قضايا فساد تخدش سمعة «رولز رويس» بقلم كارولا هويوس
الاقتصاد الآنديسمبر 8, 2012, 5:16 م 648 مشاهدات 0
خلال أشهر كانت تعتبر شركة رولز رويس محبوبة المستثمرين، محققة نموا كبيرا وعوائد مثيرة لإعجاب الآخرين حتى بينما يترنح الآخرون وسط التراجع الاقتصادي في الغرب وتضاريس الأسواق الناشئة التي تعتبر غالبا غادرة.
ولكن اليوم انضمت ثاني أكبر شركة مصنعة لمحركات الطائرات في العالم من حيث الإيرادات لعدد متزايد من شركات معدات الدفاع والطائرات، بما فيهم شركة بي أيه إي سيستمز وشركة إي أيه دي إس، التي كانت موضوع تحقيق في حالات رشوة وفساد مزعومة.
وقد دفعها تحقيق أولي قام به مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في المملكة المتحدة فيما إذا كانت شركة رولز رويس قد دفعت رشا فيما يتعلق بمبيعات قامت بها عن طريق وسطاء في الصين وإندونيسيا إلى أن تقوم بالتنقيب الخاص بها. وبالأمس قالت إنها قد وجدت أسبابا تدعو للقلق.
وسيحدد عاملان، هما توقيت ونطاق أي حالة من حالات الفساد، إلى أي مدى يحتمل أن تصبح هذه المسألة كبيرة بالنسبة لشركة رولز رويس. ومن حيث التوقيت، من المعتقد أن تكون التجاوزات الأساسية قد حدثت قبل أن تدخل قوانين مكافحة الرشوة الجديدة والأكثر صرامة في المملكة المتحدة حيز التنفيذ في شهر تموز (يوليو) من عام 2011. وقد يجعل هذا القيام بالملاحقة القضائية أصعب بالنسبة لـ'إس إف أو' (مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة).
ولكن قد تعتبر وزارة العدل الأمريكية، التي يمكنها فرض عقوبات أكثر صرامة، أي تجاوزات مستحقة لتدخلها. ومن الممكن أن يحدث هذا فقط إذا أظهرت شركة رولز رويس أنها غير متعاونة، أو ارتكب مكتب 'إس إف أو' خطأ ينم عن إهمال، أو أعاقت السياسات التحقيق الذي يقوم به.
ولهذه الحالة سياق تاريخي. ففي عام 2006، ألغى توني بلير الذي كان رئيسا للوزراء في المملكة المتحدة في ذلك الحين، نقلا عن الأمن الوطني، تحقيقا ليس له صلة يتعلق بمزاعم قيام شركة بي أيه إي برشوة مسؤولين أجانب. ولكن وزارة العدل بدأت القتال وبعد أربع سنوات غرمت شركة بي أيه إي 400 مليون دولار بسبب كذبها فيما يتعلق بمدفوعات أعطتها لوسطاء، بمن فيهم مسؤولون أجانب.
والأهم من ذلك أن التحقيق والمصالح التجارية الكبيرة لشركة بي أيه إي في الولايات المتحدة قد حفزوا الشركة على إصلاح طريقة بيعها للمعدات العسكرية في الخارج، مما جعلها تقلل على نحو حاد من شبكة الوسطاء الخاصة بها، وتفرض تغيرا ثقافيا وتقاعدا مبكرا لرئيسها التنفيذي. ويقول مارك بيمان، الذي يرأس برنامج منظمة 'ترانسبيرسي إنترناشونال'(الشفافية الدولية) للدفاع والأمن في مواجهة الفساد: 'هذا النوع من التحقيقات يكون له أهمية هائلة. إنه هزة قوية إلى حد أنه إذا كنت قد راجعت بالفعل نظامك المضاد للفساد، فسيضاعف على نحو كبير للغاية التدقيق في هذا النظام'.
وقد جعلت هذه الإفصاحات بالفعل شركة رولز رويس توافق على تعيين شخصية مستقلة بارزة لكي تقود عملية مراجعة لإجراءاتها، على الرغم من أنها قضت الأربع سنوات الماضية في تقوية سياساتها المكافحة للفساد، بما في ذلك تشديد المتطلبات الخاصة بالوسطاء في عام 2009.
وقد بدأت شركة إي أيه دي إس، شركة معدات الدفاع والطائرات التي تغطي جميع أنحاء أوروبا، الشهر الماضي عملية تقييم خارجي لنظم الامتثال بها بعد أن وجدت نفسها في مركز تحقيقين جنائيين بشأن ما إذا كانت قد رشت مسؤولين في النمسا ودولة شرق أوسطية، وعلى خلاف شركة أي أيه دي إس وشركة بي أيه إي من قبلها، يبدو أن شركة رولز رويس قد تصرفت بشكل سريع ودقيق نسبيا في مواجهة المزاعم. وإضافة إلى ذلك، يبدو أن المخاوف تتركز في المبيعات المدنية، نظرا لأنه قد تم منع 'رولز رويس' من بيع المعدات العسكرية للصين. ويقول روبرت ستالارد، أحد المحللين بشركة آر بي سي كابيتال، إن هذا يعني أنه من المرجح أن تشارك بمال أقل، وأن تكون أقل حساسية من الناحية السياسية.
وقد اعترفت شركة إي أيه دي إس الشهر الماضي بأنها لم يكن لها رد فعل سريع بما فيه الكفاية فيما يتعلق بأحد المبلغين عن الفساد الذي حذر بشكل متكرر في وقت مبكر يصل لعام 2007 من مدفوعات مشكوك فيها بشأن عقد عسكري أجنبي.
وبينما لم تجد تحقيقات شركة أي أيه دي إس الداخلية أي سلوك غير لائق، أعلنت شركة رولز رويس أنها تجد بالفعل سببا يدعو للقلق في الصين وإندونيسيا– وهي الدول التي سأل عنها مكتب 'إس إف أو'- وفي أسواق خارجية أخرى.
ويعود الأمر إلى مكتب 'إس إف أو' في أن يقرر ما إذا كانت هذه المخاوف تستدعي بدء تحقيق جنائي يخص 'رولز رويس'، كما فعل في حالة 'إي أيه دي إس'. وهذا سيسمح للمنظم باستدعاء الشهود مع حفظ الحقوق والمطالبة بإحضار الوثائق. ولكن إذا شعر مكتب 'إس إف أو' بأن 'رولز رويس' تتعاون بالكامل وتتعامل مع الأمر بجدية، قد يختار ألا يفعل ذلك.
وحتى الآن فإن المحللين غير قلقين نسبيا، وقد انخفضت أسهم شركة رولز رويس بنسبة 3 في المائة فقط، مما يعني أنها لا تزال أعلى من العام الماضي بنسبة 22 في المائة.
ولا تتوقع الشركة، التي سجلت في تقريرها مبيعات بقيمة 11٫2 مليار جنيه استرليني في عام 2011، أن تتضرر أعمالها الكبيرة في الصين بسبب التحقيق.
ويمتلئ الكثير من هذه الأسواق الناشئة سريعة النمو، حيث تعمل شركة رولز رويس بالفساد، بما فيها إندونيسيا وفيتنام. وقد رفضت الشركة الكشف عما إذا كانت هذه هي الأسواق الأخرى التي وجدت فيها سببا يدعو للقلق. ولكنها توضح التحديات التي تواجهها شركة رولز رويس والشركات الأخرى. وفي الدول التي تكون فيها العلاقات هي مفتاح النجاح في الأعمال، تعتمد الشركات الدولية غالبا على مثبتي الطرف الثالث لجعلهم يتواصلون مع العملاء ومسؤولي الحكومة.
ويقول المستثمرون ونشطاء حملات مكافحة الفساد، إن العمولات التي تمنح على العقود الكبيرة تعتبر ممارسة شائعة. وغالبا ما يتم توجيه المدفوعات من خلال مجموعات الطرف الثالث، مما يطمس الخط الذي يفصل الدفع مقابل خدمات استشارية حقيقية والدفع مقابل تأثير غير مشروع.
وفي فيتنام التي يحكمها الشيوعيون، يخضع الاقتصاد لسيطرة مجموعات مملوكة للدولة وشركاء 'رولز رويس' الأساسيين في الأعمال هم مجموعات مملوكة للدولة، التي غالبا ما تتم إدارتها بشكل سيئ وعرضة للفساد. وقد انهار اثنين من عملاء 'رولز رويس' الآخرين الذين يمثلون الهدف الأكبر في فيتنام – وهما مجموعتا الشحن 'فينالينز' و'فيناشين'- مع دين يساوي مليارات الدولارات نتيجة لسوء الإدارة. وقد تمت ملاحقة 12 مسؤولا تنفيذيا في 'فينالينز' و'فيناشاين' بسبب الفساد.
وسيتضح ما إذا كان من الممكن أن تدمر مثل هذه التضاريس الغادرة 'رولز رويس' كما فعلت مع بعض منافسيها، وسيعتمد بشكل كبير على مدى خطورة الفساد الذي حدث في الماضي ومدى استعداد 'رولز رويس' لاتخاذ إجراءات لمنعها من تكرار مثل هذه التجاوزات.
صندوق بريد مكتب 'إس إف أو 'يمتلئ
تضيف نتائج التحقيق الداخلي بشركة 'رولز رويس' في إمكانية وجود حالات رشوة في آسيا قضية رفيعة المستوى أخرى لصندوق بريد مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في المملكة المتحدة التي تتزايد فيه القضايا بشكل يفوق الحد.
وسيتعين على مكتب 'إس إف أو'، الذي يتبادل المعلومات بشأن شركة رولز رويس مع وزارة العدل الأمريكية، البت فيما إذا كان ستصعد التحقيق الداخلي الذي يجري الآن في الشركة إلى تحقيق جنائي رسمي، كما فعل في شهر آب (أغسطس) عندما أعلن بدء تحقيق رسمي في 'جي بي تي'، الشركة الفرعية التابعة لشركة إي أيه دي إس.
ويعني وجود تحقيق جنائي رسمي أن مكتب 'إس إف أو' بإمكانه استخدام سلطات مثل إجراء مقابلات مع أشخاص مع حفظ الحقوق، وتولي القيام بحالات بحث والمطالبة بوثائق، بدلا من الاعتماد على اعترافات تتم طوعية من قبل الشركة.
وإذا اختار مكتب 'إس إف أو' هذا الطريق بالفعل، سيكون ذلك تحقيقا آخر في الفساد يتصدر عناوين الصحف ويرتبط بآسيا. وإلى جانب التحقيق في شركة 'جي بي تي' –الذي تضمن حالة رشوة أجنبية مزعومة - أعلن مكتب 'إس إف أو' هذا الصيف أنه كان يحقق في مدفوعات تمت بين بنك 'بابركليز' وقطر كجزء من دعوة البنك لمساهميه لأن يقدموا دعما نقديا في عام 2008. ويلاحق مكتب 'إس إف أو' أيضا رجل أعمال يحمل الجنسية البريطانية والكندية، ويدعى فيكتور داهداليه، حيث يوجه إليه اتهام برشوة أحد مسؤولي حكومة أجنبية للفوز بعقود ألومينيوم. وينكر السيد داهداليه ارتكابه هذا الخطأ، وسيمثل للمحاكمة في شهر نيسان (أبريل).
وفي حالة ليست لها علاقة بذلك، تمت هذا الأسبوع تبرئة رجل أعمال، قدم مكتب 'إس إف أو' حججا تثبت أنه قدم رشوة للمحافظ السابق في البنك المركزي بفيتنام عن طريق تمويل تعليم ابنه في إحدى جامعات المملكة المتحدة.
وفي حالة 'رولز رويس' فإن المخالفة المزعومة قد حدثت قبل وبعد تنفيذ قانون الرشوة في شهر تموز (يوليو) عام 2011 على السواء، مما منح مكتب 'إس إف أو' سلطات غير مسبوقة لملاحقة حالة الرشوة أيا كان المكان الذي حدثت فيه في العالم، طالما أن الشركة أو الأفراد لهم صلة بالمملكة المتحدة.
وستجعل حالة تتبع قانون الرشوة نظريا مهمة مكتب 'إس إف أو' أسهل مما كانت عليه حين حقق في 'بي أيه إي سيستمز'.
وبعد الضغط السياسي وصفقة الشركة التي بلغت 400 مليون دولار مع السلطات الأمريكية، قاضى مكتب 'إس إف أو' في نهاية المطاف الشركة من أجل تهمة واحدة تتعلق بالحسابات الخاطئة في عام 2010.
تعليقات