ضريبة الدخل.. مَن يعلق الجرس؟ بقلم سلمان الدوسري

الاقتصاد الآن

671 مشاهدات 0


نشرت هذه الصحيفة الأسبوع الماضي تقريراً عن ضريبة الدخل على الأجانب، والتي أسقط مشروعها مجلس الشورى مطلع هذا العام، مع تأكيد بعض أعضاء المجلس، المتحمسين منهم، طرحها مجدداً. ربما هناك الكثير من الإيجابيات التي يتسم بها الاقتصاد السعودي، وفي الوقت نفسه فإن أبرز السلبيات الملتصقة به الجمود وعدم مواكبة التغيرات الداخلية والخارجية، ولعل أكبر مثال على ذلك عدم التحرك لفرض ضريبة دخل على فئات من العمالة الوافدة، أو على الأقل على فئات محددة منهم.

لا خلاف في أي بقعة في العالم على أن ضريبة الدخل على العاملين الوافدين، والتي تقدر تحويلاتهم في السعودية بنحو 100 مليار ريال سنوياً، إضافة إلى نحو 150 مليارا أخرى تمثل حجم اقتصاد قطاع التجزئة، تدعم الاقتصاد المحلي وتساعد على توفير فرص إضافية للسعوديين، خاصة إذا تم تحديد الفئات الموجهة لها ضريبة الدخل، بحيث لا توجّه للعمالة التقنية أو المتخصّصة، بل للعمالة المنافسة لمواطنيها دون أن يكون لها أي قيمة مضافة على الإطلاق.

تجارب الدول الأخرى أثبتت أهمية تحديد فئات العمالة الوافدة المستهدفة من ضريبة الدخل، وربطها بالفئات التي يمكن الاستغناء عنها لوجود سعوديين يمكن أن يكونوا بدلاء عنهم، بمعنى لا يمكن بأي حال من الأحوال توقع أن يقبل السعوديون على وظائف العمالة المنزلية أو المقاولات وغيرها من الوظائف المتدنية الأجور حتى لو كان عددها يصل للملايين، وفي الوقت نفسه فإن عددا ليس بالقليل من الوظائف الإدارية والفنية التي يمتلئ بها القطاع الخاص، والقطاع العام أحياناً، يمكن تطبيق ضريبة الدخل عليها، ناهيك عن عشرات الألوف من الوافدين العاملين في قطاع التجزئة. في جميع الأحوال فإن مستقدم هذه النوعية من العمالة سيفكر جلياً قبل تفضيل استقدامها على نظرائها من السعوديين.

بالطبع فإن بعبع ارتفاع الأسعار سيكون فزاعة يلوح بها كل من أراد إجهاض مشاريع استراتيجية للدولة وللمواطنين، وفي مثل هذا المشروع سيخرج علينا أيضاً من يخوف بارتفاع الأسعار في حال تطبيق ضريبة الدخل. ليس صحيحاً هذا الأمر، فالسوق قادرة على استيعاب مثل هذا التغيير في فترة زمنية قصيرة دون انعكاس حقيقي على السلع، وتجارب الدول الأخرى تثبت أن انعكاس ضريبة الدخل لم يؤثر في الأسعار إلا نادراً، خاصة إذا ما كان موجهاً لفئات بعينها.

ليس مبالغة وصف حياة العمالة الوافدة في السعودية برغد العيش، فهي معفاة من ضرائب الخدمات العامة التي تنعم بها، مثل الكهرباء والوقود، إضافة إلى استفادتهم من دعم المواد الغذائية وشرائها بأسعار أقل من الحقيقية. استفادت هذه العمالة طويلاً، وتضرر الوطن كثيراً، وآن الأوان أن تكون ضريبة الدخل (مدخلاً) لتنظيم قطاع الأعمال والحد من تدفق العمالة الوافدة غير الماهرة، وبالتأكيد توفير فرص وظيفية جديدة، الشباب السعودي أولى ألف مرة بها.

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك