منارة الأنصاري.. ظاهرة ثقافية وشخصية تربوية
منوعاتسردت ملامح من مواقفه الإنسانية وركزت على محطات أدبية مضيئة
يناير 25, 2013, 2:48 م 915 مشاهدات 0
ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي التاسع عشر، استضافت مكتبة الكويت الوطنية منارة ثقافية تمحورت حول الأديب عبدالله زكريا الأنصاري، تحدث فيها الدكتور عبدالله المهنا والدكتور بدر الخليفة، وأدارها الدكتور خالد عبد اللطيف رمضان.
تضمنت المنارة الثقافية إضاءات منوعة في مجالات مختلفة قدمها الأديب الراحل عبدالله الأنصاري في مراحل متباينة من حياته، إذ تم مناقشة أهمية إسهاماته الأدبية والشعرية والتربوية، مستعرضة جوانب إنسانية نابعة من بساطته في التعامل وأصالته في السلوكيات.
بداية تحدث الدكتور بدر الخليفة عبر ورقته البحثية 'الجانب الإنساني والاجتماعي لعبد الله الأنصاري' مركزاً على مواقف شخصية للمحتفى به وعلاقته بالمحيطين به المقربين أو البعيدين عنه، مستعرضاً أحداثا كثيرة على مدار ثلاثين عاماً جمعته بالأنصاري، محدداً بداية معرفته في العام 1975 عقب عقد قرانه على كريمته مي 'أم خالد'، ويرى أن ثمة مواقف منوعة كشفت له صفات إنسانية جميلة، فكان لطيبة قلبه مواقف كثيرة ودماثة الخلق قصص وحكايات.
سرد تربوي
ويورد الخليفة تفاصيل عن اللقاء العائلي الأسبوعي الذي يدور حول ذكريات الأنصاري في مصر والمواقف الطريفة التي حدثت له، مؤكداً أن الراحل كان يسرد هذه الحكايات ممزوجة ببعض التوجيهات التربوية، ويلفت إلى أنه لم يكن يفرق بين الطرف الآخر سواء كان من العائلة أو الأصدقاء أو المعارف إذ يتعامل معهم بالطريقة ذاتها وبالخلق ذاته والأسلوب عينه.
ويشير الخليفة إلى فترة الغزو العصيبة التي تركت أثراً سلبياً في نفسه وتوقف عن الكتابة لفترة ليست بالقصيرة، مستعرضاً بعض المواقف التي حدثت خلال الأشهر السبعة، ويبين الخليفة أن أسرة الراحل تنوي افتتاح مكتبة الراحل التي تضم آلاف العناوين لكي يستفيد منها الباحثون والدارسون.
الديوانية والأصدقاء
كما تحدث الخليفة عن ديوانية الراحل التي شهدت ندوات وحوارات أدبية مهمة عكست هموم المواطن، وكان يتوافد الأصدقاء إلى الديوانية بكل حب وود رغبة في الاستزادة والنهل من هذا الأديب الكبير.
تجليات الشعر
ثم تحدث الدكتور عبدالله المهنا عبر ورقته البحثية 'تجليات الواقع في التجربة الشعرية عند عبدالله زكريا الأنصاري' عن القيمة الشعرية لهذا الشاعر الكبير، معتبراً أنه ظاهرة ثقافية متعددة النوافذ، تطل على مختلف تيارات الثقافة العربية المعاصرة وله في هذا الجانب إسهامات متعددة، بلغت أحد عشر عملاً منشورا باستثناء الشعر ما بين أعوام 1956-1983، أدار فيها حوارات بالغة التعقيد فأنت تراه حيناً ناقداص متميزاً يجمع بين عمق الرؤية وجماليات التفسير النقدي حين يتعرض لشعر فهد العسكر أو صقر الشبيب، وله الفضل في إثارة الكثير من القضايا الإشكالية والنقدية حول شعر هذين الشاعرين المثيرين للجدل في مسيرة الشعر الكويتي، وتراه أحياناً مفكراً، من طراز مختلف، تتملكه رغبة الحوار والبحث عن الحقيقة الغائبة.
وأضاف المهنا:' له كتاب بعنوان' حوار في مجتمع صغير' الذي يسلك فيه مشرباً سياسياً واجتماعياً على لسان الآخر الذي يحتل مركز الصدارة في إدارة هذا النمط من الحوار'.
وبشأن موقفه من حركة الشعر العربي، يلفت أن الأنصاري لا يدير ظهره للحداثة الشعرية وهو يرى ضجيجها قد ملأ الحياة الثقافية، بل يتفاعل معها ويخضعها للمساءلة والاحتجاج، مستفسراً عن أسئلة مشروعة تتمحور حول مفهوم الحداثة، معتبراً أن الشكل الجديد للقصيدة يستمد جذوره من التراث العربي وهو بلا شك يخالف تماماً المفاهيم التي تطرحها القصيدة الحداثية، ومع اضطراب المصطلح واختلاف تأويلاته في الثقافة العربية المعاصرة فإنه يمكن حصره في أربعة عناصر رئيسة هي الشعر والشكل الشعري واللغة والشاعر، وإن شعرية القصيدة تكمن في بنيتها وليس في وظيفتها، والشاعر فرس النص ومبدعه.
ويشير إلى أن المرجعية الثقافية عند الأديب عبدالله الأنصاري واسعة ومثيرة للجدل، لا يمكن الإحاطة بأبعادها وبواعثها في مساحة محدودة من هذه الدراسة المخصصة لمعالجة أبعاد التجربة الشعرية بكل أطيافها التنظيرية منها والتطبيقية لغيابها عن المشهد النقدي، موضحاً أن المسيرة الشعرية عند الأنصاري بقيت حاضرة تفرض وجودها عليه إبداعاً فوق إبداع إلى أن أصبحت المجلات الثقافية والصحف اليومية تتلقف إنتاجه الشعري داخل الكويت وخارجها، وكان نفسه الشعري يفوق الكثيرين من أبناء جيله على المستويين الإقليمي والعربي غير أن إصرار الشاعر وتمنعه عن إصدار ديوانه حال دون تصدره المشهد النقدي طوال حياته.
موقفه من الشعر
يتناول المهنا حوار الأنصاري مع الشعر، إذ يحاكي أبناء عصره الذين عمدوا إلى تسجيل حكاياتهم وتجاربهم وإخفاقهم ونجاحاتهم، مع كتابة القصيدة ومنهم نازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي ونزار باني وعبد الوهاب البياتي وفدوى طوقان وغيرهم، غير أن الفارق النوعي بينه وبينهم أنهم دونوا تجاربهم في الغالب أعمالا نثرية خاصة أما الشاعر الأنصاري فقد آثر أن يسجل تجاربه الخاصة في هذا الشأن من خلال الشعر نفسه أما آراؤه العامة في الشعر وقضايا التجديد واللغة إلى غير ذلك من المسائل الخلافية فهي موجودة في كتاباته الصحافية المختلفة.
وتحدث المهنا عن الصمت الشعري، وقال في هذا السياق:' مر الشاعر الأنصاري بظاهرة الصمت الشعري وقد سجل لنا موقفه هذا في قصيدة طويلة في سياق حواري يكشف عن قدرة الشاعر على إشاعة حركة الحياة في إبداعه الشعري ومن أجوائها:'جاءت على مهل لتنشدني/ وتسرني طوراً وتحزنني/ وتروح في الماضي منقبة/ فتجيء في مهل تذكرني
وعن موقفه من قصيدة التفعيلة، يصف المهنا أن قراءة المشهد الشعري عبر قصيدة ساخرة لا يعكس موقفا نقدياً بقدر ما يعكس موقفا انفعاليا ضد القصيدة الجديدة التي أخذت تهز قواعد القصيدة العمودية.
ومنها الأبيات التالية:
وشعر يغوص وشعر يلوص/ وشعر يبغبغ كالببغاء/ وشعر يطير وشعر يحط/ وشعر يقرفص كالقرفصاء/ وشعر يرنُّ وشعر يوُّن/ وشعر يطن وشعر خواء.
وعقب ذلك درات مجموعة من المداخلات القيمة شارك فيها د خليفة الوقيان وليلى صالح وطالب الرفاعي وخليل حيدر وصالح المسباح ومحمود حربي .
وشهدت المنارة فيلما تسجيليا عن الاديب الناصري من اعداد فتحية الحداد ومعرض للصور والوثائق.
تعليقات