الغاز الطبيعي المسال في أستراليا يواجه رياحا معاكسة بقلم نيل هيوم

الاقتصاد الآن

1698 مشاهدات 0


تبدو أستراليا في طريقها للتفوق على قطر وانتزاع تاج أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، عندما تصل سبعة من المشاريع الضخمة إلى كامل طاقتها خلال السنوات الخمس المقبلة. لكن في الوقت نفسه، الصناعة تواجه رياحا معاكسة خطيرة نتيجة لنموها السريع.

فالموجة الثانية من أعمال التطوير وملحقات المشاريع، التي تقدر قيمتها بـ 15 مليار دولار أسترالي (156.5 مليار دولار أمريكي)، عرضة لخطر ارتفاع تكاليف العمالة، إضافة إلى أزمات متعلقة بالبنية التحتية والدولار الأسترالي القوي.

ويحذر مختصو الصناعة ومحللون من أن عدم معالجة هذه القضايا يمكن أن يفضي إلى نضوب الاستثمارات الجديدة في صناعة الغاز الطبيعي المسال في أستراليا بحلول عام 2017. عندها سيتحرك موردون جدد في كندا، وشرق إفريقيا، والولايات المتحدة، للاستحواذ على الجائزة المربحة، المتمثلة في 90 مليون طن متري من الطلب الآسيوي السنوي على الغاز الطبيعي المسال غير المتعاقد عليه.

وبحسب دنكان ماكلين، الرئيس المشارك للفريق القانوني في مجموعة الطاقة العالمية، ''سكوير ساندرز''، التي تتخذ بيرث مقرا لها: ''شهدت أول مشاريع الغاز الطبيعي المسال الأسترالية تدفقا عنيفا للتكاليف''. وأضاف: ''لم يتم تسليم أي من تلك المشاريع في الوقت المحدد، أو وفقا للميزانية المحددة''. وتابع: ''إذا لم نتمكن من إنتاج الغاز بأسعار تنافسية سوف يتباطأ الاستثمار في أستراليا، ثم يتوقف في نهاية المطاف''.

ويمكن إبراز نطاق التحديات التي تواجه هذه الصناعة خلال الأسبوعين المقبلين، عندما تكشف شركة شيفرون النفطية الأمريكية ما متوقع أن يكون تكلفة ضخمة تديرها في جورجون، أكبر مشروع لموارد الغاز الطبيعي الفردية في أستراليا.

ويقول محللون: إن ميزانية المشروع الذي ينتج 15 مليون طن سنويا، الجاري بناؤه قبالة الساحل الشمالي الغربي، قد تزيد بواقع 20 مليار دولار أسترالي إلى 60 مليار دولار أسترالي. ويقول مسؤولو الصناعة: إن أستراليا الآن هي المكان الأكثر تكلفة في العالم فيما يخص تطوير النفط البحري، أو مشاريع الغاز.

وفي خطاب ألقاه أخيرا أمام المعهد الأسترالي للطاقة، قال ديفيد نوكس، الرئيس التنفيذي لمجموعة سانتوس، وهي شركة أسترالية ضخمة للغاز والنفط: إن تكلفة تطوير مثل هذه المشاريع في أستراليا تعادل ثلاثة أضعاف تكلفة مشاريع التطوير على ساحل الخليج في الولايات المتحدة، وأنها مستمرة في الزيادة.

وأضاف محذرا: ''أن التكلفة الرأسمالية لمشاريع الغاز الطبيعي المسال الأسترالية قيد الإنشاء تزيد حاليا بنسبة 80 في المائة عن تلك المنتجة بالفعل''.

وأكبر مساهم في تكلفة التضخم، وفقا لنوكس، هو افتقار أستراليا إلى العمالة الماهرة والمتعاقدين من الباطن من ذوي الخبرة، وقلة الموردين المختصين. وأضاف: ''تكلفة العمالة الأسترالية ضعف ما هي عليه عند كثير من منافسينا، والإنتاجية في معظم الحالات أقل''.

ويقول مارتن فيرجسون، وزير الموارد والطاقة والسياحة الأسترالي: إن الحكومة تعمل مع صناعة الموارد، لضمان أن ''تبقى أستراليا قادرة على المنافسة''.

لكن هيئات صناعية، مثل جمعية إنتاج النفط والاستكشاف الأسترالية، ترى أن الحكومة لا تفعل ما يكفي. ويقول ديفيد بايرز، الرئيس التنفيذي لجمعية إنتاج النفط والاستكشاف الأسترالية، إن هناك حاجة كبيرة لإصلاح السياسات في مجالات تشمل العمالة والضرائب والترخيص.

ويضيف أن ''بيئة أستراليا عالية التكلفة وظهور منافسين جدد للغاز الطبيعي المسال في أمريكا الشمالية وشرق إفريقيا وأماكن أخرى يجعل من الفوز بحصة في السوق وجذب الاستثمارات أصعب بكثير مما كان عليه الحال خلال السنوات الأخيرة''.

وتتطلع الصناعة إلى التكنولوجيا وتعاون الشركات الكبرى للمساعدة في تحقيق تكاليف يمكن السيطرة عليها وتجاوز الروتين.

وتعمل شركة رويال داتش شل على حقل بحري للغاز الطبيعي المسال العائم في مشروع بريلوود قبالة ساحل أستراليا الغربي، الذي تبلغ تكلفته 12 مليار دولار أسترالي، والمتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2016.

وسوف يكون هذا أول مشروع للغاز الطبيعي المسال في العالم تتم فيه معالجة وتخزين الغاز في البحر. وسيتم ذلك على بوارج ضخمة -تعادل ستة أضعاف أكبر حاملة طائرات في العالم- ترسو مباشرة على حقول الغاز.

والغاز الطبيعي المسال العائم له ميزات عديدة، إذ يمكن تصنيعه وتجميعه في مواقع أكثر فاعلية من حيث التكلفة فيما وراء البحار. ولا توجد مسائل تتعلق بالحصول على أراض، ولا تكاليف ثانوية ضئيلة، مثل الحاجة إلى بناء مساكن للعاملين في مناطق نائية. ووقف التشغيل أقل تعقيدا هو الآخر.

ويقدر بنك جيه بي مرجان أن مشروع بروز للغاز الطبيعي المسال غربي أستراليا، البالغ تكلفته 40 مليار دولار، الذي تقوده شركة ودسايد للنفط، يمكن أن يوفر ما يصل إلى تسعة مليارات دولار أسترالي باستخدام الغاز الطبيعي المسال العائم.

ويقول أندرو براون، المدير العالمي لأعمال المنبع التابعة لشركة شل، التي ضاعفت حصتها في مشروع بروز ثلاث مرات: ''الغاز الطبيعي المسال العائم اختراق مهم لصناعة الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم. فهو يطلق الغاز العالق، ويؤدي إلى تجنب اختناقات البنية التحتية المحلية والتضخم''.

لكن الغاز الطبيعي المسال العائم لا يحظى بشعبية لدى حكومات الولايات في أستراليا، التي تخشى من خسارة فوائد اقتصادية إذا تمت معالجة الغاز بحريا. ولعله ليس من قبيل المصادفة أن كولن بارنيت، رئيس وزراء إقليم أستراليا الغربية، حذّر في الأسابيع الأخيرة من أن الغاز الطبيعي المسال العائم يمكن أن يشكل خطرا أكبر على البيئة والسلامة مما تشكله مشاريع الغاز التقليدية.

وبحسب ماكلين، من ساندرز سكوير، أستراليا بحاجة إلى التحرك بسرعة، بحيث لا يتم إخراجها بواسطة الأسعار من سوق تتزايد فيها المنافسة. وقال: ''الميزة الوحيدة التي لدينا في الوقت الراهن هي تكاليف النقل. (الغاز) على متن القارب لوقت أقل، وتكاليف النقل أقل. هذا حقا هو العازل المؤقت لدينا في الوقت الحالي، لكنه يتآكل''.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك