وماذا بعد التريليون دولار؟!
الاقتصاد الآنالإعتماد الوحيد على النفط سيوقع المصدرين بورطة
يناير 6, 2013, 7:29 ص 1299 مشاهدات 0
سجلت دول منظمة 'أوبك' إيرادات مالية تجاوزت تريليون دولار ( 1000 مليار دولار ) في العام الماضي، لتسجل بذلك أعلى إيرادات للدول المصدرة للنفط على الإطلاق في تاريخها بإبقاء مؤشر 'برنت ' عند معدل 111 دولار طوال العام، بجانب زيادة معدلات انتاج النفط الخام لدول المنظمة عند أعلى مستوياته، وعند 32 مليون برميل في اليوم ومن دون أي حاجز وسقف للإنتاج.
وحققت المملكة العربية السعودية أعلى إيراد قياسي لها في تاريخها، وكذلك بقية أعضاء المنظمة منها الكويت والإمارات عدا العراق، حيث سيجل إيرادات نفطية أكبر في السنوات القادمة، وذلك بسبب مواصلته لزيادة انتاجه، وقد يصل الى أكثر من 5 مليون برميل في السنوات المقبلة . وتجاوز معدل انتاج المملكة العربية السعودية في بعض الأوقات معدل 5 ر 10 ملايين برميل متفوقة على جميع دول العالم في الإنتاج .
وبلغ معدل انتاج العالم الى أكثر من 90 مليون برميل، حيث كان الكل ينتج بأعلى طاقته الإنتاجية للحصول على أعلى الإيرادات، عدا إنتاج إيران من النفط، حيث وصل الى أدنى مستوى للانتاج وذلك بسبب العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة عليها، وتقليص كميات المبيعات الى الدول الآسيوية .
ومن الصعب في الوقت الحالي ان نتوقع ان تعيد أو أن تحقق دول ' اوبك 'هذه المعدلات العالية من الإيرادات النفطية مستقبلا، وذلك بسبب ضعف الطلب العالمي على النفط، وضعف أسعار النفط أولا، وزيادة المنافسة مابين دول المنظمة وخاصة من العراق حول كيفية ضبط الإنتاج و كذلك من ايران مستقبلا، بعد حلحلة مشاكلها مع الولايات المتحدة الأمريكية في اي وقت من الأوقات، هذا بالإضافة إلي توافر وزيادة انتاج النفط والغاز الصخري .
وحققت المملكة العربية السعودية ايرادات نفطية فاقت 365 مليار دولار، أي مايعادل تقريبا 40% من اجمالي إيرادات أوبك المالية للعام الماضي، تليها الكويت والإمارات وذلك بسبب زيادة انتاجهما من النفط الخام وتحقيق مايعادل سعر 100 دولار للبرميل الواحد طوال العام الماضي .
وستذهب صافي الفوائض المالية لهذه الدول الى صناديق الثروة السيادية والتي أسستها وبدأتها الكويت في آواخر الخمسينيات، إلا أن الأمارات هي من أكبر المستثمرين في هذا الصندوق الإستثماري السيادي وبمبلغ يزيد عن 800 مليار دولار، وتستثمر الكويت حوالي 300 مليار دولار.
وهذه العوائد المالية المتزايدة والتي بدأت تتراكم ومنذ أكثر من 5 سنوات على التوالي قد ساهمت فعلا في تنمية وتطوير دول المنظمة، ولكنها أيضا ساهمت في زيادة معدلات إستهلاك هذه الدول من النفط والغاز بمعدلات ملتهبة ستؤدي لاحقا الى خفض صادراتها الخارجية من النفط، وايراداتها المالية تباعا، حيث تستهلك دول المنظمة محليا أكثر من 30 % من اجمالي انتاج ' اوبك ' ومرشحة ان تتجاوز 50% لبعض دول الأعضاء.
ونتيجة لهذه الايرادات المالية الهائلة تناسينا في ان نفكر في ايجاد موارد ومداخل مالية بديلة بدلا من ارتباطنا واعتمادنا الوحيد والذي تجاوز معدل 93% و تناسينا احتمالات البديل وتناسينا حتى ان هذا البئر النفطي ناضب ، ناضب لا محالة.
نحن في الكويت ومنذ منتصف الستنيات ننادي ونطالب بايجاد بدائل مالية عن النفط، وكلما زاد كلامنا عن البديل كلما زاد اعتمادنا عليه، ليصل الآن الى أكثر من 95 % من الناتج القومي. وفي فترة من الفترات كان اعتمادنا علي عوائدنا المالية من الصندوق السيادي أعلى من ايراداتنا من مبيعات النفط وذلك في عام 1983 الا أن 'مصيبة' الاستثمار في الصندوق السيادي أنه لا يخلق لنا فرص عمل وخلق وظائف جديدة أو الاستثمار في صناعة محلية جديدة، هذا يعني بأن تدفقاتنا النقدية ( الكاش ) سيستثمر في الخارج والخارجيين هم المستفيدين الأعظم، والصندوق السيادي لا يبني ولا يطور قدراتنا البشرية، بسبب عدم وجود البديل الآخر.
أما كاستثمار مالي بحت فقد يكون هو الأفضل، خاصة وأننا في الكويت نمتلك أفضل وأحسن الخبرات في هذا المجال عربيا وعالميا، خاصة مع المتابعات والمراجعات الدورية من الجهات الرقابية المختلفة .
هذه العوائد المالية العالية لن تتكرر في السنوات القادمة وخاصة في ظل تزايدنا المستمر في استهلاك نفوطنا، وبمعدلات تفوق 8% سنويا، مما يعني أن كلما زدنا انتاجنا من النفط، كلما زادت شهيتنا في الاستهلاك، ما يعني أن السعودية على سبيل المثال 'اذا ما استمرت على هذا النمط من الاستهلاك، سوف تستهلك جميع ما تنتجه من نفط خلال عقدين من الزمن .'
والآن ماذا بعد أول تريليون؟! هل سنحصل على تريليون آخر؟ لذا يجب توخي الحذر من الاستهلاك المفرط والعمل على تنويع مصادر الدخل، وحتما السنة الحالية لن تكون كالعام الماضي.
والبديل بدأ في طرق الأبواب وها هو النفط الصخري بدأت الحياة تدب فيه يأمريكا، ويقال لنا وبلغتهم فرحا 'باي . باي '. هذا هو التحدي الحقيقي.
كامل عبدالله الحرمي
محلل نفطي مستقل
تعليقات