرنا البحار منزعج جداً من الهجمة الشرسة على التجار، وأي تجار يتهجمون عليهم، إنهم ضد التجار المنتمين إلى غرفة التجارة، أو المناصرين لها الفخورين بتاريخها.
وجه حديثه إلى ابنه حسين: كل مهنة وحرفة فيهما الطيب والرديء، ولا خلاف على ذلك، ونعم هناك بعض التجار لا يخافون الله، إنما سينكشفون مع الزمن.
التجارة أمر محمود تربينا يا ابني وربيناكم على أن رأس مال التاجر سمعته وأمانته وحسن تعامله مع الناس وصدقه في وعوده وعهوده، «ورحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وسمحاً إذا اشترى»، هذا ما يطالبنا به رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم.
والتاجر يبدأ صغيراً، وبجده واجتهاده وذكائه ومهارته وسمعته الطيبة وحسن تعامله تنمو تجارته.
يا ابني حسين، التجارة هي صدق وجد ومثابرة وعمل دؤوب ومنافسة وتطور وانفتاح،
يبدو لي أحياناً أن الفكر الشيوعي انحسر عن العالم أجمع، روسيا تحولت إلى الرأسمالية، والصين فتحت أبوابها للتجار تغريهم للاستثمار، إلا أنه يبدو لي أنه مازال باقياً في عقول بعض شرائح المجتمع، والتي أصبحت عقولها معبأة ضد القطاع الخاص، وقلوبها ممتلئة حقداً عليه، وأطلقوا على رجال الأعمال صفات ما أنزل الله بها من سلطان، حيتان ومصاصي دماء وما شابه ذلك.
أشفق على تفكير هؤلاء، ومنهم كثير من الشباب الذين يحملون هذه النظرة للتاجر، والغريب العجيب الذي لم أعرف كيف أتقبله هو أن من يحقد على التجار لا يستطيع الاستغناء عما يوفّره له التاجر، ليشتروه مما لذ وطاب من مواد غذائية ومطاعم وكافتيريات، أو التمتع بالتجول في المجمعات والأسواق ذات التشطيب الفاخر، كالأفنيوز و360 والكوت وغيرها، ويقضي ساعات فرحاً سعيداً بالجلوس في المطاعم والمقاهي، وأطفاله يلعبون ويتسلون بمدينة ألعاب، ويجد مكان الترفيه لمشاهدة فيلم أو مسرحية مع أسرته وأصدقائه، وكيف يتمتع بقيادة سيارته الأوتوماتيكية المكيّفة لولا التاجر، وكيف يجد مستشفى يتعالج فيه لولا تاجر بناه، وكيف يتعلم أطفاله لولا مدرسة أو جامعة بناها تاجر، وكيف يرحب بضيف لولا وجود فندق أنشأه تاجر، وكيف يستمتع بمشاهدة الفضائيات لولا التاجر، وكذلك ليكشخ في ملبسه لا غنى له عن التاجر، ولتأثيث بيته من أثاث وأجهزة إلكترونية ومطابخ، وأجاركم الله، لتركيب معدات الحمامات، وكيف يبني منزل العمر لولا التاجر؟ ونعلم ما يحصل لنا حين تنقطع الكهرباء صيفاً، فمن أنشأ محطة توليد الكهرباء؟ تاجر، ولولا نعمة التكييف لخسنا في بيوتنا، الله يخلي التاجر لا أحد يستطيع أن يعيش مرفهاً من دون وجود التاجر، فلماذا محاربة التاجر؟ التجارة منافسة، فكل نوع له في السوق ما يشابهه بماركة أخرى، والرزق على الله، هناك معارض كل شهر لعرض الشركات لمنتجات جديدة ومصانع جديدة تحتاج وكيلاً لها.
وفق الإحصاءات في وزارة التجارة، هناك عشرات الآلاف من الرخص التجارية لتجار وافدين غير كويتيين يجنون ملايين الدنانير، بينما مجاميع كبيرة من شبابنا تضيع أوقات فراغها هباء في ديوانيات وقهاوي الشيشة والتجوال بسياراتهم «القز»، وزادوا عليها التويتر وألعاب الكمبيوتر ومشاهدة المباريات الدولية التي لا تنتهي، ويشتكون ويتذمرون ويتحلطمون من الصبح إلى الليل، ويخدعون أنفسهم بتبريرات واهية، حتى يتهربوا من مواجهة ضعفهم وعدم جديتهم وكسلهم وعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية لإدارة عمل تجاري يحتاج إلى عمل دؤوب وهمة عالية، فيتعذرون بأن الشباب الكويتي محارب بالبيروقراطية وكثرة النظم واللوائح التي تصعب تكوين عمل تجاري، وقد يكون هذا العذر فيه شيء من الصحة، وإنما يجب أن يصبر ويتحمل ويوفّر الطلبات.
وختم كلامه ومازالت على وجهه تعابير الضيق والانزعاج، إن من يظن أن غالبية التجار هم عبارة عن لصوص ومصاصي دماء، فهو دليل على تفكير مريض، حتى وإن كانت هناك قلة قليلة من التجار ينطبق عليها هذا الوصف.
لكننا لدينا في الكويت تجار لهم مكانتهم لحسن أخلاقهم وأمانتهم يملكون خبرة في جميع مجالات التجارة. لا، بل أقاموا مشاريع كبرى في الخليج والدول العربية والإسلامية، ومؤهلون لإنشاء أكبر المشاريع داخل الكويت وخارجها، فلماذا هذه التهم التي تلقى جزافاً وافتراء وظلماً وبهتاناً؟ هل يرى من يكره تجار أهل الكويت ويحاربهم أن الحل بخروج تجارها خارج الكويت؟ فهل هذا هدفهم؟ إذاً من يقوم بعمل تجار أهل الكويت؟ وكيف سيتنعم هؤلاء بالرفاهية من دون تجار الكويت؟ سنقف كتجار لنا تاريخنا أمام عواصف التشكيك والاتهامات الباطلة، فلا يصح إلا الصحيح، والصج يبقى والتصنف جهالة.
كفانا تشكيكاً وافتراءات واتهامات، لدينا لجنة مناقصات مكونة من 12 عضواً للتأكد من قدرة الشركات المؤهلة على إنجاز المشاريع، وأنها تملك الخبرة والملاءة المالية، وبإمكان من يشاء تقديم مقترح لتطويرها، بدلاً من التشكيك وإثارة الأقاويل والإشاعات.
* * *
يا بني، إن الحيتان ومصاصي الدماء هم من زادت أرصدتهم بسبب عضويتهم في مجالس الأمة والبلدي والجمعيات التعاونية والاتحادات والأندية الرياضية، وبعض قياديي الدولة ومن يؤجر عماراته على الدولة، ويقوم بصفقات يخطط لها ليلاً.
* * *
يا ولدي يا حسين، أين هم من تشريع قانون الذمة المالية منذ عشرين عاماً؟ فهو مهمل، لأنه سيكشف أرصدتهم المخبأة، ولو كانوا حقاً راغبين لأقروه منذ زمن طويل جداً.
* * *
معلومة للتاريخ، قد لا يعلم الشباب عنها شيئاً، إنه لولا تكاتف التجار مع أسرة آل الصباح الكرام حكام الكويت، لما وصلت الكويت إلى ما وصلت إليه، لما قبل مرحلة النفط. ولو أطاعوهم بعد النفط، لأصبح للكويت الريادة في المنطقة.
* * *
• يجب ألا ينسى بعضهم دور تجار الكويت فيما ننعم به من ديموقراطية من دون باقي أنظمة المنطقة، فلولا الله، ثم تجار الكويت، لما تنعمتم بنعمة الديموقراطية، لأنهم هم من طالب وأصرّ على الديموقراطية، وتلبية لمطالبهم تم إنشاء المجلس التأسيسي الذي أسس دستور 62، وذلك كله بسبب إصرار التجار، ارجعوا للتاريخ.
تعليقات