حبس 'الصواغ' و'الداهوم' و'الطاحوس' قمة عدم التناسب في العقاب وقسوة الجزاء.. برأي المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 1580 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  العدالة الجنائية

أ. د محمد عبد المحسن المقاطع

 

إدارة العدالة الجنائية لا تقل أهمية عن النهوض بمهام العدالة ذاتها والموكل أمرها للقضاء، ومتى كان تكامل هذين الجهازين مستنداً الى مبادئ قانونية راسخة في ضمان استقلالها وحسن تكوينها وتعزيز حيادها باجراءات تكرس العدالة بمفهومها السليم، كان ذلك سياج الدولة وعامل استقرارها، كما يقال في المبدأ الشائع «العدل أساس الملك».

وتبقى أحكام القضاء النهائية عنوانا للحقيقة، وعلى الرغم من ذلك فهي موضع للنقد والدراسة والتعليق، فيما قد يكون اعتراها من نقص أو قصور أو فساد استدلال أو تفسير أو ضعف اجتهاد أو ظروف تتصل بالوقائع أو سلامة انزال أحكام القانون عليها، ما يجعلها مشوبة بعيوب ظاهرة تبرر النقد وتقوي أسس الاعتراض عليها.

وفي هذا السياق، يمكن أن تتم قراءة حكم محكمة أول درجة الصادر يوم الثلاثاء 2012/2/5 بأحكام ادانة أعضاء مجلس الأمة السابقين وهم كل من: فلاح الصواغ وبدر الداهوم وخالد الطاحوس، فقد اتسم الحكم باخلاله بمبدأ التناسب بالعقوبة وبالقسوة التي لم تراع طبيعة التهم وظروف الاتهام وأحوال المتهمين والتدرج في العقاب والحدود المعقولة للعقوبة التي جاءت بالسجن لثلاث سنوات، وقد سبق ذلك بأيام الحكم الصادر بحق أحد الشباب بالحبس 10 سنوات بتهم مماثلة، وهو يمثل قمة عدم التناسب في العقاب وقسوة الجزاء.

وبعيدا عن التذكير بأهمية استشعار أجهزة العدالة لمسؤولياتها المجتمعية الى جوار دورها القانوني بارساء العدالة، فان الحالة العامة للغضب السائد بالمجتمع تعد سببا موضوعيا للتأني في التهم اللصيقة بحرية الرأي والمتزامنة مع طبيعتها السياسية، ومن الأهمية بمكان أخذ ذلك كله بالاعتبار لمصلحة «المتهم السياسي أو صاحب الرأي»، وهو لا يعني ترك التعدي المجرم بعيدا عن طائلة القانون، لكن ينبغي وضعه في ظروفه المتكاملة موضوعيا. فلا شك أن هناك خطاً رفيعاً بين الحرية وبين الجريمة وبين الاتهام والملاحقات السياسية، لا تخفى على أحد ضرورة أخذه في الحسبان، خصوصا أمام تهم عن أقوال بالتلميح لا بالتصريح قابلة للتأويل والفهم المختلف مع قول من اتهم بعدم قصده الاساءة، لا عبارة ولا غاية، فهل يوجد نظام عدالة في العالم لا يفسر ذلك لمصلحة المتهم ويتخفف بالعقاب ان وجد لأدنى درجاته، خلافا لما جاءت به الأحكام المذكورة وهو ما استلزم نقدها وبيان مثالبها؟

ويبقى اليوم أن مبدأ التسامح ركيزة بني عليها المجتمع الكويتي، الذي يرفض المبالغة أو الظلم والتشدد. ومن هنا أظن أن طي صفحة الملاحقات والقضايا بتعامل قانوني مسؤول هو هدف يجب الحرص عليه بالتزامن مع العفو عن الأحكام من قبل سمو الأمير في سنته الحميدة سنويا، عملا بحقوقه الدستورية خياراً لوحدة المجتمع وتجاوزاً لمرحلة الغضب.

اللهم إني بلّغت.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك