المرحلة الحرجة في «نووي إيران» .. ورسالة نتياهو بقلم توبياس باك
الاقتصاد الآنأكتوبر 1, 2012, 4:07 م 707 مشاهدات 0
خطاب بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة احتوى على لحظة لا تنسى من الأداء الاستعراضي الدبلوماسي – والتنازل التكتيكي اللافت للنظر.
جاءت تلك اللحظة البارزة عندما أظهر رئيس الوزراء رسماً كرتونياً على شكل قنبلة بفتيل مشتعل، ثم أخرج قلماً أحمر ورسم خطاً عريضاً على عنق هذه القنبلة.
تلك الإشارة التي كانت مصحوبة بلغة قاسية حول برنامج إيران النووي بدت أنها تحمل تحذيراً واضحاً: ستسمح إسرائيل لطهران بالوصول إلى هذا الحد وليس أبعد منه، نحو اليورانيوم المخصب اللازم لعمل قنبلة نووية.
أياً كان الرسالة الحقيقية وراء خطاب نتنياهو، كانت بالطبع شيئاً آخر. أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي أن النقطة التي يرى فيها برنامج إيران النووي يدخل مرحلة حرجة لن تجيء حتى ربيع أو صيف العام المقبل.
بشكل حاسم تدفع هذه اللحظة الكاشفة إسرائيل وحليفتها أمريكا إلى ما وراء انتخابات الرئاسة الأمريكية في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) – وتعطي لواشنطن مساحة لمجال خصب لتضيق الحصار الاقتصادي أكثر ضد إيران، وربما حتى إطلاق جولة أخرى من المفاوضات مع طهران.
يقول يول جوزناسكي، الباحث في معهد الدراسات الأمنية في تل أبيب : ''إذا ما كنت تبحث عن عنوان رئيسي فهو كالتالي: نتنياهو يؤجل الحرب، إنه يعطي للرئيس الأمريكي (باراك أوباما) مزيداً من الوقت. أعتقد أن ما كان يفعله هو زحزحة الخط الأحمر الإسرائيلي''.
مقال أوفير شيلاح في صحيفة ''معاريف'' بالأمس أشار إلى نفس النقطة، حيث كتب: ''احتمالية هجوم إسرائيل على إيران قرب الانتخابات في الولايات المتحدة هي الآن رسمياً خارج جدول الأعمال''.
تتبع خطاب نتنياهو – وسعى في الغالب على إنهاء – تصاعد الخلاف مع عدد من الإدارات الأمريكية حول موضوع الخطوط الحمراء لبرنامج إيران النووي.
تم رفض دعوته لعديد من المرات من قبل واشنطن، ما أشعل مواجهة عامة نادراً ما تحدث بين الحليفين. كان في خلفية هذه المناظرة الافتراض العام بأن نتنياهو وإيهود باراك، وزير الدفاع، كانا يبحثان جدوى خيار الضربة الإسرائيلية على إيران قبل الانتخابات الأمريكية.
استعداد نتنياهو الواضح لاستبعاد الخيار عن الطاولة يعكس الضغط الأمريكي المكثف – أولاً وقبل كل شيء على إيهود باراك، الذي يستمتع بعلاقة شخصية أكثر دفئاً مع الرئيس الأمريكي ودائرته المقربة من نتنياهو. أول إشارة على أن هذا الضغط كان يؤتي أكله ظهرت أخيراً هذا الشهر، عندما سفه باراك رئيس الوزراء بسبب سعيه للشجار علناً مع واشنطن. الخلافات بين الدولتين، وهو ما قاله في تصريح رسمي، ''يجب أن تحل . . . بطريقة مباشرة خلف الأبواب المغلقة''.
يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم نجحوا في ''تحويل'' باراك عن فكرة الهجوم الإسرائيلي المفاجئ ضد طهران – وهو التحول الذي رجح في عقل رئيس الوزراء.
كرئيس وزراء سابق ورئيس أركان في الجيش وزعيم سابق لحزب العمل الوسطي اليساري، يعطي باراك ثقلاً سياسياً معتبراً ووزناً عسكرياً للريادة الإسرائيلية.
أية إشارة على خلافٍ مفتوح بين الرجلين سيضعف بشدة مكانة نتنياهو، الذي يواجه نقداً بالفعل بسبب موقفه تجاه إيران من عددٍ من ضباط الجيش والمخابرات الإسرائيلية المتقاعدين.
يقول المحللون إن قراءة تحليلية لخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة تكشف عن أن حتى إشارته لربيع وصيف العام المقبل يمكن أن تتم مراجعتها.
بالرغم من إشارته الدرامية بالقلم الأحمر فقد تورع القائد الإسرائيلي عن وضع حدود واضحة لا لبس فيها لطهران. رسم نتنياهو الخط على علامة تقول 90 في المائة لكنه لم يفصح عما إذا كان هذا الشكل يشير إلى مستوى تخصيب اليورانيوم ( يجب أن يخصب اليورانيوم المستخدم في صناعة الأسلحة أكثر من 90 في المائة) أو بشكل أوسع إلى تقدم إيران في تجميع مواد كافية للقنبلة النووية.
عرض مسؤول إسرائيلي أمس تفسيراً ثالثا، قائلاً إن إسرائيل لم تكن تريد أن تخصب إيران اليورانيوم فوق مستوى الـ20 في المائة - وهو ما تمت رؤيته بشكل واسع على أن إيران تهدف إلى إنتاج سلاح نووي.
إيفرايم آسكوليا، الخبير في برنامج إيران النووي في معهد الدراسات الاستراتيجية القومية يقول : ''لا أعتقد أنه أراد إرسال خطاً أحمر واضحاً لإيران، لم يرد أن يرسل رسالة تقول إنه يعني عملاً في الوقت الحاضر. في الوقت نفسه أعتقد أن الإيرانيين سيفهمون أن الوقت ينفد''. الاستجابة الأعم لخطاب نتنياهو – والرسم الخاص به على وجه التحديد – اختلطت على الفور. كان نتنياهو لا يزال يتحدث من المنصة عندما ظهرت أول التغريدات الساخرة على موقع تويتر، بما في ذلك التلميح إلى أن رسم رئيس الوزراء سيناسب أكثر شخصية كارتون لوني تونز.
جيفري جولدبيرج، المدون والصحافي الذي تتابع آراؤه حول العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بشكل واسع كتب رداً على هذا الأمر: ''أعرف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي مثل العديد من الإسرائيليين، يرى السلاح النووي الإيراني كتهديد لوجود دولته. أعلم أنه مخلصٌ في اعتقاده هذا . . . فلماذا قام فقط بإخراج رسم لقنبلة من تلك النوعية التي تستخدمها الشخصية الكرتونية، وايل إي كويوتي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ لقد أهان ذكاء جمهوره''. مع ذلك فقد أشار معلقون آخرون إلى أن فعل نتنياهو المثير هذا استرعى درجة غير عادية من الانتباه العالمي. ناحوم بارنيا كتب في صحيفة ''يدعوت أحرونوت'' اليومية قائلاً : ''على الرغم من كل السخرية من الأشخاص قليلي الإيمان، فإن صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي والقنبلة ستذاع في كافة النشرات الإخبارية حول العالم''.
تعليقات