الإعصار ساندي يعيد تشكيل المشهد الاستثماري الأمريكي بقلم جورج ميري

الاقتصاد الآن

674 مشاهدات 0


من الممكن أن يكون عنف العاصفة قد انحسر عن نيويورك، لكن تأثير الإعصار ساندي في الاقتصاد بدأ للتو. فالمياه والرياح القوية التي تسببت في كثير من الوفيات، أصابت كذلك خطوط الإمداد بالطاقة، وأغلقت سوق الأسهم ليومين. ومعظم الساحل الشرقي المشلول في الولايات المتحدة سيحدث دماراً في البيانات الاقتصادية وقد يحبط النمو. وستكون تأثيراته بمثابة تعقيد آخر في وجه المستثمرين الذين يتعاملون بالفعل مع إشارات مربكة بما يكفي، مستمرة حتى نهاية العام. وزادت تقديرات الخسائر الناجمة عن ساندي من عشرة مليارات دولار إلى ما يصل إلى 50 مليار دولار وقد تزداد أكثر. ويبرز في منطقة نيويورك إحساس ملموس بالتباطؤ الاقتصادي، إذ تم إهدار العديد من الساعات في ضخ المياه من الأدوار السفلية إلى الخارج، والاصطفاف من أجل الحصول على الوقود، فضلا عن لقاءات العمل التي ألغيت، والجهد الذي بُذل في العثور على أصدقاء لديهم كهرباء. والمكالمات الهاتفية في مانهاتن ونيوجيرسي هذا الأسبوع لم يكن يتم الرد عليها ببريد صوتي وإنما بصفير متواصل. والبريد الإلكتروني كان يتم الرد عليه في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى كان الرد عليه: 'أنا خارج المكتب طوال الأسبوع، سعيا للنجاة بزوجتي وعائلتي من أسبوع بلا كهرباء'. ومن المؤكد أن هذا يشكل خسارة للنشاط الاقتصادي. ستيفين ريكهيوتو، وهو كبير اقتصاديين في شركة ميوهو سيكيوريتيز يو إس أيه، يوجد مقره في الولايات المتحدة، قدر أن 'ساندي' سيخفض النمو بواقع نصف نقطة مئوية. وتوسع الاقتصاد بمعدل سنوي بلغ 2 في المائة في الربع الثالث. ومع اقتراب نهاية الأسبوع، أفادت الولايات المتحدة أن قوائم الرواتب نمت أسرع من المتوقع في تشرين الأول (أكتوبر). وبالنظر إلى المسقبل، فإن الإعصار الذي وضع علامة تعجب على هذا الشهر، سيشوه الأرقام الأسبوعية للعاطلين عن العمل لأنه تسبب في إغلاق مكاتب البطالة، الأمر الذي يحول دون إصدار تقارير بشأن طلبات التوظيف الجديدة.   وستخيم العاصفة أيضاً على بيانات مبيعات التجزئة التي من المقترض أن تصدر في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وقد احتشد الناس في المتاجر الكبرى في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، حيث أفرغ المتسوقون الأرفف من زجاجات المياه المعدنية والبطاريات. والآن، بعد العاصفة، فإن العديد من واجهات المحال مظلمة. وقد يؤثر هذا التأرجح أيضاً في أرقام الإنتاج الصناعي، بينما يستمر انقطاع التيار عن الملايين من المستهلكين. وعلى مدار الأسبوع تم إغلاق ثاني أكبر مصفاة نفط في الساحل الشرقي، المسماة باي واي، التي تعد أحد معالم نيوجيرسي.   وسيكون لـ 'ساندي' مخلفات أخرى. فقد أحدث اختلالا في خطط الحملات الانتخابية قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مخلفا آثارا سياسية واقتصادية كبيرة، من بينها إشادة حاكم نيوجيرسي الجمهوري بباراك أوباما، وتقديم حاكم نيويورك دعمه لإعادة انتخاب الرئيس.   وفي أسواق السلع التي شهدت ارتفاعا في عقود البنزين الآجلة هذا الأسبوع ستشهد تأرجحا مع موازنة التجار بين الإمدادات المضطربة وتقلبات كبيرة في الطلب. بل بلغ الأمر أن أعطى الإعصار مفهوماً جديداً للاستثمار في جميع فئات الأصول بعدما وجدت بورصة نيويورك يورونيكست نفسها تتداول في السلع، وتخزن النفط لمولدات الدعم في بورصة نيويورك. وسيكون من الصعب سبر غور التأثير في أرباح الشركات لأن الكارثة حلت في وقت مبكر من الرابع، ما أعطى المسؤولين عن الموارد المالية الفرصة للعب بالأرقام. وكان على صناعتي التأمين والسفر أن تتعرضا للإصابة، حسبما قال جاك أبلين، من مصرف بي إم أو باريفيت. ويبدو أن الأحكام المبدئية واضحة. فشركة أولستيت للتأمين هبطت 4.1 في المائة في الأسبوع الماضي، في حين تراجعت شركة ترافيلرز السياحية 2.3 في المائة.   وارتفعت شركة التحسينات المنزلية 'هوم ديبو' 4.4 في المائة، وربحت منافستها 'لوي' 6.2 في المائة بعدما يراهن المستثمرون على أن مبيعات الخشب الرقائقي سيتبَعها إنفاق على ترميمات هائلة. وارتفعت 'كوانتا سيرفيسيز' المتعاقدة على خطوط الطاقة 8 في المائة. وهبطت أسهم 'نيوستار إنرجي' التي ألحقت العاصفة أضرارا بمستودع وقود تابع لها في ميناء نيويورك بنسبة بلغت نحو 3 في المائة. وتراجعت بالنسبة نفسها أسهم شركة جلوبال بارتنرز، وهي موزع وقود رئيسي في الشمال الشرقي.   ومن المرجح أن تعمل موجة من أعمال البناء لحماية نيويورك من التعرض مرة أخرى لما لحق بها هذا الأسبوع على دعم الإنفاق على شركات التشييد في وقت تمر فيه هذه الصناعة بحالة الوهن.   وإلى جانب بناء خط مؤلف من مناطق ساحلية تكون حصينة لسنوات عديدة مقبلة، فإن أعمال البناء تعني أن الاستثمار تحول عن قطاعات أخرى من الممكن أن تكون أكثر إنتاجية. فالطفرة في البنية التحتية تهدف ببساطة إلى الحفاظ على 'مغالطة النافذة المكسورة'، فكما قال دان جرينهوس، الاستراتيجي في شركة بي تي أي جي التجارية: 'إنك لا تحطم الزجاج لمجرد توظيف الزجاجين'.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك