تراجع الجنيه يزيد المشهد المصري تعقيدا بقلم بروزو داراجي
الاقتصاد الآنيناير 6, 2013, 12:10 م 801 مشاهدات 0
أجبر الهبوط في قيمة الجنيه المصري الشركات، مثل شركة دهبية، موزع المنتجات المنزلية، على إنفاق مزيد من المال على ما تستورده من الخارج. لكن لأن المستهلك المصري يعاني ضائقة مالية ولا يمكنه أن يدفع أكثر، لم ترفع الشركة أسعارها لمواكبة النفقات.
وقالت يسرا سرور، المسؤولة في شركة الدهبية: ''نحن ندفع زيادة تراوح بين 6 و 7 في المائة، لكن أكثر الأسعار الجديدة لا تزيد بالقدر نفسه، لأننا إذا رفعنا الأسعار لدينا بشكل كبير فستكون مشكلة''. وأضافت: ''الربحية هي الجانب الذي يعاني لدينا''.
وتسبب تراجع الجنيه إلى مستويات قياسية أمام الدولار في الأيام الأخيرة في فرض مزيد من العناء على المستهلكين والشركات التي لا تزال تكافح للخروج من الدمار الاقتصادي الناتج عن ثورة 2011.
وأعلنت محال تجارية وشركات عن زيادة في أسعار كل شيء من الفواكه والخضراوات إلى حبوب الفيتامين، ومن أجهزة الآيباد إلى السلع الصناعية الراقية، ما أثار مخاوف من غضب شعبي ومزيد من عدم الاستقرار السياسي.
وبعد بقائها طويلا عند مستوى ستة جنيهات للدولار، انخفضت العملة المصرية بشكل حاد في الأسبوع الأخير إلى نحو 6.42 جنيه، مع بعض الصرافات التي تبيع الدولار مقابل 6.60 جنيه. ونشر التراجع الذي عجل به قرار من البنك المركزي ببيع احتياطيات الدولار في المزاد من أجل سد ثغرات في الميزانية، حالة من التشاؤم الاقتصادي.
وقال بسام محمد النجار، وهو سائق: ''لأن الأسعار أصبحت مرتفعة جداً، أنظر أحيانا حولي ولا أشتري أي شيء''. وأضاف: ''وقد أقول لنفسي أؤجل برنامج الشراء وأشتري الأسبوع المقبل''.
ويتوقع خبراء أن تضعف العملة أكثر من ذلك، حتى لو نجحت النخبة السياسية الجديدة المجزأة في عقد صفقة طال انتظارها مع صندوق النقد الدولي، لضخ عملة أجنبية جديدة في احتياطيات مصر وتمهيد الطريق لوكالات إغاثة أخرى. وتشير كابيتال إيكونوميكس، وهي مجموعة أبحاث في لندن، إلى أن الجنيه قد ينخفض إلى 7.5 أمام الدولار بحلول نهاية العام.
وربما يدفع انخفاض العملة - وارتفاع الأسعار الناتج عن ذلك - إلى رد فعل سياسي. ففي سوق الغذاء المركزية في القاهرة، رفع التجار أسعار الفاصوليا الخضراء بنسبة 33 في المائة، والطماطم بنسبة 50 في المائة، والكوسة والموز بنسبة 100 في المائة. وارتفعت أسعار القهوة المستوردة أكثر من 20 في المائة. وارتفع سعر الخبز، الغذاء المصري الرئيسي، 20 في المائة في المناطق الفقيرة وأكثر من ذلك في المناطق الميسورة الحال.
وقال أحمد شاباني، الرئيس التنفيذي لـ ''أجزخانة''، وهي صيدلية على الإنترنت رفعت أسعارها بنسبة لا تقل عن 10 في المائة: ''الخطر الكبير أن يحدث مزيد من الاحتجاجات والإحباط''. وأضاف: ''الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على دواء والدهم، أو والدتهم سيشعرون بغضب شديد''.
ويلقي بعض المصريين اللوم على الرئيس محمد مرسي، بعد أن أصبح وخصومه مشتتين بشأن الدستور الجديد. وقال مصطفى محمود، وهو خباز من حي إمبابة الفقير في القاهرة: ''الحكومة هي بالتأكيد من يلام، لأنها لا تتصرف سريعاً، فهي غير كفؤة، وتركز على قضايا أقل أهمية''.
ويقول معظم المراقبين: إن ارتفاع الأسعار ليس كبيرا بما يكفي لتحريك الاحتجاجات في الشوارع. وقال حسن محمد، وهو مدير سوبر ماركت في وسط القاهرة: ''ما زال الوقت مبكراً جدا لإلقاء اللوم على أي شخص، لأن من السابق لأوانه معرفة ما سيحدث''.
ومن الممكن أن تعمل الأسعار المفوضة من الدولة لبعض السلع على تجنب الاضطرابات الاجتماعية. أما أسعار الأدوية المنتجة محلياً، فهي منظمة بإحكام، ما يضر بالمصنعين الذين يعتمدون على المواد المستوردة باهظة الثمن.
وقال مكرم مهني، رئيس جمعية الصيدلة المصرية والرئيس التنفيذي لنابي العالمية، وهي شركة مصرية لتصنيع الدواء: ''إن شركات الأدوية لم تكن لديها الحرية في رفع الأسعار''. وأضاف: ''إذا نظرتم إلى سوق الدواء المصرية فإن لدينا نحو 22 في المائة من المحافظ الخاسرة''.
ويتسبب انخفاض العملة في تثبيط العمل. وقال شريف جمرة، صاحب شركة مصر المتحدة التي تستورد مضخات المياه من أوروبا وآسيا: ''ينتظر معظم المستوردين ليروا ما سيحدث مع الجنيه''. وأضاف: ''الوضع في مصر غير مستقر، لذلك سيتوقف معظم التجار عن التعامل حتى تستقر السوق''.
وفي نهاية المطاف قد تكون مصر قادرة على النجاة من سقوط الجنيه الذي يمكن أن يساعد الصادرات ويحفز الإنتاج المحلي، كما يقول محللون. وقال نبيل القص، كبير اقتصادي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس: ''أنت بحاجة إلى هذا التعديل من أجل الإبقاء على القدرة التنافسية.. وأضاف: ''على المدى الطويل، من الصعب أن نرى كيف يمكن لاقتصاد ما بعد الثورة أن ينمو دون خفض قيمة العملة''.
تعليقات