نص حكم سجن الصواغ والداهوم والطاحوس

أمن وقضايا

((الآن)) تنشر حيثياته واستعانة المحكمة بسياج الذات الملكية بمصر، اتهموا الأمير بالتفرد بالحكم ووجهوا له تحديا صارخا

5383 مشاهدات 0

الداهوم والطاحوس والصواغ

قالت محكمة الجنايات في حيثيات حكمها بحبس النواب السابقين الثلاثة (فلاح الصواغ، خالد الطاحوس، وبدر الداهوم) ان ما شهدته وتشهده البلاد هذه الايام في الساحة السياسية من تناحر وتجاذب خرج عن طور المألوف والموروث الى احتدام العبارة وتشند العلاقة واحداث شقاق مؤسف في جدار هذا المجتمع الصغير الذي دأب على التحاور البناء والمحبة والاخاء بين اطيافه وتشكلاته.

«نعم الله على الكويت»
واضافت المحكمة: وقد منّ الله تعالى على الكويت وأفاء عليها بحمد منه منذ زمن بعيد بنعم شتى اخصها نعم الرخاء والحرية والديموقراطية لتتفرد وتتميز بها عن سائر دول المنطقة، وقد مارس المواطنون حقوقهم الدستورية ايا كان وجه الرأي فيها بحرية عالية وبأجواء اتسمت -وبحق- بقدر وفير من النزاهة، وافرزت تلك الممارسة تربية سياسية ألقت بآثارها الايجابية على مدار سنوات العمل بالدستور على مؤسسات الدولة وقوانينها وثقافة المواطنين واتساع آفاقهم وهي تتطلب جهداً اكبر وتضافراً امتن لبناء مستقبل الوطن على نحو يسمو به الى مزيد من التمدن والتحضر.

المناصحة
وبين ان مناصحة ولي الامر لها ضوابطها واساليبها القانونية والشرعية التي تحقق المصلحة وتدرأ المفسدة، ولا تكون الا في اطار النظام ومن خلال المؤسسات والقنوات المشروعة بما يوفر الاحترام ويحفظ مكانة القائد، وان المجاهرة بالانكار على الامراء على الملأ تتأذى به المشاعر ويفرز بلا شك مفاسد عظيمة ويهبط بالمكانة السامية لمقام امير البلاد ويكدر الصفو والسلم العام، ويزعج الهيئة الاجتماعية، بل هو في حقيقته جناية على الدولة برمتها ويربك سير حقوقها ومصالح الناس، ويعصف بنظامها القانوني، واي خلاف في وجهات النظر في شأن العمل السياسي له مرجعه من خلال المحكمة الدستورية المختصة التي لها وحدها قول الفصل فيما يشجر بين السلطتين من خلاف، وكان الاولى بالمتهمين وهم ممن كانوا نواباً لهذه الامة ان يظهروا بمظهر القدوة الحسنة بحكمة المشرع الراجح المتبصر بنظرته النافذة  للمصلحة العامة والمستقبل الزاهر ليكونوا مثالا يحتذى به لاجيال الشباب والا يتبعوا المزاج العام كي لايسقطوا في شراك المحظور.
وأضافت المحكمة «إن المتهمين الثلاثة ثبتت بحقهم التهمة، مشيرة إلى أنهم قاموا بتوجيه خطاباتهم لسمو أمير البلاد على الملأ بأسلوب اعتراه التحدي، وجعلوه خصماً مباشراً لهم».
وأضافت المحكمة في حيثياتها التي حصلت القبس على نسخة منها: إن المتهمين «نزلوا بخطابهم إلى مرتبة الفرد العادي، وبإشارة واضحة الدلالة إلى أن من يعنونه هو سمو الأمير بقولهم المتهم الأول (خالد الطاحوس): يا صاحب السمو تدري من وضعك في هذا الأمر وسبق أن حذرنا مراراً وتكراراً ألا تكون يا صاحب السمو في مواجهة مباشرة مع الشعب، وهذا ما وضعك فيه المتنفذون وأصحاب المصالح.

الطاحوس
وأوضحت المحكمة أن المتهم الأول (الطاحوس) تحدّث في إشارة إلى إغفال أمير البلاد عما يحيكه المتنفذون من وراء ظهره وتباعده في إصداره لمرسوم الضرورة عن المصلحة العامة ومطلب الشعب.

الصواغ
وتابعت المحكمة «وبما جاء في قول المتهم الثاني (فلاح الصواغ) زاد على ما قاله في الندوة، ليتهم سمو الأمير بالتفرّد بالحكم حال ممارسته لحقه الدستوري في إصدار مراسيم الضرورة وخطأ مساره في إدارة الدولة.

الداهوم
وأكملت المحكمة بعد أن سطرت أقول المتهم الثالث (بدر الداهوم) في تلك الندوة من تشبيه السلطة بـ«الفاسدة» -مضيفة المحكمة-: لتتضمن تصريحا بالمواجهة المباشرة مع سمو الأمير في خطابه، وبتحد صارخ تأباه أبسط قواعد القانون والأخلاق، وهي عبارات تنطوي على إخلال جسيم بقواعد ونظم البلاد، فضلا عن القواعد الأخلاقية والبروتوكولية في أدنى مراتبها في مخاطبة رئيس الدولة، حديثا كمن طعنا صريحا يخل بالاحترام الواجب لرمز الدولة، وفي إهدار رونقه بأذهان وأعين الناس، وهي أقوال يتجسّد فيها الطعن في حقوق الأمير وسلطته والعيب في ذاته والتطاول على مسند الإمارة، وهو ما لا يحتمل التأول غير غاية العيب وإهدار هيبة أمير البلاد، التي من شأنها إضعاف الاحترام الواجب لشخص الأمير وسلطته.

إثارة الفتن
واستطردت المحكمة في حيثياتها «بل وفيه حضّ على عدم إطاعة ولي الأمر وإثارة الفتن وتكدير السلم العام، مؤكدة في الوقت نفسه أن المحكمة اقتنعت كما ظهر لها بصورة جلية سوء نية المتهمين وأن غايتهم في ذلك ليس الإصلاح كما يدعو في دفاعهم، وأنهم غشوها بزائف الطلاء، تذرعاً للفرار من العقوبة.
واستدركت المحكمة «إنما قصدوا التطاول على سلطات الأمير، والعيب في ذاته، مع علمهم بمضمون تلك العبارات التي من شأنها أن تؤدي إلى تلك الغاية، ومن ثم فقد حقت على المتهمين كلمة القانون، مما يستوجب عقابهم وفقا لنص المادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء على نحو ما سيرد بالمنطوق.

دفع بعدم الدستورية
وردت المحكمة على دفاع المتهمين بعدم دستورية نص المادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1970، مؤكدة انه لما كان من المقرر أن تقدير مدى جدية الدفع بعدم الدستورية من اختصاص محكمة الموضوع، وكان نص المادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1970بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء إذ جرت على أن: «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات كل من طعن علناً أو في مكان عام، أو في مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر، في حقوق الأمير وسلطته، أو عاب في ذات الأمير، أو تطاول على مسند الإمارة».
 كانت المحكمة من استقرائها لظاهر النص الطعين ترى أن هذا الدفع يتسم بعدم الجدية لكون لفظي العيب والتطاول واضحي الدلالة في معناهما ومؤداهما لا لبس فيهما ولا غموض، وقد جاء ذلك النص منضوياً تحت قانون جرائم أمن الدولة وتحديداً في المادة المعاقبة على المساس بالذات الأميرية في إطاره الضيق ومجاله المحدود.

المقام السامي
واضافت: اذ البين من استقراء ذلك النص انه حدد بجزم الافعال المعاقب عليها كالطعن في حق الامير وسلطته او العيب في ذات الامير اوا لتطاول على مسند الامارة، وقد ربط تلك الافعال بأداة الوصل (أو) معطوفة على الفعل الاول بإعطاء المشرع تعددا لتلك الافعال مما يجعلها مفهومة في سياق النص بمجمله، من ثم لا يجدي  التحدي باتساع وغموض النص وعدم انضباطه، فضلاً عن انه لا يتأتى للشخص ان يسند في قوله او اي من وسائل التعبير مخاطباً سمو امير البلاد بما لا يليق بمقامه السامي ومن ثم يتذرع بالتباس مفهومي التطاول والعيب بالذات الاميرية عنده، ومخالفتهما للحقوق والحريات الاساسية للفرد التي كفلها الدستور والتي غالباً ما تقترن بعبارة «وفقا للشروط والاوضاع التي يبينها القانون»، ولا ترى المحكمة في ذلك ما يحد او يعرقل من حرية التعبير بأي شكل من اشكاله طالماً تم وفقاً للقانون المنظم وفي حدوده، ومن ثم ليس في النص التشريعي الطعين قيام شبهة قوية على خروجه على احكام الدستور التي استعان بها دفاع المتهمين، متى كانت مادة العقاب قد شرعت خاصة لحماية رمز الدولة من اهدار هيبته وهو امر تقدره المحكمة حسب ظروف كل قضية، لتنتهي من بعد الى القضاء بعدم جدية هذا الدفع.

سلطة التحقيق
وتابعت: حيث انه عن الدفع ببطلان انعقاد الدعوى العمومية لعدم ورود شكوى من المجني عليه فهو غير سديد، اذ ان الاصل ان سلطة التحقيق هي صاحبة الحق في رفع الدعوى الجزائية عملاً بحكم المادتين 129من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، 73 من القانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن تنظيم القضاء، وكان توقف رفع الدعوى على شكوى من المجني عليه - وفق ما تنص عليه المادة 109 من القانون الأول إنما هو استثناء من هذا الأصل بحسبانه قيدا على سلطة التحقيق صاحبة الاختصاص الأصيل به فلا يجوز من ثم التوسع فيه قياساً عليه ليشمل جرائم مشابهة لتلك الواردة به حصراً لو شاء المشرع أن يشملها حكمه لما أعوزه أن ينص على ذلك صراحة، وكانت الجريمتان الأولى ؤالثانية ليستا من ضمن الجرائم التي حددتها المادة سالفة الذكر التي يتوقف رفع الدعوى فيها على شكوى من المجني عليه وتختلف عن جريمتي السب والقذف الواردتين بها من حيث الأفعال المؤثمة فيهما وتحديد المجني عليه فيهما، فإن ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص يكون ولا أساس له. (الطعن رقم 2004/657 جزائي جلسة 2005/6/7). الأمر الذي تنتهي معه المحكمة برفض هذا الدفع، ودون حاجة للنص عليه في المنطوق.

بيانات كافية لتعيين الجريمة
ردت المحكمة على ما ساقه دفاع المتهمين من الدفع ببطلان تقرير الاتهام لعدم ذكر النيابة العامة للوقائع محل الجريمة، وقالت المحكمة انها تصدف عن هذا الدفع، من دون حاجة للنص عليه في المنطوق.
واوضحت المحكمة ان البيّن من مطالعة بيان الجريمة موضوع الدعوى المثبتة في تقرير الاتهام ان النيابة العامة اسندت للمتهمين قيامهم بارتكاب الافعال المنصوص عليها في مادة العقاب الموضحة بالوصف القانوني الملحق بها، بانهم في تاريخ 2012/10/10 بدائرة مباحث أمن الدولة في دولة الكويت طعنوا علنا وفي مكان عام عن طريق القول في حقوق الأمير وسلطته، وعابوا في ذاته، وتطاولوا على مسند الامارة بأن وجهوا له خلال ندوة عامة العبارات والالفاظ المبينة بالأوراق، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وكانت تلك البيانات قد تعين فيها الافعال المنسوب صدورها الى المتهمين، من حيث طبيعتها وزمانها ومكانها وظروف ارتكابها، وألحقها بعبارة «على النحو المبين بالتحقيقات». واضافت: من ثم فهي بيانات كافية لتعيين الجريمة على النحو الذي تطلبته المادة 130 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، لا سيما ان تقرير الاتهام بطبيعته هو وصف مختصر للاتهام، وتكفيه الاشارة الى التهمة والوصف القانوني وادلة ثبوتها بما يمكن ان تهدي لتفصيلاتها بأوراق التحقيقات، وقد دارت المحاكمة ودفاع المتهمين على أساسها، فضلا عن ان نص المادة المشار إليه لم ترتب أي بطلان على إغفال أي من تلك البيانات، ان كان طالما ليس من شأنه تضليل المتهم.

دفع في غير محله
اكدت المحكمة ان الدفع بعدم انعقاد الدعوى الجزائية لبطلان تقرير الاتهام لكون توقيع من اصدره غير مقروء وغير منسوب لاسم صاحبه يعتبر في غير محله، موضحة انه وان كان ممهورا بتوقيع غير مقروء، فإن ذلك لا يعيب التقرير ما دام موقعا عليه ممن اصدره وهو ما لم يجحده محامي المتهم.

سلامة تسجيل الندوة
اكدت المحكمة بشأن الدفع ببطلان التسجيل السمعي والمرئي الوارد بالاقراص المقدمة في الدعوى وبعدم مطابقتها للحقيقة بأنه في غير محله، اذ ان القانون لم يشترط اذنا من النيابة العامة لاجراء تسجيل في الاماكن العامة لا سيما ان البيان من تلك الاقراص حضور وسائل اعلام، والمحكمة اطمأنت لسلامة التسجيل.

قضاء النقض المصري.. وسياج الذات الملكية
اشارت المحكمة إلى انه قضى في قضاء النقض المصري ان العيب في الذات الملكية قد قصد أن يتناول بالعقاب كل قول او فعل أو كتابة او رسم أو غيره من طرق التمثيل يكون فيه اي مساس تصريحا كان او تلميحا، من قريب او من بعيد، مباشرة أو غير مباشرة، بتلك الذات المصونة التي هي بحكم كونها رمز الوطن المقدس محوطة بسياج من المشاعر يتأذى بكل ما يحس أن فيه مساسا بها ولو لم يبلغ مبلغ ما يعد بالنسبة لسائر الناس قذفا أو سبا أو إهانة. فمتى وقع الفعل المكون للعيب على أي صورة من تلك الصور وكان الجاني قد قصد توجيهه، وهو عالم به، إلى شخص الملك فقد حق عليه العقاب.

التهمة المسندة
التهمة التي اسندت للنواب السابقين الثلاثة من مجمل ما قالوه في ندوة ديوان النائب السابق سالم النملان هي: طعنوا علنا وفي مكان عام عن طريق القول في حقوق الامير وسلطته، وعابوا في ذاته، وتطاولوا على مسند الامارة بأن وجهوا له خلال ندوة عامة العبارات والالفاظ المبينة بالاوراق.

طعون وأحكام استند إليها الحكم
خلال بحث المحكمة من الناحية القانونية، فإنها استندت إلى 5 طعون في أحكام تحدثت عن اقتناع القاضي ونصوص الدستور في ذات سمو الأمير المصونة، كذلك المشرّع وما تتطلبه الجريمة، إضافة إلى تطرقها لحكم صادر من قضاء النقض المصري.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك