الدساتير الجديدة محور 'ارتدادات الربيع العربي'
محليات وبرلمانيناير 15, 2013, 2:55 م 1570 مشاهدات 0
* رضوان السيد: لماذا نكتشف نحن العرب فجأةً أنّ إسلامنا السابق ما كان صحيحاً وأنه لا يكتمل إلاّ بوضع الشريعة في يد النظام السياسي؟
* سليمان عبد المنعم: أخطر ما في المشهد المصري الراهن أنه تجاوز خطأ رفض الرأي الآخر ليرتكب خطيئة رفض الآخر.
* محمد الفيلي: نجاح الدستور في القيام بوظائفه يستدعي ان يكون هو بذاته مقبولا من اغلب افراد الجماعة أو محلا لتوافق مريح.
في اليوم الثالث والأخير لندوة ارتدادات الربيع العربي عقدت جلسة صباحية تحت عنوان ' الدساتير الجديدة' شارك فيها كل من د. رضوان السيد أستاذ الدراسات الاسلامية بالجامعة اللبنانية، ود.سليمان عبد المنعم الأستاذ بجامعة الاسكندرية ورئيس اللجنة التشريعية للمجلس القومي لحقوق الانسان في مصر، ود . محمد الفيلي أستاذ القانون الدستوري بدولة الكويت، وأدارت الجلسة د. ندى المطوع.
في البداية تحدث الدكتور رضوان السيد مقتطفا من ورقته البحثية والتي حملت عنوان' الربيع العربي وضرورات الإصلاح الإسلامي' والتي بدأها باستعراض المشهد العربي وتفاصيلة ، وتحت عنوان فرعي 'حقائق قوة الأحزاب الدينية' يقول رضوان: هناك أخطارٌ بالفعل من أسبابها الهشاشةُ المسيطرة في المؤسسات الدستورية والقانونية التي تسبّبت فيها أنظمةُ الضباط على مدى خمسين عاماً. ومن أسبابها هشاشةُ الأحزاب السياسية أو عدمُ وجودها. ومن أسبابها اندفاعُ الشبان المدنيين الذين أَطلقوا الثورات لمصارعة العسكر، مما دفع القيادات إلى الإسراع في تسليم السلطة للإسلاميين مع ضمان امتيازاتهم هم في الزمن الجديد! ومع ذلك، ورغم الأخطار، فلستُ أخشى حقاً على الديمقراطية في إدارة الشأن العامّ، والحكم الصالح، وتداوُل السلطة، في المدى المتوسّط فضلاً عن المدى الطويل؛ لأنّ الناسَ في أمتنا في حالة يقظةٍ عالية، وقد قدّموا عشرات الأُلوف من الشهداء من أجل الحرية. ولن يقبلوا العودةَ إلى عهود السلطات الخالدة لا باسم القومية، ولا باسم الدين، ولا باسم عبقرية القائد البطل!
الإصلاح الديني
وتحت هذا العنوان يقول السيد: ظهرت الأحزاب السياسية الإسلامية إذن بعد الثورات، وبدأت تصل للسلطة مثل مصر وتونس وما تزال تسود في أَوساطها العامة (وباستثناء الكويت وسورية) ثلاثة مقولات، يتصدرها شعاران: الإسلامُ هو الحلّ، ويتمثل في تطبيق الشريعة. أما المقولات فهي؛ أولاً: يملك الإسلام نظاماً كاملاً في الاجتماع والاقتصاد والإدارة السياسية والعلاقات الداخلية والعلاقات مع العالم- وثاني تلك المقولات: أنّ هذا النظام الذي عنوانه الحاكمية المتمثلة في تطبيق الشريعة، ليس حاضراً بالشكل الصحيح في المجتمع والدولة الآن، وإنما هو مشروعٌ تحمله نُخَبٌ طليعيةٌ إسلاميةٌ انتظمت في أحزابٍ برنامجُها تطبيقُ هذا المشروع النهضوي – بحسب تعبير إخوان مصر- من طريق الوصول إلى تولي إدارة الشأن العام باسمه. وثالث تلك المقولات أنّ السلطة السياسية التي يتولاها الإسلاميون هي التي تتولَّى إنفاذ المشروع في الدولة والمجتمع.
ويختتم السيد ورقته وحديثه بالقول : ليست في ديننا نحن المسلمين أكثريات وأقليات. بل الناس كما قال رسول الله صلواتُ الله وسلامُهُ عليه: سواسيةٌ كأسنان المشط. فلماذا لا ندعُ الدين واحدا ولا نتحزَّب باسمه، ولا ندعي أنه يملك نظاماً للحكم، ثم ننصرف مستهدين بروحه العامة وأخلاقياته الكبرى لبناء الدول وإصلاح إدارة الشأن العام، كما تفعل سائر أُمَم الأرض؟ هذه هي المقاربةُ النهضويةُ فيما أرى. وهي مقاربةٌ يقتضيها التديُّن الحقُّ. وقد نجد أنفسنا نحن الأكثر تديُّناً عائدين إليها بعد عقدٍ أو عقدين؛ إنما بعد أن تكون التجربة المصرية قد ضربت بقايا تماسُكِنا الديني، وكرّهتْ كثيرين من شبابنا بالدين وأهله. هل نحن أكثر إيماناً من الإندونيسيين والأتراك؟ ولماذا نكتشف نحن العرب فجأةً أنّ إسلامنا السابق ما كان صحيحاً أو ما كان كاملاً، وأنه لا يكتمل إلاّ بوضع الشريعة في يد النظام السياسي؟!
قراءة في المشهد المصري
وقدم د.سليمان عبد المنعم الأستاذ بجامعة الاسكندرية ورئيس اللجنة التشريعية للمجلس القومي لحقوق الانسان في مصر، ورقة بحثية بعنوان ' قراءة في المشهد المصري' يقول في مقدمتها: هناك شروطاً ثلاثة سابقة على الدستور، ومقترنة به، ولاحقة عليه هي التي تضمن لنا في نهاية المطاف أن يصبح الدستور المصري الجديد الذي وافق عليه الشعب المصري في ديسمبر 2012 وثيقة تؤسس بحق لجمهورية ثانية إذا اعتبرنا أن أنظمة الحكم المتعاقبة التي شهدتها مصر في عصور عبد الناصر والسادات ومبارك لم تكن، مع إدراك الفوارق بينها، سوى جمهورية واحدة ذات طابع شمولي وجذور عسكرية.
الأمر الأول توافر مجموعة قيم ثقافية وممارسات اجتماعية لدى الجماهير عموماً والنخب الحزبية والسياسية على وجه الخصوص. (وهذا هو شرط المجتمع الديموقراطي الناضج الذي أدركته أوربا بعد مائتي عام تقريباً حتى وصلت إلى النموذج الحاضر لديموقراطيتها ودساتيرها). الأمر الثاني أن الدستور بحسبانه أسمى وثيقة قانونية أصبح يتضمن الكثير من المبادئ والتفاصيل، الأصول والفروع، لكن وسط هذا كله ثمة أسس ودعائم مركزية لا بد وأن يحسمها الدستور(وهذا هو شرط الأسس الدستورية اللازمة لبناء الدولة الحديثة). الأمر الثالث والأخير أن الدستور بذاته، بأسسه وأحكامه، يحتاج إلى منظومة متكاملة من الآليات والوسائل التي تضمن تطبيقه على أرض الواقع. فالدساتير بلا تطبيق فعلي تصبح أشبه بأدوات التجميل السياسي التي تحترفها الأنظمة السياسية المراوغة (وهذا هو شرط النجاح في تحويل الدساتير من أنساق نظرية إلى حياة دستورية حقيقية).
الخطر المصري
يقول عبد المنعم : إن أخطر ما في المشهد المصري الراهن أنه تجاوز خطأ رفض الرأي الآخر ليرتكب خطيئة رفض الآخر المختلف نفسه. وتجلّى ذلك في رفض الإرادة الشعبية التي منحت هذا الآخر شرعية الحكم. هنا توئد الديموقراطية وهي بالكاد تطلق شهقتها الأولى احتفاء بالحياة. هنا نضيّع على تجربة تحولنا الديموقراطي فرصة أن تصحح نفسها بنفسها، وننصّب من أنفسنا أوصياء على الديموقراطية مهما كانت بواعثنا الأخلاقية أو الوطنية ولأن ثقافتنا لم تتح لنا بعد التحلي بتواضع قبول الأخر المختلف، ودعونا نعترف أن عموم المصريين والنخبة والمثقفين كانوا على مدى الستين عاماً الماضية قد فقدوا ذاكرة الممارسة الديموقراطية في أية انتخابات برلمانية أو رئاسية حقيقية، حتى أساتذة الجامعات لم يمارسوا ديموقراطية انتخابات رؤساء جامعاتهم. لم يكن غريباً إذن أن يثور اللغط والرفض والتشكيك حول نتائج صناديق الاقتراع في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير. فلم يخل موقف النخب الحزبية والسياسية من اعتراضات لا تليق بهذه النخب.
المشهد السياسي
يقول عبد المنعم في موضع آخر من بحثه: للمشهد السياسي الراهن دلالتان جديرتان بالرصد والتأمل. الدلالة الأولى أن القيم الثقافية والاجتماعية المؤسسة لمفهوم الديموقراطية لا تخلو لدى معظم النخب المصرية من قدر من الالتباس. يكفي تأمل مواقف المرشحين الخاسرين في الانتخابات الرئاسية. باستثناء السيد عمرو موسى الذي اتسم موقفه بقدر كبير من الموضوعية والمسؤولية فإن غيره هاجم نتائج الانتخابات بضراوة إلى حد اعتبارها منعدمة (والانعدام مصطلح خطير في معناه القانوني أسرف البعض في استخدامه) لا لشئ إلا لكونه قد خسر الانتخابات. وكانت المقارنة مؤسفة بين ليبرالي فرنسي مثل ساركوزي يتقبل خسارته بفارق طفيف في انتخابات الرئاسة الفرنسية بينما ترفض رموز سياسية مصرية محترمة حقيقة خسارتها فتهيل التراب على أول انتخابات ديموقراطية حقيقية تشهدها مصر عبر كل تاريخها لاختيار رئيسها.
تداعيات الربيع العربي
ويقول الدكتور محمد الفيلي في ورقته البحثية: الدستور في الأصل قانون ينظم ظاهرة السلطة في الدولة، وما اصطلح على تسميته بالربيع العربي هو وصف لحركات احتجاجية محلها أسلوب إدارة الشأن العام لوجود فساد او عدم كفاءة في إدارة مصالح الناس . انتهاكات حقوق الإنسان تشكل أيضا سببا من أسباب الاحتجاجات بالإضافة للفساد الاقتصادي و السياسي في الدولة . إذا كانت عملية الحكم هي عملية تهدف لاتخاذ قرارات تؤدي لإشباع الحاجات العامة للجماعة مع المحافظة على السلام الاجتماعي فان الاحتجاجات المذكورة تقود الى تقرير ان هناك خللا يشوب عملية الحكم و هذا الخلل قد يكون ناتجا عن سوء القانون المنظم لعملية الحكم أو سوء تطبيق هذا القانون او عدم كفايته و الفرضيات السابقة تقودنا إلى القول بإمكان و جود خلل في الدساتير فهي القانون المكلف بتنظيم ظاهرة السلطة العامة في الدولة.
واستعرض الدكتور الفيلي حالات الاحتجاجات الحادة التي انتشرت في البلد العربية من حيث المآل لم تنتهي إلى نتائج متطابقة ففي بعض الأحيان انتهت بسقوط أنظمة الحكم التي كانت قائمة كما هو الحال في المثال المصري والتونسي والليبي وفي حالات أخرى صمد نظام الحكم أمام الاحتجاجات وهذا الصمود ارتبط بتعديلات دستورية قد تكون محدودة مع أهميتها كما هو الحال في سلطنة عمان وقد تكون واسعة إلى درجة أن يتم تقديمها بوصفها بأنها دستور جديد كما هو الحال في المملكة المغربية.
ويختتم بالقول: نجاح الدستور في القيام بوظائفه يستدعي ان يكون هو بذاته مقبولا من اغلب افراد الجماعة او محلا لتوافق معقول كما ان احكام الدستور دون اقترانها بتطبيق سليم لا تكفي لتحقيق الاهداف المرجوة منه '.
المداخلات
د. لطيفة الجاسم تحدثت عن تعريفات الدستور و عن سوء الفهم الذى ينتج جراء الخلط بين توظيف الدستور و الشرائع السماوية و اكدت ان الاسلام كقضية امر يتوافر فى كافة المناقشات و البلدان و هو جوهر لكن الجماعات الاسلامية تعانى صعوبة فى التناغم بين معانى الاسلام تاريخيا مع المفاهيم الحديثة و منها الدستور .
و شدد د. ارشادهرموزلو على اهمية الديمقراطية و اكد على صعوبة الوصول اليها و نبى الى ان العرب بشكل عام يستعجلون الحصول على الديمقراطية ، و تحدث عن الاسلام فى تركيا كدين وسطى بعيدا عن التطرف و مبدا القبول بالاخر و طالب بتغليب نتائج الانتخابات حتى يمكن مسائلة من اتى بهم الصندوق
من جهتها شددت د, سعاد الوحيدى على ان ثورات الربيع العربى لم تؤدى لظهور التيارات الاسلامية و رفضت القبول بتلك الفرضية و نبهت لضرورة احترام قوافل الشهداء اللذين فقدوا حياتهم حتى تحصل بلدانهم على حريتها .
و تحدث د. عماد ابو غازى عن اسباب زيادة شعبية التيار الاسلامة و تسلمهم الحكم فى جمهورية مصر العربية عقب فترات من التراجع فيما مضى و اكد ان الدساتير لا تصنعها الحرية ، و ختم محذرا من سعى الاسلاميون الى تقسيم مصر .
امامة الكتانى اكدت فى مداخلاتها ان الدستور يؤسس للحريات و فصل السلطات على المستوى التشريعى و التنفيذى ، و اضافت ان فى المغرب تم ارساء ثلاث انواع من الديمقراطيات و يتم حاليا العمل على تفعيلها على ارض الواقع .
و ختم انور رواس مشددا على ان القانون هو من ينظم التعاملات بالاتفاق مع الجميع و مطالبا بعض من وصلوا للسلطة بضرورة فصل الدين عن السلطة و شدد على ان ايصال فكرة الفصل اهم من انتقاد التيارات السياسية و ما شابهها .
تعليقات