رحلة الموت إلى الحدود الأردنية
عربي و دوليمراسل بي بي سي يرصد معاناة اللاجئين السوريين
فبراير 22, 2013, 4:59 ص 3257 مشاهدات 0
في تقرير لمراسل بي بي سي البريطانية يقول فيه 'يوم على الحدود الأردنية السورية برفقة عناصر الجيش الأردني، زرنا خلاله العديد من نقاط العبور الحدودية التي يتسلل عبرها اللاجئون السوريون إلى الأراضي الأردنية.
طلب منا عدم الإفصاح عن أي من أسماء نقاط العبور تلك أو حتى تحديد أماكنها، خشية تعرضها للقصف من قبل قوات النظام السوري كما حدث سابقا، وحفاظا على حياة آلاف اللاجئين الذين يتسللون من خلالها.
لم أكن أتخيل حجم الخطر الذي يتحتم على اللاجئين السوريين أطفالا ونساء وشيوخا تجاوزه قبل وصولهم بر الأمان على الجهة الأردنية في رحلة طويلة وشاقة بحثا عن الأمن.
رحلة الموت
حدة الصراع والمواجهة بين القوات النظامية السورية وعناصر الجيش الحر تزيد وتيرة تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن عبر نقاط عبور حدودية أنشئت لتسهيل مرور من يفر من وطأة المعارك والقصف العشوائي الذي لا يفرق بين مدنيين عزل أو مسلحين من عناصر الجيش السوري الحر.
رحلة العبور إلى الأردن محفوفة بالمخاطر وما يزيد من صعوبتها نصب قوات النظام السوري كمائن وقناصة على طول المناطق الحدودية، وهو ما دفع بعض اللاجئين لوصف هذه الرحلة بـ“رحلة الموت”
حركة النزوح والعبور تبلغ ذروتها بحلول الظلام. ورغم صعوبة التنقل ليلا، فإن اللاجئين السوريين يفضلون سير الليل على النهار.
الليل بالنسبة لهم ساتر طبيعي يشعرهم بالأمان من غوائل قوات النظام السوري، على الرغم من انعدام الرؤية وانخفاض درجات الحرارة في هذه الأوقات من السنة.
كان يقطع الصمت بكاء الأطفال، أو نداء الأمهات على أطفالهن، أو سؤال بعضهم عن بعض، بينما كان الجنود الأردنيون في استقبالهم يحثونهم على الإسراع في خطواتهم ويقدمون يد العون للضعفاء منهم لإجلائهم عن الحدود السورية، لأن المناطق متلاصقة إلى حد كبير.
صورة قاتمة
وجوه شاحبة أعياها التعب والإرهاق، نساء يلتقطن أنفاسهن بصعوبة بالغة، وأطفال رضع يبكون، وكبار في السن لا يستطيعون مواصلة المشي على الأقدام من شدة الإرهاق، وأصوات الدعاء والاستغاثة بالله، كنت أسمعها كلما اقتربت من أحدهم.
كانت هذه اللحظات الأولى من وصول مئات اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأردنية، كان المشهد يختلط فيه الفرح والأسى، فرح بوصولهم إلى بر الأمان، وأسى على ما تركوه خلفهم من دمار وفقدان للأقارب والأحبة.
ما لفت انتباهي كان العبارات التي يرددونها مهنئين أنفسهم على السلامة 'الحمد لله على السلامة'.
اللاجئون كانوا خليطا من مخلتف المدن والقرى السورية كمدينة حمص ودرعا ومناطق أخرى.
لاجئة سورية قادمة من الحولة بحمص طلبت عدم الشكف عن اسمها كانت تحمل ابنها الرضيع قالت لنا عمَّ وصفته بـ 'الدمار والجحيم'، 'إن الحياة في حمص أصبحت جحيما لايطاق مع تواصل القصف العشوائي لقوات النظام السوري على المدنية، إن الأسد يخوض حرب إبادة بشرية دون رحمة أو رأفة'.
أما أبو محمد الذي جاء من قرية الصنمين بدرعا برفقة زوجته وأطفاله الخمسة فقال لي والدموع تنهمر على وجنتيه لقد أذلنا بشار، لقد انعدمت مظاهر الحياة في سوريا، لقد تحولت القرية إلى ركام من شدة القصف، جئت حتى أوصل أطفالي وعائلتي، أما أنا لابد من عودتي 'سوف أعود لكي أدافع عن أرضي وعرضي'.
أرقام وإحصائيات
الجرحى كانوا هم أيضا ممن عبروا إلى الأراضي الأردنية، جلبوا بواسطة حافلات تابعة لعناصر الجيش الحر، أبومحمد أحد عناصر الجيش الحر، كان من ضمن الجرحى وصل لتلقي العلاج بعد أن تعرض وكتيبته لقصف مدفعي أصيب على إثره بشظايا قذيفة سقطت على مقربة منه، كان في استقباله كادر طبي تابع للجيش الأردني.
حسب مصادر في الجيش الأردني، فإن موجة نزوح اللاجئين السوريين شهدت ارتفاعا ملحوظا منذ مطلع العام الجاري إذ شهد دخول ما لا يقل عن ٨٩ ألف لاجئ ليرتفع بذلك عدد اللاجئين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قرابة ٢١٥ ألف لاجئ، بينما قدرت السلطات الأردنية عدد اللاجئين غير المسجلين بنحو ٢٠٠ ألف لاجئ.
900 ألف نازح
من جهة أخرى قال مسؤولون أن النزوح الجماعي المتزايد من سورية يسبب ازدحاما شديدا في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة.
وطالب المسؤولين بمزيد من الأموال الدولية لفتح مخيمات جديدة.
وقال أندرو هاربر، ممثل وكالة الأمم المتحدة للاجئين في الأردن، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): 'نحن نستقبل في المتوسط 2500 سوري يوميا في الأردن. وتقوم وكالات بالإبلاغ عن أعداد مماثلة في لبنان. نحن ببساطة لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو'.
ودفع الارتفاع الأخير في حدة العنف إجمالي عدد اللاجئين السوريين المسجلين إلى نحو 900 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة. وتستضيف الأردن حاليا نحو 360 ألف سوري، في حين توفر لبنان المأوى لأكثر من 300 سوري. وتتوقع الأمم المتحدة أن يصل العدد إلى الضعف تقريبا بحلول نهاية حزيران/ يونيو.
وقد سجل الجيش الأردني دخول أكثر من 35 ألف سوري البلاد خلال الأسابيع الثلاثة الأولى فقط من الشهر الجاري.
وقال المسؤولون إن معدل الوافدين يتطلب افتتاح مخيم للاجئين بسعة قدرها 70 ألف شخص كل شهر في الأردن.
وحذروا من أن العناصر الأساسية الموجودة لدى وكالات الإغاثة مثل الخيام وفرش النوم والبطانيات تنفد.
وتسارع الوكالات والحكومة حاليا نحو فتح مخيمين جديدين بسعة 30 و50 ألف لاجئ على الترتيب خلال الشهر المقبل.
ويستضيف مخيم الزعتري الواقع على مشارف مدينة المفرق الحدودية، المرفق الوحيد للاجئين السوريين، نحو 90 ألف سوري، وهو ما يفوق قدرته البالغة 60 ألف شخص.
وقد قوضت جهود لتوسيعه أو بناء مخيمات جديدة في الأردن وفي أماكن أخرى بسبب فجوة التمويل الحالية.
وكان على الغالبية العظمى من السوريين الذين فروا إلى الأردن أن يتعاملوا بأنفسهم مع الموقف، فإما الإقامة مع ذويهم أو تأجير سكن خاص.
وقالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إنها أمنت أقل من 20 في المئة من 5ر1 مليار دولار من المساعدات للاجئين السوريين التي تعهد بها المجتمع الدولي في كانون ثان/ يناير.
تعليقات