بمشاركة الأوقاف الكويتية والليبية

عربي و دولي

المغرب تستضيف الورشة العلمية 'تعميق الاجتهاد بتحقيق المناط'

1106 مشاهدات 0

صورة تذكارية للحضور

انطلقت يوم الإثنين 01 أكتوبر2012م بقصر المؤتمرات بالصخيرات المغربية وعلى مدى يومين  الورشة الثانية لرباط الفتح، التي ينظمها المركز العالمي للتجديد والترشيد الذي يرأسه معالي العلامة عبد الله بن بيه، بشراكة مع المركز العالمي للتجديد والوسطية بدولة الكويت، وباستضافة كريمة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، والتي نظمت تحت موضوع:'تعميق الاجتهاد بتحقيق المناط'.

وقد افتتحت الأشغال بآيات بينات من الذكر الحكيم، وتناول الكلمة بعد ذلك معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية الدكتور أحمد التوفيق استهل مداخلته بالترحيب بمعالي الدكتور حمزة أبو فارس وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الليبي، وبمعالي الدكتور عادل الفلاح وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، وبمعالي الدكتور عبد الله بن بيه متمنيا لهم المقام الطيب على أرض المملكة المغربية.

وبعد ذلك تناول السيد الوزير أحمد التوفيق أهمية الموضوع الذي اختارته الورشة محورا لأشغالها، والذي يكتسي أهمية بالغة ويأخذ مكانة خطيرة في المسار التاريخي للأمة الإسلامية، واعتبر السيد الوزير أن هذه الورشة ومثيلاتها هي استدراج غيبي إلى فتح أكبر في مسالة في أحوالها الحرجة وحالاتها المتهالكة، منبها أن هذا المشروع الذي هو تعميق البحث في الاجتهاد بتحقيق المناط يعين على التطور في سلم الشهود الحضاري ومعالجة القضايا المستجدة في حياة الأمة ومستقبلها.

وركز الدكتور التوفيق في كلمته على سبعة قضايا رئيسة :

1- لا ينحصر الموضوع في مجرد حل مسألة نظرية هي مسألة تحقيق المناط بالطرق الكلامية.

2- القضايا المستشرفة تتجاوز في سياقها وحجمها القضايا التي طرحت بصددها إشكالية المناط في تراثنا.

3- الأمة في حاجة إلى هيئة من هذا المستوى لا تكون محسوبة على جهة رسمية ولا على تيار معين ذي رؤية فلسفية.

4- هذه الهيئة يجب ألا تبقى هجينة لا طعم لها ولا ذوق، بل ينبغي أن تكون لها هوية تجتذب إليها أصدقاء واضحين وأعداء ممتازين، وأن يكون انتماؤها إلى العلم والدين، واهتمامها بالواقع، خاصة في الظروف الحالية، فقد أنزلت الضرورات المرحلية قامات علمية كبيرة من أبراجها العاجية في المنطق والرياضيات وغيرها إلى ميادين التأثير الرصين في الواقع.

5- يجب أن تتعرف هذه الهيئة في شكل دائرة تثبت من خلالها هويتها للجمهور في قضايا واضحة هي مصدر التشويش على الأمة كالجهاد والربا وتطبيق الشريعة والتعامل مع المخالف...، ليمكن أن تشتغل بوتيرة الباحثين بموازاة مع وتيرات أخرى ذات أهمية.

6- إن الأمة تبدو وكأنها قد تطاول الأمد عليها، وهي في حاجة إلى النصيحة الواجبة لعامة المسلمين من جهة مسؤولة  لها مصداقية لا تتملق أحدا وتكون متخلصة من الأنانيات التي هي وبال على العلم والعلماء.

7- تقتضي الفكرة السالفة الحسم في نقطة مطروحة متعلقة بهوية الدائرة  المتداولة في الشأن العلمي الذي نحن بصدده هل هي مجرد دائرة عالمة؟، أم هي دائرة عالمة مجتهدة؟، أم هي صاحبة مشروع يهتم بالحال العاجل والآجل للأمة؟.

وبعد ذلك تناول الكلمة معالي الدكتور حمزة أبو فارس وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الليبي الذي أعرب عن سعادته بحضور هذا المحفل العلمي الذي يشارك فيه نخبة أهل الفقه والتأصيل والفكر، ثم تطرق معاليه إلى الوضع الذي كانت تعيشه ليبيا قبل الثورة وكيف كان تغييب العلم وأهله أمرا مخططا له إلا ما كان يتظاهر به النظام السابق من تشجيع على العلم والمعرفة، مبرزا حاجة الأمة الإسلامية عموما والأمة الليبية خصوصا إلى مثل هذه الملتقيات اتي تسهم في تفعيل عملية الاجتهاد والنظر في واقع الأمة ومتوقع مستقبلها، وبين أن غياب هذه العملية أثر في الأمة تأثيرا كبيرا، وأن هذه المبادرات كفيلة بتحريك الأمة وتصحيح مسارها، وتقدم في ختام كلمته بالشكر الجزيل لوزارة الأوقاف المغربية وللمركز العالمي للتجديد ممثلا في شخص رئيسه العلامة عبد الله بن بيه وللمركز العالمي للوسطية ممثلا في شخص الدكتور عادل عبد الله الفلاح وكيل وزارة الأوقاف الكويتية.

وثم تلا ذلك تدخل معالي الدكتور محمد يسف الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى بالمغرب الذي أعرب عن سروره بحضور هذه الورشة الثانية بعد حضوره في الورشة الأولى التي نظمت في الرباط في 04و05 يوليوز 2011م، والتي كانت تحت موضوع:'الاجتهاد بتحقيق المناط: فقه الواقع والتوقع'، مبينا أن هذا اللقاء العلمي والتلاقح الفكري بين عقلاء المشرق وعقلاء المغرب كفيل بأن يلقي حجرا في الركود الذي تعرفه الأمة الإسلامية، وأن يخرجها من سباتها، ويمهد لإعادة مجدها وريادتها من خلال تعامل المجتهدين والعلماء والباحثين بكل عقلانية وتعقل مع الواقع، وبكل تبصر مع المتوقع، ويصلح الأعطاب التي أصابتها.

وبعد تدخل الدكتور يسف ألقى الدكتور عادل عبد الله الفلاح كلمة باسم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمركز العالمي للوسطية بدولة الكويت، وقد تقدم معاليه بالشكر لوزارة الأوقاف المغربية على استضافتها، ثم تطرق إلى أهمية السياق الكوني الذي تأتي فيه هذه الورشة، وكونها تأتي تكميلا لورشتين سابقتين إحداهما كانت بالرباط والثانية بلندن وتمهيدا لمؤتمر الكويت إن شاء الله، وتناول معاليه أهمية التجديد في مناهج الاجتهاد، وكون تحقيق المناط سبيل يسهم في تحديد واجبات الوقت وما ينبغي أن تكون عليه الأمة في واقعها ومتوقع أيامها، ومن ثم وجب الاستفادة من علوم الأقدمين وتطويرها بحسب ما يمليه هذا الواقع، خاصة أن الواقع أصبح يفرض تخصصات علمية لم يكن يعرفها القدماء، ولم يكونوا على علم بها في السياسة والاجتماع والاقتصاد وفي مختلف مجالات العلوم الإنسانية، إن صناعة المستقبل وتحضير الناس له وتشكيل وعيهم به لم يعد من  الممكن أن تتم عبر آليات تقليدية دون تحديثها وتطعيمها بآليات جديدة للتحصيل والتقويم والقياس والتخطيط، ودون الاطلاع على التحولات التي يعرفها العالم على مختلف المستويات.

وثم تناول الكلمة معالي العلامة عبد الله بن بيه ليشكر المنظمين والقائمين على أشغال الورشة، معربا عن سعادته بأن يجتمع في هذه الورشة بين أهل الفقه وأهل الفلسفة مما يعني كون ذلك مكسبا يعد خطوة مهمة في تعميق البحث بتحقيق المناط والبحث في مناهج صياغة المفاهيم، وقد تفضل فضيلته بالحديث عن الشكوى التي تشكو منها الأمة اليوم من غياب عن الركب الحضاري.

وقد بين معاليه أنه قد يتساءل البعض عن جدوى العودة إلى مصطلحات الأقدمين ومفاهيمهم مسلما بمشروعية السؤال، مبينا أن الجواب فيما يحيط بنا، فالأمة تعيش خصومة مع التاريخ ومع الأصل ومع الذات ومع الغير، وهي خصومة ما فتئ البعض يكرسها ويكرس الأمة في الفتن وخاصة تلك الفئة التي قل علمها بالواقعات والمتوقعات وضعف تبصرها بالأحوال والمآلات، مبرزا أن مفهوم تحقيق المناط يتناول طبيعة التكاليف ويتعامل مع جميع الأدلة وأحوال المكلفين في الزمان والمكان، وما دام هذا المبدأ بهذا الشمول فإنه من الواجب الدخول إلى الأزمة من هذا الباب لإخراج الأمة من واقعها الذي تعيش فيه، مراعيا أن ما تناوله المتقدمون صالح لزمانهم وما نذكره اليوم صالح لزماننا.

الآن - محرر الشؤون العربية

تعليقات

اكتب تعليقك