الصكوك الإسلامية.. وأزمة دول الربيع العربي بقلم د.صلاح بن فهد الشلهوب

الاقتصاد الآن

906 مشاهدات 0


الربيع العربي مصطلح شاع ليعبر عن حالة التغيير التي تشهدها بعض الدول العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن، وما زالت سورية تشهد ولادة متعسرة في وجود نظام قمعي ظالم.

هذه الدول بعد أن شهدت هذا التغيير الجذري في الأنظمة الحاكمة، حيث إنه في مصر فاز بالرئاسة الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين، وفي تونس آلت إدارة مجلس الوزراء إلى حزب النهضة، وهذه الأحزاب جاءت بدعم شعبي بناء على توجهها الإسلامي، إلا أنها استيقظت على واقع يشهد حالة من المشكلات الاقتصادية التي هي سبب في إشعال الأزمة في تونس التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، حيث انتشرت البطالة في بعض الدول العربية، ما تسبب في حالة من الغليان داخل هذه الدول.

والآن وفي وجود الأنظمة القائمة على الأحزاب المنتخبة وبمرشحين ينتمون إلى أحزاب إسلامية، أصبحت هذه الأنظمة أمام اختبار صعب لعلاج الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، حيث إن التمويل الذي يمكن أن تحصل عليه من خلال المؤسسات المالية الدولية في غالبه قائم على القروض بفائدة، وإصدار السندات يتم أيضا من خلال آلية تعتمد الإقراض بفائدة، وهذا اختبار صعب لهذه الأنظمة، حيث إنها اعتلت سدة الحكم بناء على ثقة المجتمع بها لتقدم الحل الإسلامي كنظام سياسي واقتصادي، لذلك صرح الرئيس محمد مرسي بقوله: نموت جوعا ولا نتعامل بالربا.

ولهذا فإنه من الخيارات التي بدأت تلجأ إليها هذه الأنظمة الصكوك الإسلامية، وهذا ما حصل في تونس، إذ إنها أعلنت نيتها إصدار صكوك إسلامية لعلاج مشكلة العجز الذي تواجهه الحكومة في الخروج من أزمتها الاقتصادية.

والسؤال هنا: هل ستكون الصكوك مخرجا لما يسمى دول الربيع العربي من الأزمة؟

من المعلوم أن الصكوك واحدة من أدوات التمويل التي تقدم بديلا للتمويل من خلال السندات، التي تعتبر النمط الشائع للإصدارات الحكومية، سواء بغرض التمويل أو للتحكم في حجم السيولة في السوق، والسندات تعتمد آلية غير معقدة، فهي مجرد سندات إقراض دون الدخول في عمليات معقدة كالتي تقدمها الصكوك الإسلامية.

في حالة الصكوك الإسلامية قد يكون هناك نوع من الفروق المؤثرة في تقديم حلول لهذه الحكومات، وذلك لأسباب منها أن النمط الشائع من الصكوك الإسلامية التي تعتمد عقد الإجارة ما زال لدى كثير من العلماء تحفظ على الآلية التي تقدمها المؤسسات المالية من جهة انضباطها بأحكام الإجارة في الفقه الإسلامي، إضافة إلى اعتبار بعض الفقهاء أنها صورة من صور الحيل التي يقصد بها تحصيل قرض بفائدة، والصور الأخرى التي تعتمد عقد المرابحة مثلا قد يكون فيها نوع من القيود التي قد لا تمكن تلك الحكومات من الحصول على التمويل الكافي، والتحكم في عملية تداول تلك الصكوك أمر فيه بعض القيود.

الأمر الآخر هو أن الصكوك الإسلامية حققت نجاحا مبهرا على مستوى تمويل الشركات، إضافة إلى تجربة المصارف في إصدار الصكوك، لكن على المستوى الحكومي فالتجارب الموجودة فهي على مستوى محدود يتعلق بمشاريع محددة، أما بالنسبة للتمويل المباشر للحكومة لتسيير أعمالها وتوفير السيولة لها فالتجربة محدودة.

من الأمور المتعلقة بالصكوك هو أنها وإن كانت حققت نجاحا ونموا في هذه الفترة، إلا أنها لم تتعرض لاختبارات حقيقية، حيث إن التمويل من خلال الصكوك مرتبط بأصول استثمارية وفي حالة عدم السداد يفترض ألا تتمكن الجهة المصدرة للصكوك من استرداد هذه الأصول، وبالتالي يكون لحاملي الصكوك حق بيعها على طرف آخر لاسترداد السيولة التي استثمروها في هذه الصكوك. كما أنه ما زالت الصكوك الإسلامية في مرحلة النشأة، إذ إن حجمها محدود مقارنة بالسندات، لذلك ليس من المتوقع أن تفي باحتياج هذه الدول.

لذلك من المهم أن يكون لهذه الدول وغيرها خيارات متعددة للخروج من الأزمة وألا يتم الاعتماد على الاستدانة، لكسب رضا الشعب بما قد يزيد من الأعباء مستقبلا على هذه الحكومات بما يزيد من حالة تردي الأوضاع الاقتصادية.

الخلاصة.. إن الصكوك رغم نجاحها كأداة تمويل متوافق مع الشريعة وبديل للسندات إلا أنها لا يتوقع أن تفي في هذه المرحلة باحتياجات الحكومات من السيولة، لذلك لا بد من البحث في خيارات تحفز التنمية والإنتاج، وتخفف من أعباء الديون مستقبلا لدول الربيع العربي.

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك