المصارف المتوسطة والصغيرة تهدد «الفئة السمينة» في سوق التمويل بقلم دانيال شيفر
الاقتصاد الآنمارس 10, 2013, 11:46 ص 348 مشاهدات 0
النشاط الأخير في مجال إبرام الصفقات وإصدار السندات حفّز الآمال في حصول الأقسام الاستشارية في أكبر مصارف الاستثمار في العالم على عمل وفير في الربع الأخير. لكن مصارف من شاكلة ''جولدمان ساكس'' و''كريدي سويس'' في وضع يسمح لها الآن بأخذ حصة أصغر بكثير مما كانت تحصل عليه من عمليات إبرام الصفقات قبل الأزمة المالية.
وقد هيمن تسعة من كبار المصارف الاستثمارية في العالم على تمويل الشركات، مع حصة سوقية تبلغ الثلثين تقريباً قبل نحو عقد من الزمن.
لكن في السنوات الثلاث الماضية، حصة تلك المصارف من المحفظة الاستثمارية المصرفية الكلية ـــ لغة المصرفيين على الرسوم المدفوعة لمشورة عمليات الاندماج والاستحواذ، وكذلك الاكتتاب في السندات والأسهم ـــ حامت فقط عند فقط 45 إلى 46 في المائة، وذلك وفقاً إلى بيانات من وكالة تومسون رويترز.
خسارة المصارف الكبرى حصتها في السوق ليست فقط نتيجة للارتفاع المقتبس غالباً من الشركات الاستشارية المستقلة. فإنها تعكس أيضاً تطور مفاجئ إلى حد ما: عودة ظهور المصارف متوسطة الحجم التي غالباً ما تركز على المستوى الإقليمي.
تلك المصارف، التي تراوح من ''ويلز فارجو'' في الولايات المتحدة و''سانتاندر'' في أوروبا، أخذت بشكل جماعي نسبة 27.6 في المائة من تجمع الرسوم في العام الماضي ارتفاعاً من 22 في المائة قبل عشر سنوات. في الوقت نفسه، خفضت أكبر عشرة مصارف استثمارية في العالم، تحت ضغط من انخفاض الإيرادات في شركة إم آند إيه للاستشارات وأسواق رأس المال، من موظفي الخطوط الأمامية في الأدوار الابتكارية والاستشارية بنسبة 13 في المائة لتصل إلى 17.039 شخص في العامين الماضيين، وذلك وفقاً إلى ''كولياشن''، وهي مجموعة أبحاث.
في المقابل، تحاول بعض المصارف التجارية الإقليمية الانتقال من الإقراض الصافي إلى نماذج استشارية إضافية.
''ويلز''، المصرف الذي مقره مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، والذي تعود جذوره إلى حمى البحث عن الذهب خلال خمسينيات القرن التاسع عشر، يُعتبَر مثالا على ذلك. في الوقت الذي نما فيه خلال السنوات الأخيرة ليصبح واحدا من أكبر مقرضي الرهن العقاري في الولايات المتحدة، تم الدفع به أيضاً داخل الخدمات المصرفية الاستثمارية وأسواق رأس المال.
اشترى ''ويلز'' العام الماضي ''ميرلين سيكيورتيز''، شركة الوساطة الأولية التي توفر خدمات لصناديق التحوط. ويقدم المصرف الآن عدداً من الخدمات نفسها التي تقدمها البنوك الاستثمارية التقليدية، بما في ذلك ''إم آند إيه ''الاستشارية والخاصة. قفزت رسوم ''ويلز'' من الخدمات المصرفية الاستثمارية نيابة عن عملاء الشركات بنسبة الثلث تقريباً خلال عام 2012.
وقد تم تشجيع المنافسة الأشد من خلال قواعد رأس المال التنظيمية الجديدة المرهقة التي حفزت المصارف الاستثمارية للدفع بالموارد في هذه الخطوط التجارية التي يدعمها رأسمال أقل.
وكتب مات سبيك، المحلل في دويتشه بنك، أخيراً في مذكرة: ''تتطلب العمليات الاستشارية والاكتتاب رأسمال قليل، وهي ودية مع بازل3، ترى شركات قليلة تنسحب، ولا تزال تشهد اللاعبين والداخلين الجدد من الناجحين''.
الأعمال الاستشارية للصفقات هي المثال الأكثر وضوحاً، لكن المصارف الاستثمارية قد وقعت أيضاً تحت ضغوط في السندات واكتتاب الأسهم.
قبل الأزمة المالية، تم ما يقرب من 70 في المائة من كل أنشطة سوق رأسمال ديون الشركات من خلال أكبر عشرة مصارف. في نهاية العام الماضي انخفض هذا الرقم إلى فوق 50 في المائة فقط، وذلك وفقاً إلى بيانات من ''ديلوجيك''.
في أوروبا، كثيراً ما التصق عملاء الشركات مع المقرضين الذين لديهم علاقات طويلة الأمد معهم عندما ينتقلون من التمويل الائتماني إلى إصدار السندات.
في الولايات المتحدة، أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك هذا الأسبوع برنامجا تجريبيا يسمح بما يصل إلى خمس شركات سمسرة إقليمية صغيرة بتداول السندات مباشرة مع البنك المركزي في الولايات المتحدة.
لسنوات، كان امتياز التعامل مباشرة مع البنك الاحتياطي الفيدرالي محدوداً على 20 أو نحو ذلك من ''المتعاملين الرئيسين'' من الحجم المتوسط والكبير، يراوحون من مصرف جي بي مورجان تشيس إلى مصرف جيفريز. البرنامج مفتوح لشركات السمسرة مع صافي رأسمال تنظيمي يراوح بين مليون و50 مليون دولار، وهذا يعني أن مئات من أصغر المتعاملين سيكون لديهم فرصة للقيام بأعمال ذات قيمة كبيرة مع البنك الاحتياطي الفيدرالي.
أصبحت المجموعات الأصغر أيضاً أكثر أهمية في السوق الأوروبية للاكتتابات العامة الأولية. تقوم مجموعات مثل مصرف بيرنبيرج الألماني و شركة إس تي جيه أدفايزوري للاستشارات ومقرها لندن بتوسيع فرقها. في حالة ''بيرنبيرج''، تقف قوة المبيعات لأسهم المساهمين في المصرف الخاص البالغ عمره 423 عاماً على قدم المساواة مع حجم معظم منافسي المصارف الاستثمارية.
مع ذلك، في حين أصبح الداخلون الجدد شوكة في جانب المصارف الاستثمارية، يشير بعض المصرفيين إلى أن الشركات المتخصصة قامت دائماً بأداء جيد في أوقات تسير فيه الأسواق ببطء.
في أول شهرين صاعدين من هذا العام ـــ وهي الفترة التي يمكن أن تنحرف من قبل حفنة من ''الصفقات الضخمة'' ـــ عكست المصارف الاستثمارية بالاتجاه؛ ما زاد حصتها من تجميع الرسوم الإجمالية إلى 53 في المائة.
هندريك ريهمير، الشريك الإداري في ''بيرنبيرج''، يقرّ بأن الطفرة ليست مثالية لخططه في النمو: ''للاستفادة الكاملة من المكاسب التي نحققها، نفضل أن يبقى السوق ضعيفة لفترة أطول''.
«ريل أند كومبانيز» يفتتح مكتب لندن
''ريل أند كومبانيز''، المصرف السويسري الخاص، يفتتح مكتباً له في لندن بهدف تقديم الأعمال الاستشارية للشركات؛ ما يسلط الضوء على كيف تدفع مجموعة أصغر من المصارف إلى داخل الأنشطة المصرفية الاستثمارية التقليدية.
وقال فرانسوا ريل، الرئيس التنفيذي في البنك، لـ ''فاينانشيال تايمز''، إن الفرع الرئيس للمصرف ومقره جنيف قد استأجر في البداية ثلاثة مصرفيين في لندن، لكنه يستهدف تحويل مكتب لندن إلى ''مركز الجاذبية الثاني'' للمجموعة خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة. وأضاف: ''نحن نرى ذلك أمرا لا غنى عنه من أجل خدمة عملائنا في إدارة الثروة الأساسية على أساس عالمي''.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام فقط من تصريح الزميل ادمون دي روتشيلد، مدير الثروة السويسرية والأصول، بأن المصرف قد ينشئ مصرفا تجاريا خاصا ومقره لندن لتقديم المشورة إلى أصحاب الأعمال والمكاتب العائلية والأفراد الأثرياء.
وحدة لندن التابعة إلى ''ريل''، والتي سيرأسها مصرفي بنك مورجان ستانلي السابق، لاديسلاس سافيورتلو، ستركز في البداية على نشاط إدارة ثروة المصرف، لكنها تهدف إلى افتتاح فرع قريباً للخروج إلى خدمات استشارية أوسع لأصحاب المشاريع والمكاتب العائلية والأفراد الأثرياء الآخرين.
تأسس المصرف السويسري على يد والد السيد ريل، دومينيك، قبل 40 عاماً وتوسع سريعاً. وقد رفع عدد موظفيه من 15 قبل عشر سنوات إلى 160 اليوم، وفتح مكاتب في جميع أنحاء أوروبا وآسيا. تشمل خطوط أعماله إدارة الثروات، وتقديم المشورة للمكاتب العائلية وإدارة الأصول. نمت أصول المجموعة تحت الإدارة بنسبة 61 في المائة إلى 7.6 مليار فرنك سويسري (8.1 مليار دولار أمريكي) في الأشهر الـ12 الماضية.
تعليقات