المالكي والمرضعة الفارسية
عربي و دوليمارس 6, 2013, 12:01 ص 3413 مشاهدات 0
من خرطومي شاحنتي إطفاء متقابلتين تشكل في سماء مطار الكويت قوس مائي كبير تهادت أسفله طائرة ايرباص A320 عراقية، مسجلة عودة الرحلات بين الكويت والعراق بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عاما.وكخلفية لمشهد الهبوط أخذت أردد تلقائيا بيت خالد الفيصل:
ماينسينا الخطأ حب الخشوم...... ولايطهرك المطر عشرين عام.
كنت على وشك ان أنتقد نفسي على التحيز ضد إصلاح العلاقات الكويتية مع بغداد حين قفز راكب من بوابة الطائرة يحمل علم الكويت مقلوبا . و من لايعلم خباثة من أرسل هذا المهرج نقول إن رفع البيرق مقلوبا في العلم العسكري يعني ان المكان محتل من الاعداء وهذه الارض تطلب العون وعلى من أراد الاستزادة حول هذه النقطة مشاهدة الفيلم الاميركي القلعة الاخيرة ' The Last Castle'. وما تلك الحركة العراقية إلا إستمرار لعملية 'يوم النداء' حيث كانت ذريعة صدام لغزونا قبل أكثر من عشرين عاما ان الكويت المحتلة تطلب النجدة من العراق.
كنت في مزاج إحتفالي بعيد التحرير وانتصارنا على غطرسة بغداد 1991م، ثم قفز وزير النقل العراقي هادي العامري ليزيد من تأنيبي لنفسي حين وصف هبوط الطائرة بمثابة جسر بين الشعبين لبدء صفحة جديدة. لكن الأمين العام لمنظمة بدر لم يأتي من أجل ذلك،فوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي كان على رأس الوفد كان قادر على قول ما يقوي العلاقات الكويتية العراقية كعادته دائما ، بالإضافة الى إن الفصيل الذي يعتاش على مهاجمة الكويت كل شهر هما العامري وعالية نصيف.
ولم يطل بنا الامر فقد كان على العامري ان يقرأ الرسالة الثانية من خبثاء بغداد وفنجان قهوتنا لازال ساخنا في يده فقال:لم ولن نوافق على إنشاء ميناء مبارك دون نتيجة تحكيم دولي حتى لو ألغيتم المرحلة الثالثة والرابعة من المشروع.
ومن ليس لديه خصومة مع البدهيات العقلية، يعلم إن إعادة فتح الخط الجوي مخاتلة للوعي الجمعي الكويتي ومحاولة لإضعاف الممانعة الشعبية.وفتح باب بالتحكيم الدولي كلما أردنا إقامة مشروع تنموي ليس انتقاصا لسيادتنا فحسب بل هو خطوة خبيثة ترمي الى فتح ملف شرعية وجود الكويت كلها،فبعد الميناء سيتوجب علينا اخذ رأي بغداد في كل مشروع شمال الكويت كمشروع المطار الجديد،ومدينة الحرير بل وحتى بناء فندق ومنتجع قد يسحب الزبائن من' فندق العشار ' .
ما سبق كله كان استطراداً غير مقصودٍ لنفسه، جرتنا اليه أحداث الاسبوع الماضي التي تشير إلى أن رئيس الوزراء العراقي نور المالكي مستمر في التمسك بالخط الذي انتهجه وهو في طريقة للولاية الثالثة. لكن مالذي دفع المالكي لبعث تلك الرسائل؟ في حين تمد الكويت يدها للصلح بزيارة الامير لبغداد قبل عام لفكها من عزلتها الخليجية، ثم بفك عزلتها الدولية برفع الحظر عن الطيران العراقي . ومالذي يدفع العراق لإثارة المشاكل قبيل زيارة يتم الأعداد لها ليقوم بها رئيس الوزراء الكويتي ؟
1- لضمان نجاح المالكي بولاية ثالثة يخطب حزب الدعوة ود فصائل سياسية ترضع من ثدي طهران كمنظمة بدر وعصائب الحق وكتائب 'حزب الله' العراقية والنواب الذين إنشقوا عن التيار الصدري وجيش المهدي والمجلس الأعلى.وبما أن مشروعهم الحضاري يقوم على ابتلاع الكويت كان لابد من تبني أجندتهم ولو مرحليا.
2- فشل المالكي في مد جسور مع جواره العربي، والخليجي جعل مواقفه تتسق مع خط طهران، حتى أكاد أسمعه وهو يقول لطهران الحمد لله ان سوريا هي المحافظة الايرانية 35 . لأن هذا يعني ان البصرة وبغداد وأربيل هي المحافظات 32-33-34. فإيران 31 محافظة. فرسالة رفض قيام ميناء مبارك هي دعم لخطط طهران ببناء ميناء ضخم في عبادان الملاصقة للفاو،قبل ان تكون خوفا على مصالح العراق،والدليل ان المالكي لم يضع حجر واحد في مشروع ميناء الفاو العراقي.
لن تعرف العلاقات العراقية الكويتية الصفاء طالما كان حكام الصدف الانتخابية كالمالكي هم صناع القرار السياسي ببغداد. فكيف نتفق مع زعيم لايثق به شعبه فتخرج كل جمعة مدن الرمادي والفلوجة والموصل وسامراء وغيرها في مظاهرات ضد سياسته. زعيم ينتظر وصول F16 ليضرب الاكراد.زعيم حطم جيش المهدي في عملية النسرالأسود' Operation Black Eagle' أبريل 2007م.
لقد رضع المالكي حتى لآن أربع رضعات مشبعات من المرضعة الفارسية،الاولى تبني طهران له وهو حزبي مطارد بلا مأوى.والثانية حين سرقت فوز أياد علاوي وسلمته السلطة. والثالثة حين أهدرت دم مقتدى الصدر وكسرت جيش المهدي رغم تحصنهم في مرقد الامام علي و مقبرة وادي السلام صيف 2004م .ثم معركة شعبانية كربلاء 2007م.والرابعة بتجديد ولاية المالكي الثانية.ولم يبق إلا الرضعة الخامسة وهي تجديد ولايته الثالثة.
فهل باستطاعة العرب أخذه من حضن المرضعة الفارسية ؟ الإجابة ملقاة على قارعة السؤال نفسه، وتبدأ بكلمة الاستطاعة .
تعليقات