أين متحدثو الحكومة؟ بقلم سلمان الدوسري
الاقتصاد الآنأكتوبر 17, 2012, 9:53 ص 472 مشاهدات 0
هناك منطقة دائماً ما تتقاطع فيها الضبابية بين الوزارات والهيئات الحكومية من جهة، وبين وسائل الإعلام من جهة أخرى، فكل جهة تتهم الأخرى بعدم تفهمها طبيعة عملها، من هنا جاء قرار مجلس الوزراء لينصف الطرفين، عندما أقر قبل أكثر من أربعة أشهر قرار تعيين متحدثين رسميين للوزارات والهيئات الحكومية، وفي الوقت نفسه حذر وسائل الإعلام بأنه إذا ''ظهر أن إحدى الوسائل الإعلامية نشرت أخباراً غير صحيحة ولم تتجاوب بالشكل المناسب مع ردود تلك الجهة (الحكومية) وإيضاحاتها، فعليها سرعة اللجوء إلى الجهة المعنية بالفصل في هذه القضايا ورفع دعوى ضد المؤسسة الإعلامية والصحافي وفقا للأنظمة والمعلومات''.
يُحسب للحكومة أنها وقفت موقفا محايداً رغم أنها تمثل الوزارات والهيئات الحكومية وليس وسائل الإعلام، وهذا ما ننتظره منها، غير أن 13 وزارة وهيئة حكومية، كما نشرت ''الاقتصادية'' في تقريرها الأحد الماضي، لم تعيِّن متحدثين رسميين لها على الرغم من مرور 147 يوما على القرار، ما يعني أن هذه الجهات ترى في تعيين متحدثين عبئاً، لا نافذة تقربها لنبض الشارع السعودي، وترفع عنها الحرج في كثير من قضاياها المغيبة. هل يُعقل أن ثلاثا من أهم الوزارات الحكومية لا تزال تغيِّب الإعلام عن قضاياها؟ من يصدق أن هذه الوزارات، وهي المالية والاقتصاد والتخطيط، والبترول والثروة المعدنية، تتعامل إعلامياً في اتجاه واحد، وأعني متى ما قرر معالي الوزير أن يصرِّح، أما القضايا الأخرى الكبرى التي تشغل الرأي العام، تغفل عنها هذه الوزارات ولا يمكن للصحافي أن يخرج بمعلومة ولو صغيرة في ظل تكتم إعلامي غير مسبوق.
ولا مانع من تكرار المثال الإعلامي الحكومي القدوة الذي كثيراً ما نستشهد به، وأعني وزارة الداخلية، التي حساسيتها كجهة أمنية، على الأقل في رأيي، أكثر 100 مرة من الوزارات الثلاث مجتمعة، فكيف أفهم أن الصحافيين، في الداخل والخارج، يستطيعون التواصل متى ما أرادوا مع قضايا أمنية خطيرة، بينما لا يستطيعون ذلك مع معلومات ليست سرية على الإطلاق، وردود يمكن أن تتعاطى معها الوزارات الثلاث بالطريقة التي تراها.
مع الأسف هناك انطباع خاطئ ترسّخ لدى بعض من وزرائنا ومسؤولينا، وبصراحة هناك منهم من يتداوله دون التصريح به، أن الصحافيين السعوديين أقل مهنية من الصحافيين الأجانب، ويستشهدون ببعض القضايا التي تم تحريف تصريحاتهم، على حد زعمهم، ووضعها في غير مكانها الصحيح، وفي مثل هذه الحالات لا ضير من التعاطي مع السلبيات، إن حدثت، وفق القنوات الرسمية وباللجوء للجهات المعنية، ولا داعي لأن أحرض الوزارات والهيئات على القيام بذلك، فهم بارعون في اصطياد أصغر الأخطاء وتكبيرها وكأنها قضية أمن قومي، ولكن هذا حق مشروع لهم، طالما ارتكب الخطأ.
وبعيداً عن تحميل وزرائنا الأفاضل، وصحافيينا الأعزاء، وزر هذا التشابك بين الطرفين، ألا يحق لنا أن نتساءل: أين هيئة الصحفيين من كل هذا؟ ألا يجدر بها أن تتصدى لأزمة عدم الثقة، إذا صح لنا تسميتها بذلك، وإذابة الاختلاف بين الطرفين إلى حدوده الدنيا؟ هل من مبادرة تحملها الهيئة للوزارات التي تضع حصناً منيعاً بينها وبين وسائل الإعلام وتقنعها بأن هذا التواصل هو قدرها ولا مفر منه؟ نتساءل ونستفسر ونطلب وننتظر ونأمل، وهذا أقصى ما يمكن القيام به!
تعليقات