خلود الخميس تكتب عن أخلاق توم كروز

زاوية الكتاب

كتب 746 مشاهدات 0


هل لدينا أخلاق توم كروز؟ 26/06/2007 خلود عبدالله الخميس The Firm فيلم من التسعينات وكان احدى بدايات الممثل الاميركي توم كروز، ويحكي عن محام عين في اكبر شركة للمحاماة حال تخرجه، وكيف انه بسبب طموحه في النجاح والغنى ضل عن ثمنها. وتدور القصة حول الرغبة الجامحة للمال والشهرة من جهة، والرغبة المشابهة لهما في المقدار والمعاكسة في الاتجاه في الحفاظ على معنى الحياة من حرية واختيار وقرار وحب وشغف، وكانت معادلة مستحيلة. فينشأ الصراع الاخلاقي عند البطل في الوقت الذي يرى بأم عينه ان كل محام يحاول ان يغرد خارج سرب الشركة يموت في ظروف غامضة، حتى عرضت عليه السلطات التعاون لتقديم الأدلة التي تؤكد عمل الشركة مع المافيا بمقابل حمايته، ولانه ذكي جدا، علم ان الاطاحة بالمافيا ليس هو القرار الذي يحقق له الحماية، فاطاح بالشركاء الذين يجيرون القانون لخدمة تبييض أموال المافيا، وهنا تأتي الحبكة باستخدام الحد الآخر لسيف القانون ضد ملاك الشركة، باثبات تورطهم في قضايا تلاعب على العملاء ستعرضهم لاحكام سجن لمئات الأعوام، وهي قضايا لا يمكن ان تمس المافيا بشيء، التي ستبحث لها عن شركة محاماة اخرى، ولن تمس هذا المحامي بسوء لأنه قدم لهم وعدا بان لا يفشي اسرارهم لانه عمل ضد القانون وسيؤدي الى سحب ترخيصه لممارسة المهنة، وهذا الوعد قائم ما دام وعائلته احياء فقط. لقد كان للمحامي زوجة، وحياة تبدأ، وطموح كبير، ولكنه ايضا كان لديه اخلاق رفيعة لم يتمكن من وضعها بكفة ميزان بمقابل اغراء شهوة المال والسلطة والنجاح، وفي الوقت نفسه كان يدري من الطرف الخاسر في الصراع مع المافيا فاختار ان يقطع الطريق على من يسهل عملهم وهو ما يستطيعه كفرد، اما مسؤولية المافيا فهي مهمة المجتمع الدولي ومن الغباء حتى المحاولة. لقد تفكرت كثيرا في معاني قصة الفيلم، انه الصراع الازلي بين الفضيلة والرذيلة، والمسافة بينهما، وكأننا نعيش تفاصيل حياتنا اليومية في تلك المسافة، وهي عبارة عن طريق رأسي كلما سار فيه الفرد الى اعلى يشعر بالضوء والنور والراحة والطمأنينة تدفعه اليها وكأن روحه تحلق، ومن مشى الى اسفله تلفه الظلمة والخوف والقلق والشكوك ويجر بفعل جاذبية الشهوات اللامنتهية. وتفكرت بحجم التنازلات، التي يمكن لكل منا ان يقدمها لتحقيق جشعه المسمى بالاحلام، وسألت نفسي: هل بالفعل ان الامر يتعلق بحجم الرذيلة ونوعها؟ ام بمبدأ ممارستها ونحن نعلم انها ضد مبادئنا لنحقق اهدافنا، ولو كان بعضها نبيلا، عبرها؟ كنت اقول دائما لمن يحيطون بي عندما يستشيرونني في امر ما ان كلا منا لديه قرون استشعار تمكنه من اتخاذ قرار ما، ولكن نوع القرار يتطلب قرونا استشعارية مدربة، لان وجودها مثل العضلات استخدامها يتطلب مرونتها، وهذه تحتاج تمرينها بالمواقف والتحديات والمصاعب والاغراءات لتعمل بكفاءة عند الحاجة لها، والاجابة عن هذا السؤال تعتمد على لياقة كل فرد. الحمد لله انني لم استغرق وقتا لتأتيني الاجابة من صوتي الداخلي، ومرت علي كل انهزاماتي في الحياة، وكل القرارات التي تركت فيها احدى ملذات الدنيا لان الفضيلة رجحت كفتها، ولكن لم اكن اعي ذلك، او اعرف له اسما. ولأول مرة في حياتي ابتسم رضا بتلك القرارات، التي كنت الوم نفسي عليها الى قبل كتابتي لهذه السطور، وكنت اعنف نفسي واقول 'لو كنت اكثر مرونة، لما خسرت كذا وكذا؟!'. ولكنني قلت وانا احتضن نفسي بيدي الاثنتين: اشكرك يا الله على كل قرار الهمتني له وان لم اكن اعرف سببه، واحمدك على اني فهمت الآن ان معنى حياة الانسان توازي قراراته، وان النتيجة تأتي في علبة واحدة مع الاختيار، فما اجمل خساراتي التي دفعتها ثمنا لمعنى الحياة! [email protected] خلود عبدالله الخميس
القبس

تعليقات

اكتب تعليقك