الاتفاق المالي لمنطقة اليورو حل يبحث عن مشكلة بقلم فولفجانج

الاقتصاد الآن

501 مشاهدات 0



من الأسئلة الأكثر شيوعا حول الأزمات في منطقة اليورو: ما الذي سيحدث بعد الانتخابات الألمانية المقبلة؟ إذا كان الائتلاف الحالي سيسود في انتخابات العام المقبل، فالإجابة ستكون ''ليس الكثير''. لكن لنفترض أن تغييرا سيحدث في تشكيل الحكومة، أو حتى في القيادة، فما الذي سيفعله الحزب الديمقراطي الاشتراكي؟

بوصفه أكبر أحزاب المعارضة الألمانية، فهو مستمر في نقد سياسات أنجيلا ميركل حول منطقة اليورو، لكن في النهاية يدعم أي سياسة تضعها أمام البرلمان الألماني. لقد فعلوا ذلك مرة أخرى الأسبوع الماضي، عندما وافقوا على مضض على آخر مجموعة من سياسات الإنقاذ لليونان. لكن أعضاء البرلمان من الحزب الديمقراطي الاشتراكي يشعرون بقلق متزايد، لأنهم يعلمون أن الأمر عندما يتعلق بمنطقة اليورو، فإن الحكومة -ائتلاف من الحزب الديمقراطي المسيحي بقيادة ميركل وحزب الديمقراطيين الأحرار– تخسر فعليا أغلبيتها البرلمانية. ومن دون مساعدة الحزب الديمقراطي الاشتراكي، لا تستطيع ميركل تولي شؤون الحكم. ومع ذلك فهو غير قادر على استغلال هذا الموقف لصالحه.

السبب في عدم إيجاد الحزب الاشتراكي الديمقراطي وسيلة مقنعة ليقول لا، هو مزيج من التضليل الفكري ونقص الشجاعة السياسية. وقدم رئيس الحزب حجة تكتيكية ضعيفة عن لماذا كان يتعين على أعضاء البرلمان أن يدعموا الاقتراح؟ وهو أن حزب الخضر، حزب المعارضة الآخر، وعد بالتصويت بنعم. وقول لا من قبل الحزب الديمقراطي الاشتراكي يمكن أن يؤدي في هذه الحالة إلى وقيعة بين الحزبين. وهذا يجعل تكوين ائتلاف في الانتخابات القومية أمرا أكثر صعوبة.

لا يريد الحزب الديمقراطي الاشتراكي أيضا أن يتحمل مسؤولية خروج اليونان من منطقة اليورو. فالحزب يرى نفسه مؤيدا لأوروبا ويصاب بالذعر إذا صوره الآخرون بعدم المسؤولية. ومن هنا تأتي المشكلة. لقد كان يحاول حل الأمر عن طريق انتقاد ميركل أمام البرلمان الألماني لفشلها المستمر في إدراك المشكلات في وقت مبكر بالتزامن مع دعم سياساتها.

وبعيدا عن التكتيكات، فإن أكثر ما يثير الغضب هو عدم قدرة الحزب الاشتراكي الديمقراطي على أن يشرح بطريقة واضحة الأمر الذي تعد المستشارة على خطأ بسببه. وسبب عدم القدرة هذا يعود إلى أن الحزب اشترى من الدروع الواقية نفسها التي تحمي ساردي قصص الأزمات المزيفة. فقد اشتركوا في الكذبة التي تقول: إن الإسراف المالي هو السبب في الأزمات، وإن هناك حاجة للتقشف من أجل حل الأزمة. اشتركوا كذلك في الكذبة التي تقول: إن اليونان قادرة على سداد ديونها بشكل رئيس، واشتركوا خصوصا في الكذبة التي تقول: إن المضاربين الأجانب هم من تسببوا في هذا الوضع. هذه هي الطريقة التي انتهى إليها الحزب في دعمه للاتفاق المالي لمنطقة اليورو، الذي يبقى حلا يبحث عن مشكلة.

ولأنه طرح مقايضة للحصول على الدعم، حصل الحزب الديمقراطي الاشتراكي على ضريبة المعاملات المالية، وهذا تحول كبير آخر. لكن غياب مثل هذه الضريبة لم يسبب الأزمة، ووجودها لن يحل الأزمة.

وفي كل نقطة يقدم الحزب الديمقراطي الاشتراكي حجة ضعيفة حول سبب كونه محقا في دعم ميركل في أوقات معينة. وبفعله ذلك، انتهى به الحال مساندا لاستراتيجيتها كاملة. وكلما أحس الحزب بالحاجة لشعوره بالمسؤولية، ينتهي به الأمر إلى تبني السياسة الخاطئة. مثلا، وقف مع إلغاء القيود المالية في أواخر عام 1990، وساند التقشف المالي، وأيد تخفيف الديون الدستورية. وعند تجميع كل ذلك نجد أن الحزب الديمقراطي الاشتراكي شجع السياسات الاقتصادية التي تسببت في الاختلالات في منطقة اليورو وأدت إلى تفككها.

من الصعب أن نفهم أين تختلف الأحزاب. ففي يوم الجمعة، اتهم فرانك فالتر شتينميير، قائد الحزب الديمقراطي الاشتراكي في البرلمان، ميركل بتأخير أزمة سيواجهها الدائنون الرسميون في نهاية المطاف لا محالة.

وهو محق بطبيعة الحال. لكن إذا كان ذلك ما يعتقده، فإن القرار الأخلاقي الصحيح يكون التصويت ضد البرنامج الذي ليس لديه أي فرصة للنجاح. إلا أنه لم يفعل، لأنه يخشى أن يرتكب غلطة، ولأن المصوتين يمكن أن يقفوا بجانب ميركل، لأن هذا هو ما حدث حتى الآن.

ومعظم الناس يفهمون أن شكلا من أشكال التحويل من ألمانيا إلى البلدان الطرفية، ستكون ضرورية في نهاية المطاف. وحتى الآن، ولسبب ما، يعتقدون أيضا أن ميركل هي السياسي الذي سيقوم بطرح الحل الأقل تكلفة.

لماذا؟ في ظل الظروف الطبيعية، كان يمكن للفرد أن يتوقع أن ميركل ربما كانت قد فقدت بحلول مثل هذا الوقت سمعتها بوصفها مديرة أزمات متخصصة. فقد كانت مساهمتها في هذه الأزمة هل تأخير الحل؟ لكن دعمها السياسي بقي صامدا. إن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يتمتع بتقدم كبير ومستمر في استطلاعات الرأي. وميركل تتمتع بتفوق أكبر حتى من ذلك على منافسها بير شتينبروك، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي.

ومن السهل تفسير هذا اللغز: المعارضة الوحيدة الحقيقية لسياساتها تأتي من اليسار الذي ورث الشيوعية. وفي ظل شتينبروك، وزير المالية السابق في عهد ميركل، فإن الحزب الديمقراطي الاشتراكي اختار الرجل الأقل احتمالا لتقديم بديل موثوق. لقد كان، قبل كل شيء، مهندس سياسات ألمانيا المناهضة للأزمات حتى أواخر 2009. وشتينبروك وشتينميير لا يشنان حملات للتخلص من ميركل، وإنما يشنان حملات للعمل في عهد ميركل شركاء أصغر في الائتلاف.

إن الانهيار السياسي والفكري للحزب الديمقراطي الاشتراكي، يجيب أيضا على سؤالنا الأول. ماذا سيحدث عقب الانتخابات الألمانية؟ والإجابة: لا شيء.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك