نظمته كلية التربية بجامعة الكويت

شباب و جامعات

'مؤتمر المواطنة في المجتمع الكويتي' يواصل فعالياته

3515 مشاهدات 0


لليوم الثاني على التوالي تواصلت فعاليات مؤتمر ( المواطنة في المجتمع الكويتي : تشخيص للواقع ورؤية للمستقبل ) الذي ينظمه قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية – جامعة الكويت خلال الفترة من 4-6 مارس 2013 والتي تضمنت ثلاث جلسات متتالية تناولت ثلاثة محاور ، قدم المشاركون خلالها عددا من أوراق العمل التي ناقشت العديد من القضايا المتعلقة بالمواطنة وقدموا عددا من التصورات والتوصيات التي تسهم في بناء مواطنة سليمة صالحة .

بدأت الفعاليات بالجلسة الثالثة للمؤتمر والتي حملت عنوان : ( المواطنة وحقوق الإنسان بين ثقافة الطاعة وبيداغوغيا التقين ) تحدث فيها: وأ.د. محمد عزت عبد الموجود ود. يعقوب الشراح  وأدار الجلسة  أ.د. عبدالله محمد الشيخ .

بداية تحدث أ.د. محمد عزت عبد الموجود خبير أول التعليم والقوى العاملة في البنك الدولي سابقا، والمدير الأسبق للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية في جمهورية مصر العربية  في بحثه المعنون أعلاه عن مفهوم التربية للمواطنة حيث تعتبر التربية هامة وضرورية للحياة الديموقراطية ، كما تمكن الأفراد من اتخاذ القرارات الخاصة بحياتهم إلى مواطنين أكثر قدرة على المشاركة وتحمل المسئولية وقادرين على الإسهام في العملية السياسية ، مواطنين على وعي تام بحقوقهم ومسئولياتهم وعلى علم بالعالم الاجتماعي والسياسي ولديهم اهتمام بأحوال الآخرين ، يحسنون التعبير عن آرائهم ،مقنعين في فن المناقشة ويتحملون مسئولية أفعالهم .

وذكر أ.د. عبد الموجود أن التربية على المهارات المعيشية ترتبط ارتباطا وثيقا بالثقافة السياسية السائدة في كل مجتمع ، ومع تعقد أنماط الحياة في المجتمعات الغربية استفادت المدرس من التطور المعرفي المتسارع والتقدم التقني المتلاحق فأصبح هناك تطوير مستمر لأهداف التعليم ومناهجه وبرامجه وطرائقه واستخدمت التقنيات المتعددة في أساليب التعليم والتدريب وانتقلت بؤرة الارتكاز في العملية التعليمية من المعلم إلى المتعلم ومن التعليم إلى التعلم  .  

وأشار أ.د. عبد الموجود إلى أن جميع هذه السلوكيات ضرورية للإنسان وقليل منها يتم اكتسابه خارج المدرسة ( من الأسرة وجماعة الرفاق ) والكثير منها يتم تعلمه بطريقة ممنهجة في مؤسسات التعليم في جميع مناهجه ، موضحا أن الخطة لمنهج التربية للمواطنة يجب أن يكون :
أ)Inclusive
ب) Pervasive
ج) مدى الحياة Life long

وتابع قائلا أن التربية للمواطنة تعلم كيف تعمل الديموقراطية والقانون والاقتصاد ولأنها تعليم مدى الحياة فهي لا تنتهي بانتهاء التمدرس وحدودها أبعد عن حدود المنهج الرسمي، كما أن التربية للمواطنة لها انعكاسات إيجابية على المتعلمين فهي تنتج متعلمين مرتفعي الدافعية ، نشطاء متحملين للمسئولية تجاه أنفسهم وتجاه المجتمع .

واستعرض أ.د. عبد الموجود أهم عناصر محتوى منهج المواطنة :  معلومات ومعرفة وفهم لموضوعات كثيرة منها : أولا - القوانين والقواعد واللوائح وحقوق الإنسان والتنوع والمال والأعمال والاقتصاد والعولمة والتنمية المستدامة والحرية والعدالة والمساواة والسلطة .
ثانيا - مهارات واستعدادات في تحليل التفكير الناقد وإبداء الرأي والمشاركة في المناقشات والمناظرات ، والتفاوض والتخاطب .
ثالثا – القيم : احترام العدالة ، الديموقراطية وقواعد القانون ، الانفتاح والتسامح وقبول الآراء والشجاعة للدفاع عن وجهة النظر .

وعقب الدكتور يعقوب الشراح على الدراسة التي قدمها د. محمد عبد الموجود قائلا أن الدراسة مفيدة وتناولت 3 سياقات ( الإطار المفاهيمي، والإطار الثقافي الغربي، والإطار التعليمي التربوي  ) ، فالمواطنة وحقوق الإنسان مازالتا ترضخان للتلقين والفظ والجمود وضعف التواصل والتفاعل ، وطرح تساؤلا عن كيفية الخروج من هذه الإشكالية ؟ متمنيا أن تكون هناك رؤية للمعالجة على الأقل في إطار التعليم ، موضحا أن البحث في المشكلة ينبغي ان يكون في إطار كل مجتمع أو نظام تعليمي وثقافي فهذا أسهل من التعميم أو في السياق العام لها .

وذكر د. الشراح أن غالبية الأنظمة العربية  تعتمد على المناهج المبنية على المعلومات الكثيرة والاختبارات والتذكر، موضحا أن الاهتمام المفرط بالمعلومات ضعف الاهتمام بالأهداف الأخرى ( المهارية والوجدانية ) وغيب الاهتمام بمواكبة المستجدات والعناية بالتربية الوطنية أو التربية البيئية وغيرها من قضايا عصرية مهمة.

وأشار إلى أن تجربته في المناهج الكويتية منذ السبعينات وكانت تجربة حية لأنها بداية الفترة لاعتماد دولة الكويت على مناهجها الخاصة بدل المناهج العربية، مضيفا أنه قد انشغلنا في البدايات بوضع آليات العمل في المناهج وفي كيفية إشراك المجتمع في التخطيط للتعليم ووضع الأهداف العامة فكان المؤتمر العام للتربية عام (1972) الذي شارك فيه كل فئات المجتمع ، مستدركا أننا في السبعينات كنا ندرك أهمية إشراك المجتمع في صياغة المناهج ووضع خطط التعليم وان الوزارة يجب أن لا تعمل بمعزل عن المجتمع.

وأوضح د. الشراح أن إشكالية المناهج كانت ومازالت ليست في الإطار النظري وإنما في الجانب التنفيذي، وأن مشكلات التطبيق ومعوقات الميدان التربوي هي الأسباب الرئيسية في الإشكال من دون الالتفات أو القدرة على مواكبة المستجدات، مضيفا أن محاولات تطبيق مجالات دراسية مثل التربية للمواطنة في الكويت بدأت منذ الثمانينيات وأجريت العديد من الدراسات الميدانية في هذا المجال ، ففي عام 1982 ركزت التربية في الكويت على إدخال ثقافة السلام والتسامح في المجالات العلمية للمرحلة الثانوية.
           
الجلسة الرابعة  تناولت المحور الرابع (  المواطنة الفاعلة وتربية المواطنة ) وشارك فيها كل من : أ.د. عادل عبد الله وأ.د. سليمان محمد سليمان وأ.د. سهام حنفي وأ.د. زينب بنت محمد الغريبي، وأدار الجلسة أ.د.قاسم الصراف.
مسئولية الدولة في تعزيز قيم المواطنة

من جانبه تناول أ.د. سليمان محمد سليمان أستاذ علم النفس التعليمي كلية التربية جامعة بنى سويف في الورقة المقدمة  تحت عنوان '  مسئولية الدولة في تعزيز قيم المواطنة ' أهداف المواطنة وأسسها ومتطلبتها ، موضحا مكوناتها من حيث عناصر المواطنة – مكونات المواطنة الصالحة وقيم المواطنة ومظاهرها.

واستعرض أ.د. سليمان  بعض الأدوار من المؤسسات المجتمعية في تنمية المواطنة الصالحة، مبينا أساليب تعمير المواطنة ، ومنتهيا بعرض بعض التطبيقات والتوصيات في كيفية بناء مواطنة سليمة صالحة خص منها:
1- توفير مناخ ديمقراطي في المؤسسات التربوية يسمح بممارسة الحقوق والواجبات ليتم تربية تلاميذنا في سياق الديمقراطية.
2- أن يتم تدريب المعلمين على أسس المواطنة من حقوق وواجبات ليتم غرسها في نفوس وسلوك الطلاب.
3- تصميم المعلمين لمجموعة الأنشطة الصفية ووضع التلاميذ في مجموعات عمل كما هو متبع في التعلم التعاوني والمشاركة في حل المشكلات لإكسابهم مهارات أساسية تعد مبادئ أولية للمواطنة.
4- ربط الطلاب والأفراد لمجتمعهم المحلي عن طريق المناهج الدراسية المختلفة مثل الدراسات الاجتماعية والفلسفة بموضوعات تضمن حقوق وواجبات الأفراد هي جو من الديمقراطية تسمح باحترام آراء الغير وتقبل الأخر.
  كما تطرقت الورقة إلى مقدمة عن المواطنة ومفهومها من عدة زوايا: ( مفهوم المواطنة في بلاد الإغريق - مفهوم المواطنة في القرن التاسع عشر- المفهوم المعاصر في الدولة الديمقراطية -مفهوم المواطنة من المنظور الإسلامي )  .

المواطنة في المجتمع : تشخيص للواقع ورؤية للمستقبل

فيما بينت أ. د. سهام حنفي محمد أستاذ المناهج وطرق التدريس ووكيـــل الكليـة للدراسات العليا كلية التربية - جامعة بني سويف في ورقة العمل المقدمة بعنوان (المواطنة في المجتمع : تشخيص للواقع ورؤية مستقبلية) أن العقود الأخيرة شهدت تحديات كبيرة وتطورات تواجه الأمم مُحمّلة بأفكار وثقافات وقيم، ومن أخطر هذه التحديات ثقافة العولمة والتي تحمل في طياتها وجهين لعملة واحدة ويتمثل الوجه السالب في السيطرة على الدول الضعيفة بثقافاتها الواردة، والتطور اللأخلاقي الغير محدود بالعلم واستقطاب الشباب فكرياً ودينياً، ويتمثل الوجه الايجابي في سهولة التعرف على ثقافات العالم من خلال السموات المفتوحة، والاستفادة من التقارب الثقافي.

وأشارت أ.د. حنفي أن من هنا جاءت الحاجة إلى التربية فهي المنوط بها الاهتمام بالنشء وتنمية المواطنة.

وأوضحت أ.د. حنفي أن مفهوم المواطنة يعني الارتباط القوى بالدولة والنظام السياسي، الجـانـب الإيجابي مـن مفهـوم المواطنـة، في ممارسة الحقوق والواجبات ويندرج من تعريف المواطنة تعريفات أخرى منها:
    الوطنية 'الشعور الجمعي الذي يربط بين أبناء الجماعة ويملأ قلوبهم بحب الوطن والجماعة، والاستعداد لبذل أقصى الجهد في سبيل بنائهما ولا تتعدل ولا تتبدل '
    الوطن'هو المكان الذي يعيش فيه الإنسان ويتُوطَن فيه'
  وحول مجالات تربية المواطنة ذكرت أ.د. حنفي  أن اهتمام العاملين في التربية ومخططي المناهج ازداد بالقيم والأعراف والتقاليد والهوية والمواطنة بالمواد التي تنمي الانتماء للوطن وإكساب الطالب العديد من مفاهيم المواطنة وأهميتها والمشاركة المجتمعية والقانون والدستور والسلطة التشريعية والتنفيذية ومن أمثلة هذه المواد ما يلي:
التاريخ    الجغرافيا    علم النفس    علم الاجتماع    الفلسفة    المنطق    اللغة العربية
التربية البيئية    التربية الدينية    الرياضيات    العلوم            

أما عن دور المعلم في ترسيخ المواطنة فقد أوضحت أن للمعلم دور كبير في تنمية قيم المواطنة من خلال:
    أن يكون المعلم مشجعاً للأنشطة الطلابية.
    تعريف الطلاب بالمتغيرات المحلية والعالمية وتشجيع التعامل معهم بفكر مبتكر.
    مشجعاً على الاشتراك في منظمات المجتمع المدني والجمعيات التطوعية الخيرية في المجتمع المحلي.
    تطبيق المناهج الدراسية عملياً لكي يساعد على تنمية روح المواطنة من خلال الجانب العملي لدى الطلاب.
    إثارة القصص الوطنية.
    تجنب الطلاب العقاب البدني لحفظ كرامتهم وهي من مكونات المواطنة الأساسية.

المواطنة الفعالة وتربية المواطن
في ضوء متطلباته النفسية
   
   وتحدث أ.د. عادل عبدالله محمد محمـد أستاذ التربية الخاصة والصحة النفسية كلية التربية جامعة الزقازيق- مصـر في الورقة المقدمة بعنوان ' المواطنة الفعالة وتربية المواطن في ضوء متطلباته النفسية

' قائلا :' أن المواطنة تعد بمثابة مفهوم اعتباري يعني الشعور بالانتماء والولاء لوطن معين من جانب فرد يعيش على أرض هذا الوطن فتربطه بالتالي علاقة مع الأرض التي يحيا عليها، ويتحقق الإشباع لحاجاته على أثر ذلك، ويحصل على الحماية اللازمة من المخاطر الواقعة والمحتملة. ويعتبر الإسلام أول من رسخ حق المواطنة فكفل للجميع حقوقاً متساوية، وأرسى مبادئ الشراكة، وفرض واجبات دون تمييز بين المواطنين على أي أساس فأضحت المواطنة مبدأ إسلامياً يعمل على تحقيق الحرية والعدالة والمساواة، ويحث على الانتماء إلى الوطن والغيرة عليه وحبه '.
   وبين أ.د.محمد أن المواطنة الفعالة وتربية المواطن تتطلب ضرورة العمل على تلبية احتياجات الفرد ومتطلباته النفسية على حد سواء، وتوفير كافة الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق الكفاءة والفاعلية من جانب المواطنين. مشيرا إلى أن أهداف هذه الدراسة تتمثل في تحديد أهم مواصفات المواطنة الفعالة كما أوضحها الإسلام، وتحديد أهم المتطلبات السيكلوجية التي تقوم عليها تربية المواطن وتحقيق المواطنة الفعالة فضلاً عن تحديد أهم الحقوق والواجبات التي تتضمنها المواطنة وتتيحها، والتعرف على أهم مؤشرات نواتج تربية المواطنة وهي ما يمكن أن نستدل من خلالها على المواطنة الفعالة. ولذلك فالدراسة تجيب عن الأسئلة التالية(1) ما هي أهم مواصفات المواطنة الفعالة كما بينها الإسلام؟(2) ما هي أهم المتطلبات السيكلوجية التي ترتكز عليها تربية المواطن ؟(3) ماهي أهم الحقوق والواجبات التي تتضمنها المواطنة ؟(4) ما هي أهم مؤشرات نواتج تربية المواطنة ؟ وتمت مناقشة تلك الأسئلة، وإعداد ما يشبه القوائم كإجابات لها.
  وانتهت الدراسة إلى أن ظهور وممارسة الظواهر والسلوكيات الدالة على المواطنة بما تتضمنه من شعور بالولاء والانتماء للوطن كمؤشرات لنواتج عملية تربية المواطنة أمراً لن يتحقق إلا من خلال تبني إستراتيجية وطنية متكاملة تستهدف إبراز مفاهيم المواطنة، والتمسك بها للحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الوطني، وتكريس قيم الولاء والانتماء للوطن، والمشاركة الإيجابية في بناء الوطن وتنميته، وتؤكد على تحصين الهوية وحمايتها. كما تقوم على مراعاة حقوق المواطنين وواجباتهم دون تمييز بين مواطن وآخر وذلك في إطار جملة متطلبات سيكلوجية محددة لتربية المواطن تلتزم بمبادئ الشريعة وتعني بها حتى تتحقق أركان المواطنة فيشعر كل فرد بالانتماء للوطن، ويشارك في بنائه والحفاظ عليه وتنميته، وتتحقق بالتالي المواطنة الفعالة.

موديول خليجي لتربية المواطنة في النظام التربوي

ومن جهتها أكدت الباحثة التربوية أ.زينب بنت محمد الغريبي مكتب وزيرة التربية والتعليم سلطنة عمان في ورقة العمل المقدمة بعنوان '  موديول خليجي لتربية المواطنة في النظام التربوي ' على أن المواطنة تعد أحد الجوانب المهمة في حياة أي مجتمع، فبدون مواطنين يدركون حقيقة دورهم في تنمية مجتمعهم لا يمكن لأي مجتمع أن ينمو ويتطور ويتقدم للأمام ، مشيرة إلى أن التعليم يعتبر أفضل الوسائل في تنمية الشعور بالمواطنة الصالحة، وأطلق على عملية تنشئة الطلبة على المواطنة مصطلح 'تربية المواطنة'، والتعليم من أجل المواطنة بدأ بتلمس طريقه في أنظمتنا التربوية الخليجية إيمانا بدور الأجيال المتعاقبة في ممارسة أدوار المواطنة الصحيحة والإيجابية والنشطة في المجتمع.
وبينت الغريبي أنه حتى يتم تطبيق تربية المواطنة فلا بد من تحديد مداخل وأبعاد المواطنة المنشودة، وذلك ليكون التطبيق وفق نظريات مدروسة مقننة ترسم خط سير التطبيق والتقييم والمتابعة.

وقد قام الدكتور سيف المعمري وأ.زينب الغريبي في كتابهم' التربية من أجل المواطنة المسؤولة: النظرية والتطبيق،2012' بتطوير موديول يحدد خط سير تربية المواطنة في أي نظام تربوي كخلاصة لنظريات ودراسات عالمية في هذا المجال ووضعه بما يتناسب والمناخ العام لمجتمعاتنا الخليجية والعربية المسلمة، وقد قاما بتطبيقه على النظام التربوي العماني.
وتلقي هذه الورقة الضوء على هذا الموديول موضحة أبعاد المواطنة ومداخل تطبيقها. تم من خلاله إعطاء بعض الأمثلة التطبيقية على التطبيقات الموجود في سلطنة عمان ومناهجها الدراسية من باب التمثيل قد تكون مشابهة للكثير من البلدان الخليجية والعربية المسلمة.
وتتخلص فكرة الموديول في الآتي:
أدى تنامي العولمة التي يشهدها العالم منذ بداية تسعينيات القرن الماضي إلى تحول في النظر إلى المواطنة، فقد كانت مسؤوليات المواطنة وحقوقها تمارس داخل الحدود الجغرافية للدولة باعتبارها المجال الوحيد لممارسة حقوق المواطنة ومسؤولياتها، ولكن مع تزايد اندماج العالم بفضل التطور التكنولوجي المتنامي ظهرت دعوات تنادي بإعادة النظر في مفهوم المواطنة، ورسم صورة لما يسمى 'بالمواطن العالمي'، وقد جاءت هذه الدعوات في إطار الحديث عن مفاهيم جديدة مثل 'التنوع'، و'السلام'، و'المسؤولية العالمية المشتركة'، 'والمجتمع العالمي'، 'والحوار بين الثقافات'، و'التسامح'، وكل هذه المفاهيم دعمت ببرامج أشرفت عليها منظمات دولية في مقدمتها منظمة اليونسكو، ونتيجة لذلك ظهر ما يسمى بالمواطنة العالمية (Global citizenship) أو الدولية (International citizenship)، وانعكس هذا على مفهوم تربية المواطنة ومضمونها، فظهـر ما يعرف بالبعد العالمي لتربية المواطنة
 (Global dimension)، أو تربية المواطنة العالمية (Global citizenship education)، ومن ثم أصبح لدينا بعدين لتربية المواطنة، هما:
1- البعد  الوطني(المحلي) لتربية المواطنة.
2- البعد العالمي لتربية المواطنة.
أصبح مفهوم 'تربية المواطنة'من أكثر المفاهيم شيوعا في الأدبيات التربوية منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين، حيث تجددت كثير من الأنظمة التربوية على مستوى العالم إيمانا منها بدور المدرسة في إعداد الطلبة للمواطنة المسؤولة، ومن أجل إيجاد تصور واضح المعالم لكيفية ذلك الإعداد. تباينت رؤى التربويون المتخصصون في هذا الحقل حول معنى تربية المواطنة، حيث ظهر فريقان يمثلان مدخلين هما:
- الفريق الأول: المنهج المدرسي بشكل عام.
- الفريق الثاني: مادة دراسية (مقرر دراسي).
وبذلك طُوِّر الموديول ليتكون من أربعة مداخل تنفذ في بعدين (الوطني، العالمي)، وتتلخص المداخل الأربعة الأربعة في الآتي:
- مقررات دراسية خاصة عن الوطن وعن العالم.
- تضمين المواضيع والقضايا المتعلقة بسلوكيات المواطن المحلي والعالمي الصالح معاً في المواد الدراسية المختلفة مثل الدراسات الاجتماعية، والمهارات الحياتية، واللغة العربية، والتربية الإسلامية، والعلوم وغيرها.
- تزويد الطلبة بمهارات التواصل وأدواته: التي تمكنه من إثبات نفسه في مكانه ومن التعامل مع العالم من حوله.
- الأنشطة والمسابقات الإثرائية: تمثل هذه الأنشطة جزءً أساسياً من المنهج وتسهم في تحقيق أهدافه، وتسعى إلى تنمية شخصية الطالب وجعله شخص منتج فعّال في مجتمعه ومتفاعل مع العالم، والإفادة من منجزاته التقنية.
وما إن يطبق هذا الموديول، ويتم تفريغ محتوى ما يقدم في النظام التربوي للطالب، تبدأ سمات تربية المواطنة في البيئة المدرسية في الظهور تلقائيا إثر تحديد وتصنيف مداخل لتربية وتنمية المواطنة، ويتحدد بالتالي موقع تنميتها في البيئة المدرسية كونها  من أهم المؤسسات في عملية التعليم والتربية، ويظهر مدى توافر الأبعاد المطلوبة لتمكين الطالب كمواطن صالح في حدود تربية مواطنة مقصودة، وما بقي علينا العمل على التطبيق الفعلي المؤطر إن لم يكن مفعل بالشكل الصحيح في مناهجنا وبيئاتنا المدرسية بما تتناوله من أنشطة وفعاليات ومسابقات، وتوجيهها إلى تحقيق الهدف المنشود وهي بناء مواطن مسؤول. وقد توصل واضعي الموديول إلى تجربة ثرية عن النظام التربوي العماني، ولكنها غير مؤطرة مسبقا بطريقة علمية، وهي لا تشكل سوى مثالا قد توجد له حالات مشابهة في أنظمة التعليم في البلدان الخليجية والعربية الشقيقة والصديقة. إذا ما طبقت هذا الموديول.

المواطنة الفعالة وتربية المواطن في ضوء متطلباته النفسية

فيما قال أ.د. عادل عبدالله محمد محمـد أستاذ التربية الخاصة والصحة النفسية كلية التربية جامعة الزقازيق- مصـر في الورقة المقدمة بعنوان ' المواطنة الفعالة وتربية المواطن في ضوء متطلباته النفسية ' أن المواطنة تعد بمثابة مفهوم اعتباري يعني الشعور بالانتماء والولاء لوطن معين من جانب فرد يعيش على أرض هذا الوطن فتربطه بالتالي علاقة مع الأرض التي يحيا عليها، ويتحقق الإشباع لحاجاته على أثر ذلك، ويحصل على الحماية اللازمة من المخاطر الواقعة والمحتملة. ويعتبر الإسلام أول من رسخ حق المواطنة فكفل للجميع حقوقاً متساوية، وأرسى مبادئ الشراكة، وفرض واجبات دون تمييز بين المواطنين على أي أساس فأضحت المواطنة مبدأ إسلامياً يعمل على تحقيق الحرية والعدالة والمساواة، ويحث على الانتماء إلى الوطن والغيرة عليه وحبه.

وبين أ.د.محمد أن المواطنة الفعالة وتربية المواطن تتطلب ضرورة العمل على تلبية احتياجات الفرد ومتطلباته النفسية على حد سواء، وتوفير كافة الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق الكفاءة والفاعلية من جانب المواطنين. مشيرا إلى أن أهداف هذه الدراسة تتمثل في تحديد أهم مواصفات المواطنة الفعالة كما أوضحها الإسلام، وتحديد أهم المتطلبات السيكلوجية التي تقوم عليها تربية المواطن وتحقيق المواطنة الفعالة فضلاً عن تحديد أهم الحقوق والواجبات التي تتضمنها المواطنة وتتيحها، والتعرف على أهم مؤشرات نواتج تربية المواطنة وهي ما يمكن أن نستدل من خلالها على المواطنة الفعالة. ولذلك فالدراسة تجيب عن الأسئلة التالية(1) ما هي أهم مواصفات المواطنة الفعالة كما بينها الإسلام؟(2) ما هي أهم المتطلبات السيكلوجية التي ترتكز عليها تربية المواطن ؟(3) ماهي أهم الحقوق والواجبات التي تتضمنها المواطنة ؟(4) ما هي أهم مؤشرات نواتج تربية المواطنة ؟ وتمت مناقشة تلك الأسئلة، وإعداد ما يشبه القوائم كإجابات لها.

وانتهت الدراسة إلى أن ظهور وممارسة الظواهر والسلوكيات الدالة على المواطنة بما تتضمنه من شعور بالولاء والانتماء للوطن كمؤشرات لنواتج عملية تربية المواطنة أمراً لن يتحقق إلا من خلال تبني إستراتيجية وطنية متكاملة تستهدف إبراز مفاهيم المواطنة، والتمسك بها للحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الوطني، وتكريس قيم الولاء والانتماء للوطن، والمشاركة الإيجابية في بناء الوطن وتنميته، وتؤكد على تحصين الهوية وحمايتها. كما تقوم على مراعاة حقوق المواطنين وواجباتهم دون تمييز بين مواطن وآخر وذلك في إطار جملة متطلبات سيكلوجية محددة لتربية المواطن تلتزم بمبادئ الشريعة وتعني بها حتى تتحقق أركان المواطنة فيشعر كل فرد بالانتماء للوطن، ويشارك في بنائه والحفاظ عليه وتنميته، وتتحقق بالتالي المواطنة الفعالة.

الجلسة الخامسة تناولت محور ( مفهوم المواطنة وثقافة الإقصاء ومواطنة الأقليات وذوي الحقوق الخاصة ) وتحدث فيها أ.د. محفوظ عبد الستار وأدار الجلسة : أ.د. باقر النجار.

دور المواطنة فى تلبية رغبات ذوى الاحتياجات الخاصة

بدوره قال الدكتور محفوظ عبد الستار أبو الفضل استاذ الصحة النفسية المساعد كلية التربية  - جامعة جنوب الوادي في الورقة المقدمة بعنوان ' دور المواطنة في تلبية رغبات ذوي الاحتياجات الخاصة '  أن قيم المواطنة تسعي إلى الدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على تحقيق مطالبهم بتحسين واقع الخدمات المقدمة لهم وتعريف المجتمع بأهمية المعاق كعنصر بشري قادر على الإنتاج وشعور المعاق بترابط أسري ومجتمعي حميم بينه وبين أعضاء أسرته ومجتمعه له تأثيرات إيجابية وعلاقات تبادلية تسودها المحبة والمودة، موضحا أن دور المجتمع الدولي والمنظمات العالمية والحكومات والمؤسسات الأهلية هي العمل على تنشيط  حياة ذوي الاحتياجات الخاصة الاجتماعية ومساعدتهم على اكتساب أنماط سلوكية متعددة، ومعارف متجددة، لتزيد من انتمائهم لمجتمعهم فهم جزء من النظام الاجتماعي الذي ينتمون إليه ولهم حقوق وواجبات في ممارسة دورهم على أكمل وجه بشكل فعال، مشيرا إلى أنه للأسف الشديد لا تزال بعض المجتمعات متغيبة عن ذلك الشطر الحضاري الذي يوفر لهذه الشريحة من أبنائنا فرص العلاج والتدريب والتأهيل الكافية، حتى تمكنهم للتعايش مع أقرانهم قدر الإمكان بأسلوب حضاري وإنساني مهذب وراقي.

وتناول الباحث الورقة المقدمة عرض عدد من القضايا ذات الصلة بالمواطنة وتلبيتها لرغبات وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ومن أهم هذه القضايا ما يلي: (المواطنة ما بين الدولة والوطن- الإقرار بحق المواطن في إدارة الشأن العام بالدولة - أبعاد المواطنة - المواطنة وذوى الاحتياجات الخاصة).

الآن - المحرر الطلابي

تعليقات

اكتب تعليقك