سياسة توزيع الدخل بقلم سعود بن هاشم جليدان
الاقتصاد الآنمارس 10, 2013, 11:55 ص 621 مشاهدات 0
أصدرت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات نشرة عن مسح الإنفاق الأسري في عام 2007. وهذا المسح قديم نسبياً، لكنه آخر مسح منشور ومتوافر في موقع المصلحة على الشبكة العنكبوتية. ووردت في نشرة المسح بيانات قيمة عن مستويات إنفاق (استهلاك) الأسر في المملكة وكذلك مستويات دخولها. ومع أن هناك نسبة خطأ في بيانات المسح، إلا أن هذه النسبة محدودة ومن المفترض أن تعكس نتائج المسح مستويات دخول سكان المملكة سواء كانوا سعوديين أو أجانب، وعلى درجة جيدة من الثقة، فالقائمون على الدراسة متخصصون في هذا العمل، كما أن لديهم خبرة طويلة في إجراء المسوحات الإحصائية.
ولحد علمي، لا تتوافر إحصاءات شاملة منشورة رسمية عن مستويات الدخول في المملكة غير ما ورد في مسوحات الإنفاق الأسري، ولهذا تعتبر بيانات الدخل الواردة في آخر بحث إنفاق أسري المعلومات الوحيدة المتوافرة عن مؤشرات الدخل، كما تعكس مستويات الدخل في المجتمع ككل، ومستوياته حسب المناطق في عام 2007. وتفيد بيانات مسح الإنفاق الأسري بأن متوسط الدخل الشهري لكل الأسر المقيمة في المملكة بلغ 11092 ريالاً، أما الأسر السعودية فقد بلغ متوسط دخلها الشهري 14084 ريالاً. ولم يرد في النشرة بيانات عن متوسطات دخول الأسر الأجنبية، لكن يمكن وببساطة تقديرها بشكل تقريبي من خلال بيانات المسح والبيانات السكانية، حيث بلغ متوسط دخل الأسر الأجنبية الشهري نحو 4357 ريالاً. والفرق الكبير بين دخول الأسر الأجنبية والسعودية يشير إلى وجود مجتمعين مختلفين في مستويات الدخل، كما يشير إلى ارتفاع نسبة الفقر وبدرجة أكبر بين الأسر الأجنبية.
من جهةٍ أخرى، بلغ وسيط الدخل الشهري للأسر في المملكة ككل 6500 ريال، بينما كان للأسر السعودية 9052 ريالاً (والوسيط يعني أن نصف الأسر يقل دخلها عن هذا المستوى). ويبعد وسيط دخل الأسر ككل والأسر السعودية عن متوسط دخلها بنسبة 41,4 في المائة ونسبة 35,7 في المائة على التوالي. وتشير الفروقات الكبيرة بين متوسط الدخل ووسيط الدخل إلى ارتفاع قيمة معامل جيني الذي يقيس عدالة توزيع الدخل بين شرائح الدخل الخمس أو العشر في المجتمع. ولا تتوافر بيانات عن قيمة هذا المعامل في المملكة، لكن الفروق الكبيرة بين متوسط الدخل ووسيط الدخل تدل على ارتفاع قيمته، ما يشير إلى أن مستويات عدالة توزيع الدخل ليست جيدة في هذا العام. وارتفاع قيمة معامل جيني مؤشر على انخفاض استفادة الشرائح السكانية الأقل دخلاً من النمو الاقتصادي، واستفادة الشرائح السكانية الأغنى بدرجة أكبر من هذا النمو.
وتم تبني العديد من سياسات إعادة توزيع الدخل في المملكة، التي من بينها وضع حدود دنيا لرواتب موظفي الدولة، وزيادة الوظائف الحكومية، وإصلاح الأوضاع الوظيفية لكثير من الموظفين، ورفع تحويلات الضمان الاجتماعي وباقي التحويلات الاجتماعية، وبرنامج حافز، وبرامج الإسكان، والضغط على القطاع الخاص لرفع الأجور. وقد فُعلت هذه السياسات من أجل تحسين عدالة توزيع الدخل بين السكان السعوديين وخفض مستويات الفقر بينهم. من جهةٍ أخرى، ستقود سياسات إضافة رسوم على المقيمين إلى زيادة فروقات الدخل بين السكان السعوديين والأجانب، ما قد يفاقم من الفقر بين الأجانب المقيمين في المملكة. ولهذا فإن جملة السياسات الأخيرة التي تم تبنيها خلال السنوات الخمس الماضية ذات تأثير مختلط في الفقر، حيث من المتوقع أن تقود إلى تحسن مؤشرات الفقر بين السكان السعوديين، لكن ستزداد هذه المؤشرات سوءا بين الأجانب. وتجري مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات مسوحا إحصائية عن الفقر وتوزيع الدخول في الوقت الحالي، وستصدر نتائجها في وقت لاحق، وستؤكد نتائج المسح القادم إذا ما كانت هذه التوقعات صحيحة أم لا.
وعموما فإن وجود تفاوت في مستويات الدخول وانخفاض عدالة توزيعها بين الشرائح السكانية يتطلبان ضرورة الاستمرار في سياسات محاربة الفقر وتطويرها وزيادة مستوياتها وتفعيلها بدرجة أقوى، كما يتطلب تطوير آليات استهداف للفقراء ومنخفضي الدخل للحد من هبوط الشرائح السكانية القريبة من خطوط الفقر من الوقوع في دائرة الفقر، ومن ثم خفض مستويات الفقر. كما ينبغي صياغة السياسات الاقتصادية، خصوصاً التي تؤثر في الدخول أو تكاليف المعيشة بحذر شديد لتجنب التأثيرات السيئة في رفاهية الفقراء.
تعليقات