الأزمة التونسية تبرز معضلة الإسلاميين بقلم رولا خلف

الاقتصاد الآن

560 مشاهدات 0



في أعقاب الثورة التونسية تجاهل راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة المحظورة الذي كان لا يزال في المنفى، اقتراحات بأن تعتمد منظمته الإسلامية نهجا انتخابيا تدريجيا؛ لتهدئة شكوك قديمة تساور منتقديها.

وتساءل قائلاً ''لماذا يجب على الإسلاميين أن يكونوا أقل طموحاً من غيرهم عندما يتعلق الأمر بصندوق الاقتراع؟، مُصراً على أن هدف حركة النهضة في انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) 2011 هو الفوز وليس الخسارة.

اليوم، ربما يكون بعض أعضاء حركة النهضة نادمين على ذلك النصر؛ لأنه تُرجِم إلى تحمل مسؤولية حكم أمة مرتبكة واقتصاد ضعيف.

وفي الواقع، بعد اغتيال شكري بلعيد، السياسي اليساري المعادي للإسلاميين، الذي أحدث صدمة في تونس الأسبوع الماضي، كان حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة النهضة ورئيس مجلس الوزراء، هو من دعا إلى حل الحكومة ـــ التي تتشارك فيها النهضة مع حزبين صغيرين غير إسلاميين ـــ وتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية.

ولقيت الدعوة ارتياحا في أوساط المعارضة الليبرالية التي ظلت تشتكي من أداء الحكومة وتجاهلها المزعوم لعناصر متطرفة شاركت في هجمات ضد المرأة، والسياسيين، والفنانين. ويرى كثيرون أن الجبالي ارتفع فوق الاعتبارات الحزبية وطرح دعوة من أجل الوحدة الوطنية في وقت تمس فيه الحاجة إلى مثل هذه الرسالة.

لكن المثير للفضول أن حزب الجبالي هو نفسه الخصم الرئيس لاستراتيجيته.

ويرى مسؤولون في حركة النهضة ومحللون، أنه يمكن خلق شكل من أشكال التسوية، ربما من خلال أن تذهب بعض الوزارات الأكثر حساسية إلى أعضاء مستقلين. لكن أزمة الحكومة كشفت على أي حال عن مشاكل أكبر لا يمكن حلها بسهولة، ليس أقلها الانقسامات الداخلية الظاهرة في صفوف المنظمة الإسلامية التي خرجت من الرماد بسرعة كبيرة بعد ثورة 2011.

فعلى أحد المستويات، هيكل حركة النهضة الذي تم تدميره تماماً من قِبَل النظام السابق، تمت إعادة بنائه بقدر كبير من الكفاءة، وبعض المسؤولين الذين خرجوا مؤخراً من السجن، انتقلوا إلى مناصب وزارية. لكن الساسة الذين يتعاملون مع النهضة يقولون إن الحزب موطن لاتجاهات إسلامية مختلفة، مع وجود قاعدة أكثر تشدداً من قيادتها.

ويصر مسؤولو النهضة على أن الحديث عن الانقسامات الداخلية هو من خيال النقاد ووسائل الإعلام. وتقول يسرا الغنوشي، ابنة الزعيم والمتحدثة باسمه، إن وجهات نظر مختلفة يتم طرحها وإن التوصل إلى القرارات يتم بشكل ديمقراطي.

ويقول بعض المحللين إن الحزب، مثل غيره في تونس، منقسم بين أولئك المؤمنين بالديمقراطية وأولئك الواقعين تحت وهم أن حكم تونس حق إلهي. ويرى آخرون أن الخلافات تدور حول مدى التزام الحزب بإضفاء الطابع الإسلامي على المجتمع التونسي.

وفي حين يتهم العلمانيون حزب النهضة بالتساهل مع السلفيين المتزمتين الذين يوسعون قاعدتهم عن طريق عظات إسلامية صارمة اجتماعيا، هناك جناح من الحزب أقرب في وجهات نظره إلى السلفيين ويعتبر أن القيادة بعيدة عن مهمتها الإسلامية.

ويقول شادي حميد، خبير الحركات الإسلامية في مركز بروكنجز في الدوحة: ''يوجد كثير من خيبة الأمل بين مؤيدي النهضة؛ لأن وتيرة التغيير كانت بطيئة''.

وأكدت أزمة الحكومة ضرورة الموازنة في تصرف الإسلاميين. فهم ممزقون بين إرضاء مختلف الاتجاهات السياسية داخل حركتهم والمعارضة الصاخبة والمنظمة على نحو متزايد، التي ترفض أجزاء منها أي نفحة من أسلمة الدولة العلمانية بشكل تقليدي.

من بين هؤلاء العلمانيين الذين يجادلون بأن مجرد السماح لشيوخ السلفيين بفتح المدارس القرآنية والجمعيات يعد ضغطاً غير مقبول على المجتمع.

وعلى الرغم من أن الفجوة الأيديولوجية أقل وضوحاً في المجتمع ككل، إلا أنها تقع في موقع المركز من التوترات السياسية في البلاد. وستتم إدارة الصراع بطريقة حماسية ومنفعلة في وقت تقترف فيه تونس من الانتخابات في وقت لاحق هذا العام.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك