الحكومة صنعت أبطال شعبويين بملاحقات أمنية ساذجة!! رأي د. محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 782 مشاهدات 0


سذاجة السلطة وبطولات وهمية

إلى أين يتجه البلد؟ وكيف ترى الأوضاع؟ سؤالان يرددهما الكويتيون يومياً في لقاءاتهم ومجالسهم، ولست بصدد الإجابة عن هذين السؤالين بقدر إيضاح ما يحملانه من معان وإسقاطات.

إن وضع البلد يثير قلقاً متزايداً لدى الناس بسبب عدم الثقة بإدارة الدولة التي تفتقد الكفاءات، ولا تدري ما ستفعله غداً، فهي تسيّر أمور البلد بمنطق الموظف البسيط الذي يذهب إلى مكتبه يومياً، وقد يكون له عمل أو بلا عمل، فلا غرابة في عجزها المستمر وتخبط أمور البلد، ففاقد الشيء لا يملك ما يقدم، حتى وإن تهيأت الفرص المناسبة له، فليس لدينا حكومة وإنما موظفون بدرجة وزراء منشغلون بتخليص معاملات الناس وواسطاتهم، لا يعرف معظمهم أن يرسم سياسة عامة للدولة ولا حتى مناقشة أمور تتعلق بوزارة أخرى، فوجودهم أو غيرهم لا يغير من الحال شيئاً.
 
إن ردة الفعل تسيطر على كل الأطراف الفاعلة في المجتمع، فالحكومة تنساق لزأر الهبات المالية لهثاً وراء رضا شعبي وهمي، تماماً كما تورط نفسها بصنع أبطال شعبويين بملاحقات أمنية ساذجة، ومجلس الأمة أسير للحدث اليومي والإثارات الصحافية وقد جذبه الصخب الإعلامي، والتجّار ندرت لديهم المبادرات انتظاراً لمشروعات الدولة المترددة، والمعارضة ومثلها التيارات السياسية في خطوط الاحتياط تظهر بعد الحدث وتتوارى بعد نهايته، ولكنها لا تحسن الوجود في الصفوف الأمامية، والشباب يعيش الانفعال ولا يوظّف طاقاته بصورة مثمرة. أما المتفرجون، فما أكثرهم، فقد تعطلت وظائفهم ومصالح الدولة، لأن الفرجة لا كلفة فيها مثل العمل واتخاذ القرار، فالكل في نهاية الشهر ضامن راتبه، عمل أم كان متفرجاً. وهناك انتهازيون تجدهم في وسائل الإعلام فقط كذبوا وأشغلوا الناس بكل مظاهر الفتن والتآليب على السلم المجتمعي، وألّفوا بطولاتهم الوهمية وصرخوا بأعلى أصواتهم عندما أدانتهم المحاكم وهم ليسوا بالعير ولا بالنفير، والعمل الوطني منهم براء.
 
إن هناك خشية متعاظمة من أن هذه الحال وتراكماتها تتجاوز وضع الفشل والعجز الحكوميين وتفرج السلطة وفقدانها الرغبة في التغيير أو حتى تهالك مؤسسات الدولة وترهلها وضياع هيبة الأسرة، أو انقسام مؤقت لخلافات سياسية طارئة، لكي تصير الأمور إلى انفلات وفوضى يسعى إليها البعض قد تفضي لانهيار مؤسسات الدولة وانقسام حدي ومتطرف ينال من السلم الاجتماعي، ولا يمكن التحكم بتداعياته، فالخشية أننا نفقد رسم مستقبلنا، ونصير تبعاً لرياح التقلبات السياسية أو الاجتماعية أو الفئوية وبؤر التفجر الإقليمي، فنخسر حاضرنا ومستقبل أبنائنا، فلم تنهار الأمم إلا بعد أن صارت مظاهر الترف علة لانفلات المسؤوليات وحلول الفوضى والغلبة للقوة والمحسوبيات، فانتهى القانون والنظام وكل الحقوق والضمانات! فهل نسلم من هذا المنزلق الخطير قبل فوات الأوان، ونجيب عن تساؤلات الناس اليائسة بأقوال وأعمال تعيد البهجة وتبدد اليأس، وهو دور تقوده السلطة ويعاضده الجميع؟

أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك