برأي قانوني خص به ((الآن)):
زاوية الكتابد. ثقل العجمي: المواكب والمسيرات والتجمعات مباحة نظرا لعدم وجود نص يحظرها أو يشترط الترخيص لها
كتب أكتوبر 31, 2012, 2:05 ص 8777 مشاهدات 0
كتب د. ثقل العجمي أستاذ القانون بجامعة الكويت رأياً قانونياً حول المسيرات والتجمعات فيما يلي نصه:
جاء الدستور الكويتي -كسائر الدساتير المعاصرة- متضمنا لمجموعة من الحقوق والحريات من بينها حق الاجتماع والتجمع, حيث نصت المادة 44 منه على أنه 'للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق, ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون, على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب'. وقد أوضحت المذكرة التفسيرية للدستور في تعليقها على هذه المادة أن هناك نوعين من الاجتماع, الأول هو الاجتماع الخاص الذي لا يجوز للقانون – ولا الحكومة من باب أولى- أن توجب الحصول على إذن به أو إخطار مسبق, كما لا يجوز لرجال الأمن حضوره إلا بناء على دعوة من القائمين عليه لحفظ النظام ونحوه. أما الاجتماعات العامة والتي قد تكون ثابتة في مكان معين أو متحركة كمواكب ومسيرات في الطرق العامة فإنها مباحة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون. وترتيبا على ما سبق فقد صدر المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات, والذي على الرغم من عدم دستورية أداة إصداره وهي مرسوم ضرورة صدر طبقا للمادة 71 من الدستور, إذ إنه صدر في فترة حل مجلس الأمة حلا غير دستوريا, ومراسيم الضرورة إنما سمح اللجوء إليها فيما بين أدوار الانعقاد أو في فترة حل مجلس الأمة حلا دستوريا إذ لا يتصور أن يفترض المشرع الدستوري أوضاعا مخالفة للدستور ثم يبني أحكامه القانونية عليها, ومع ذلك وحتى على فرض صحة سريان هذا المرسوم بقانون فإن المحكمة الدستورية في الطعن رقم 1 لسنة 2005 قد قضت بعدم دستورية معظم نصوصه, مستندة في ذلك على أن هذا القانون في تنظيمه للاجتماع العام إنما نظمه بطريقة تم بسببها إهدار هذا الحق وتعطيله خلافا للنص الدستوري, وفي ذلك تقول المحكمة الدستورية 'وحيث أن المادة (4) من المرسوم بقانون, وإذ جاء نصها على عدم جواز عقد اجتماع عام أو تنظيمه إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من المحافظ الذي سيعقد الاجتماع في دائرة اختصاصه, فضلا عن منع وفض كل اجتماع عقد دون ترخيص, وحظر الدعوة إلى أي اجتماع عام أو الإعلان أو نشر أو إذاعة أنباء بشأنه قبل الحصول على هذا الترخيص, وجعل هذا النص الأصل في الاجتماعات العامة هو المنع وإباحتها استثناء, وأقام هذا الاستثناء على أساس واحد هو سلطة الإدارة المطلقة حيال هذه الاجتماعات دون حد تلتزمه أو قيد تنزل على مقتضاه أو معيار موضوعي منضبط يتعين مراعاته دوما, مخولا لها هذا النص اختصاصا غير مقيد لتقدير الموافقة على منح الترخيص به, أو عدم الموافقة عليه, وبغير ضرورة موجبة تقدر بقدرها فتدور معها القيود النابعة عنها وجوداً وعدماً ..'. وبناء عليه قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية نصوص المواد (1) و(4) من المرسوم بقانون بشكل كلي, وعدم دستورية المواد (2) و(3) و(5) و(6) و(8) و(9) و(10) و(11) و(16) و(17) و(18) و(19) و(20) بشكل جزئي فيما تضمنته من أحكام متعلقة بالاجتماع العام.
وعلى الرغم مما سبق قوله في أن المسيرات والمواكب هو صورة من صور الاجتماعات العامة, كما جاء في المذكرة التفسيرية للمادة 44 من الدستور, ومن ثم يسري عليها ما يسري على الاجتماع العام بشكل عام, فقد تمسكت الإدارة بباقي نصوص المرسوم بقانون زاعمة أن أحكام القانون المتعلقة بالمسيرات والمواكب والتجمعات تبقى سارية ومنتجة لآثارها القانونية. والرد على هذه المزاعم يكمن في أمرين:
الأول:
ان نص المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والمسيرات, والمتعلق بالمواكب والمظاهرات (أو المسيرات) والتجمعات التي تقام أو تسير في الطرق والميادين العامة, قد أحال إلى مجموعة من النصوص الأخرى الواردة في هذا القانون, ومن بينها نص المادة 4 التي جاء فيها من أنه 'لا يجوز عقد اجتماع عام أو تنظيمه إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من المحافظ الذي سيعقد الاجتماع في دائرة اختصاصه ويمنع ويفض كل اجتماع عام عقد دون ترخيص, ويحظر الدعوة إلى أي اجتماع عام أو الإعلان عنه أو نشر أو إذاعة أنباء بشأنه قبل الحصول على هذا الترخيص', أما باقي النصوص المحال إليها في المادة 12 فقد جاءت تنفيذية وتفصيلية للحظر العام الوارد في المادة (4). وبناء عليه يكون نص المادة (4) الذي أحالت إليه المادة (12) من القانون, والذي, إعمالا لهذه الإحالة, لا يجيز المواكب والمسيرات والتجمعات إلا بترخيص من الجهة المختصة غير قائم ولا يعتد به نظرا للحكم بعد دستورية ومن يكون هو والعدم سواء, ومن ثم تكون المواكب والمسيرات والتجمعات مباحة نظرا لعدم وجود نص يحظرها أو يشترط الترخيص لها.
ثانيا:
ان الحكم بعدم دستورية الكثير من مواد القانون بشكل جزئي فيما يتعلق منها بالاجتماع العام دون تحديد هذه الفقرات تحديدا دقيقا, يعطي الإدارة الحق بإبداء تفسيرات تختلف من شخص إلى شخص ومن وقت إلى آخر, وهذا يتنافى مع طبيعة القواعد الجزائية التي يجب أن تتسم بالدقة والوضوح باعتبارها تشكل خروجا على الأصل العام في السلوك وهو الإباحة, لذا ينبغي أن يكون السلوك المجرم محددا وواضحا.
ومن جماع ما سبق يتضح أن الحق في الاجتماعات العام بكافة صورها الثابتة في مكان محدد أو المتحركة على شكل مظاهرات ومسيرات هي أفعال مشروعة تطبيقا لنص المادة 44 من الدستور, وأن المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات لا يصلح, بعد الحكم بعدم دستورية معظم نصوصه على النحو السابق بيانه, كأساس قانوني مقبول لمنع هذا الحق أو تقييده بأي شكل من الأشكال.
تعليقات