الفلول الخليجية في ميدان التحرير
عربي و دوليفبراير 6, 2013, 12:07 ص 4793 مشاهدات 0
الاعتراف بالمرض هو أول خطوات العلاج،ومن ينفي وجود علة في العلاقات الخليجيةالمصرية هذه الايام هو كمن يظن الورم في جسده شحم عافية. وللاعتراف بالمرض لابد من فحص أولي، بمرور يعلو فوق مستوى الخواطر ويخجل عن الوصول لمستوى أبحاث العلاقات الدولية العميقة.فمنذ إحتدام الصراع بين الرئاسة الاخوانية والمعارضة،ووسائل الاعلام تقذف بين الفينة والاخرى بمايشير لدور الخليجيين فيما يجري في الشارع المصري. لم يشفع للعواصم الخليجية انها كانت ملاذاً سياسيا آمناً لقيادات الإخوان الهاربة من ناصر والسادات ومبارك،كما لم يشفع لها ان المال الخليجي كان أهم مصادر تمويل أنشطة الإخوان .ٍبل إن المساعدات الخليجية لحكومة الاخوان البالغة 9 مليارات دولار منحا وودائعا وساعدت في منع الجنيه المصري من الانهيار قد صاحبها شكوك حول كونها لم تأت من باب الأخوة فحسب ،بل هو للتمويه على أموال خليجية موازية تلقي الحصى على قوات الامن المركزي في ميدان التحرير. وقد أظهرت لنا المعاينة النظرية إن خط التصادم الاخواني الخليجي قد تم رصفه بالمسببات التالية :
- تعتبر الحرية والعدالة والمساواة المعممة والمحجبة والمنقبة التي ينشرها الاخوان بين الشباب الخليجي تهديداً حقيقياًعلى الأنظمة القائمة، وعلى وحدة النسيج الإجتماعي، والترتيبات السياسية القائمة منذ عقود. فشرف الغاية يحتاج الى وضوح الرؤية وتسللات الاخوان كانت مريبة بمايكفي للوقوف ضدها.
- إنتهاء السكوت المرحلي وتغير موقف دول خليجية متسامحة، دفعها لإطلاق عنان الخليجيين المناوئين للاخوان.وإذا كانت تصريحات 'خلفان'عن وجود مؤامرة إخوانية قد شكلت أوضح هجوم خليجي على الجماعة،فإن في الكويت والرياض عشرات من الكتاب وأعضاء البرلمان الذين يردون جينات عدم الاستقرار للاخوان.
- أقنعت الاضطرابات السياسية صانع القرار الخليجي بإن إنفاق الهبات على مواطنيهم لشراء السلام الاجتماعي منذ بداية الربيع العربي لم يكن كافيا.وكان لابد من تجفيف منابع التأجيج التي تحمل قلادة ريادتها جماعة الاخوان المسلمين .
- من ألف باء العلاقات الدولية تصدير إخفاقات السياسة الداخلية للخارج،ومن ألف باء العمل الامني خلق 'العدو المفترض'لاغراض التمرين.وقد قادت خطوط الربيع العربي المحلل الخليجي في وزارة الخارجية وغرفة العمليات لدائرة عدم استقرار تحمل كلمة 'الاخوان' .
-حين غرقت سفينة صدام قفز الكثير من فئران البعث السمان وتشبثوا باطراف مركب خليجي مبحر لبلاده. ومن هناك تحول الملجأ الى معقل محصن اعادوا فيه تجميع انفسهم لتصفية حساباتهم . وهو مايفعله حاليا فلول مبارك.حيث مكنتهم أموالهم وخبرتهم من تكييف القرار الخليجي ضد الاخوان،فاتحين بذلك الطريق أمام فريق الاسد لتأثيث عرين لهم في الخليج .
- تصاعدت حدة الخلافات بين جماعة الاخوان وجماعات السلف المصرية قبل وخلال وبعد الانتخابات الرئاسية. وبما أن الجذور السلفية تعود لشجرة في الخليج ،وقد دعمها وصف الشيخ بن باز للاخوان بانهم من الـ72 فرقة الهالكة، فقد أهل ذلك جماعات السلف ليكونوا في عين الاعلام المصري عصا خليجية في عجلة الاخوان.
- بعد مراجعة كثير من الاستثمارات الأجنبية،طعنت سلطة الاخوان في قانونية صفقات ضخمة لمؤسسات خليجية في مجالات عدة بحجة فساد رجال مبارك وشراءها بسعر أقل من سعر السوق، مما فتح الباب أمام معارك ثأر على مستويات عليا في إدارات كلا الطرفين .
- كانت كل مبادرة خليجية في المحيط العربي توصم حتى سنوات قريبة بأنها بإيحاءات أميركية ،لكن الامر تحول مع الاخوان الى النقيض، فالإخوان كما يرى الخليجيون حاليا عصا غربية لإخضاعهم ،فهناك دعم سياسى أمريكي لجعل الانظمة الخليجية تحت الإحساس بالخطر منهم ، فكان لابد من التعبئة الخليجية ضد هذه الترتيبات عبر مهاجمة الاخوان مباشرة لافشال الجهد الاميركي .
-تخاف دول الخليج من تشكل هلال شيعي سني غير ودود بين الدول والكيانات الدينية في مصروغزة وتونس وليبيا وحزب الله وسوريا وإيران -سيزور أحمدي نجاد القاهرة الأسبوع القادم في أول زيارة من رئيس إيراني لمصر منذ عقود- وعليه لابد للخليجيين من كبح جماح هذا التشكل السريع بمهاجمة مركز ثقله في مصر الاخوان.
- سجلت دول الخليج، فائضا قياسيا قدره 350 مليار دولار العام الماضي،وبذلك يصبحون الهدف الاثمن للاخوان،ولكونهم نظام شمولي عابر للحدود فيدسخلون سباق النفوذ على مقدرات الخليج كما تفعل واشنطن وطهران وباريس ولندن.
–الجفوة الحالية هي خير وسائل الخليجيين للفكاك من عبء المساعدات المالية لحكومة مرسي بناء على مايريده الاخوان،ويصبح الامر بيد العواصم الخليجية بناء على ماتقتضيه حاجتهم في ظل صراع النفوذ الخليجيالإيراني في القاهرة .
يمكن أن يُصاب المرء لشهور أو أعوام عدة دون أن تظهر عليه أعراض مرضية. وعندما تظهر يكون غالباً في مرحلة متقدمة من المرض . وفيما سبق نقاط تجزم بأن العلاقات الخليجيةالمصرية تمر بحالة مرضية تتطلب الاعتراف بها اولا لعلاجها . فقد قدر لدول الخليج أن تبدأ علاقتها مع كل نظام مصري جديد بمنتهى الإرتباك، إبتداءا من الصدام مع محمد علي وقوات إبنه طوسون باشا1811 م،مرورا بمناوئة الناصرية التي وصلت السلطة 1952م .ثم دخولنا دائرة جبهة الصمود والتصدي ضد السادات 1978م بعد كامب دافيد. ولاشك ان للاخوان مواقف يصعب الدفاع عنها، لكننا نجتاز خط الجفوة متجهين نحو قطيعة مع مصر. وإن لم تسارع الجهات المعنيّة بتقدير التطوّرات المحتملة لوقفها فسنتجاوز جهلا مرحلة الاعتراف بالمرض لنجد انفسنا في مرحلة يصعب علاجها .
تعليقات