أين التنمية ؟
محليات وبرلمانالكويت على مفترق طرق مع ضبابية الأوضاع
مارس 10, 2013, 10:32 م 3084 مشاهدات 0
تعيش الكويت هذه الأيام فترة تعد من أشد الفترات توتراً وضبابية إن لم تكن الفترة الأشد والأمر على مدى تاريخها وما يؤسف هو أن مسألة التوتر والضبابية لا تقتصر على مجال معين بحد ذاته حتى يمكن إيجاد الحلول على المدى القريب أو البعيد ، انما على جميع الأصعدة.
فالوضع الاقتصادي حدث ولا حرج في ظل سيطرة مجموعة معينة من الأسماء على المشاريع في البلد وعدم جدوى المشاريع الصغيرة للمواطنين ذوي الدخل المحدود في أحيان كثيرة بسبب احتكار التجار والبورصة لا تمثل أقصى طموح حالياً بسبب هبوطها الدائم وصعودها القليل والرغبة الأميرية السامية بتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري بدعم من القطاع الخاص قوبلت بخذلان حكومي وبرلماني اكتمل بصمت مطبق من مجلس الصوت الواحد وعدم تعاون من الحكومة وإحدى الضحايا كانت ما تسمى بـ 'خطة التنمية' فلا تنمية ولا خطة أصلاً .
أما الرياضة فمن أسوأ لأسوأ ، طالما حلت الشخصانية والخلافات بين الأشخاص لا على صعيد طرق وبرامج العمل والضحية هم رياضو الكويت بمختلف ممارساتهم ناهيك عن المنشآت الرياضية المتهالكة بل والمتواكلة ، الكبوة تليها الأخرى على مستوى الألعاب الفردية ومنتخبات اليد والسلة والقدم إلخ وكثرة الإصابات بسبب المنشآت الرديئة ومايليها من ترك الرياضة برمتها وهو ما لا يحبذه بالتأكيد مسؤول في الكويت محب لوطنه .
ولعل استاد جابر كان الأمل ببداية صفحة جديدة مع الكبوات الرياضية تليها انجازات على مستوى الألعاب الجماعية والفردية إلا أن شيئاً من ذلك لم يكن ، فبداية من التصريحات حول احتمالية انهيار الاستاد لوجوده على أرض لا تصلح للبناء ، مروراً بتأخير فاق الـ 10 أعوام على افتتاحه دون سبب مقنع ، وصولاً لخلافات طفت على السطح وبات الرياضي ليس سواه هو الضحية فلا منشأة مناسبة ولا اتحادات متعاونة ولا مسؤولين متفقين ، الأمر لا يتطلب أكثر من تضافر الجهود لأجل البلد ، لذا يطرح المواطن الكويتي المحب لبلده سؤالاً بسيطاً : أين التنمية الرياضية؟
وعلى الصعيد التعليمي فالحال ليس أفضل مما سبق ، من مشكلة لأخرى والمسؤول غائب ، مشكلة المقاعد الجامعية للطلبة خريجي الثانوية على سبيل المثال لم ولن تنتهي طالما لا يوجد هناك أي تخطيط من قبل الوزير وفريق العمل في الوزارة ناهيك عن المخرجات التعليمية وذلك بسبب الهيئات التدريسية المنتقاة ولا يعني ذلك عدم وجود أكفاء ، لكن السواد الأعظم يظهر فشل الوزارة في استقطاباتها في جهة تمثل ركناً أساسياً من أركان النهوض بالبلد ، فمتى ما حضر التعليم الجيد جاء أداء الأجيال مغايراً ، يبقى الوضع التعليمي في الكويت محل انتقاد واسع من الجميع ويُطرح التساؤل مرةً أخرى : أين التنمية التعليمية؟
الوضع الصحي في الكويت مخيف جداً وهذا ما يفسر الاتجاه للعلاج بالخارج بعض الأحيان لمن يتوفر علاجهم في البلاد ، منشآت لا ترقى لتوفير راحة المريض ، وشكاوى بالجملة على أطباء بسبب أخطاء طبية أو تقصير في العمل أو وصفة خاطئة ، المستشفيات الحكومية تعاني من البيرقراطية والروتين في العمل والنتيجة بطء وتأخير وتقصير ، في المقابل المستشفيات الخاصة لا تلائم الحالة المادية لجميع المواطنين فتكاليف الفحوصات والتحاليل والعمليات الجراحية تكلف كثيراً وتفوق مقدرة بعض المواطنين ، بين تخبط المستشفيات الحكومية وغلاء نظيراتها الخاصة يبقى الضحية هو المواطن الكويتي الذي يسأل سؤالاً بريئاً : لمن أتجه وأين التنمية الصحية؟
الكويت على الصعيد السياسي تسمى ببلد المليون سياسي فالجميع يتحدث في السياسة في الدواوين والمجالس والعمل وغيره كدليل واضح على تأثير تبعات الممارسات السياسية في البلد الواضح على المواطنين ، مجلس الأمة ومنذ العام 2006 حتى الآن حُل في معظم فتراته وسط تباين الآراء والمواقف الحكومية - النيابية وتأجيل الحكومة لاستجوابات هامة عديدة كانت سبباً في نزول المعارضة للشارع للتعبير عن مطالبها وهو ما ناقض حديث الحكومة مراراً وتكراراً عن نيتها الدفع بعجلة التنمية والاستقرار في البلاد ، فلا تنمية دون محاسبة ولا استقرار دون توافق بين الحكومة والبرلمان ، ردة فعل الحكومة بالتأجيل أو التعطيل وحلولها الترقيعية حسب آراء المعارضين كانت سبباً رئيسياً في الحراك الذي تشهده البلاد منذ سنوات ، ، ولعل آخر ما ساهم في حشد الشارع هو مرسوم الضرورة القاضي بتعديل النظام الانتخابي والذي رأت المعارضة أنه تعدياً على مكتسبات الأمة وخطوة لإضعاف أغلبية نيابية وصلت لمجلس 2012 المبطل بحكم المحكمة الدستورية ، لتخرج المسيرات الشعبية وتقام الندوات للتعبير عن رفض المرسوم والمطالبة بالعدول عنه ، جاء المجلس الجديد وسط مقاطعة شعبية كبيرة بتركيبة هادئة كما وصفها مراقبون ومتابعون للشأن المحلي وتحدث ووعد البعض بأداء أفضل من المجالس السابقة وتنمية حقيقية يقودها البرلمان بالتعاون مع الحكومة لكن وبعد مرور أقل من شهرين على دور الانعقاد الحالي ، سرعان ما تبخرت الوعود بتلويحات من الأعضاء بالاستجواب تارةً والاستقالة من المجلس تارة آخرى بسبب ما وصفوه بعدم تعاون الحكومة وكثرة تجاوزاتها وتعطيل أدوات النواب في محاسبة الوزراء ، من الجهة الأخرى وبعد الندوات والمسيرات التي قوبلت بالقمع والضرب بالقنابل الصوتية والمسيلة للدموع وتسيد نهج ملاحقة المغردين والصحافيين والنواب السابقين بتهم تتعلق بالإساءة للذات الأميرية الموقف ، كذلك نهج ملاحقة الكتّاب فيما تكتبه أقلامهم بمقاضاة الزميل الكاتب زايد الزيد وصدور حكم بحبس ناشر تحرير بسبب مقال كتبه في الوزير السابق عبدالمحسن المدعج (رابط) كانت آخر التحركات بعد كل ذلك تشكيل ائتلاف للمعارضة يضم كافة القوى السياسية والشبابية والحركات النقابية وذلك بأهداف كان أبرزها : نظام برلماني متكامل وحل مجلس الصوت الواحد ، وبين هذا وذاك تستمر حالة التوتر والشد والجذب على الصعيد السياسي في البلاد وسط آمال بغد أفضل يضمن فيه المواطن البسيط حريته وأمنه وظروف معيشته في جميع المجالات .
ويرى متابعون للشأن المحلي أن خطة التنمية لن ترى النور على أرض الواقع لأنها تفتقد لعنصر المورد البشري المؤهل لأنه مهمل، وأن تنفيذ مشاريعها تتعرض للعرقلة مراراً وتكراراً
حيث أن خطة التنمية التي قدمتها الحكومة لتطوير الأداء الاقتصادي من وجهة نظر بعض الاقتصاديين تتضمن جوانب العنصر البشري والبنية التحتية وهي جوانب مهمة وأركان أساسية لقيام وتحريك عملية التنمية لكن الواضح انها معرقلة ولم ينجز منها إلا القليل وهذا ما يتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص للوصول للغاية المستهدفة .
الجدير بالذكر أن الحكومة قدمت لمجلس الصوت الواحد وقبل قرابة الشهر تقرير المتابعة النهائي لخطة السنة الثانية من الخطة الإنمائية بعد مراجعة الحسابات الختامية للجهات من منطلق السعي لترجمة رغبة امير البلاد بتطوير دولة الكويت لتصبح مركزاً مالياً وتجاريا اقليميا خلال الفترة المقبلة الممتدة عام 2035 حيث أن سمو أمير البلاد منذ توليه مقاليد الحكم قبل 7 سنوات وهو يعمل جاهدا لجعل الكويت منارة اقتصادية بارزة مترجماً ذلك إلى اقرار خطة تنموية طموحة لبناء مشاريع حيوية تنهض بالكويت وتحولها الى مركز مالي وتجاري عالمي جاذب للاستثمار مع تنويع مصادر الدخل لصنع مستقبل مشرق واعد لابنائها
وجاء في تقرير الحكومة التركيز على التزام السلطتين التنفيذية والتشريعية بالمشاركة الحقيقية لتحقيق الانجازات المرجوة للجميع بفاعلية على ارض الواقع ويأتي ذلك انطلاقا من القناعة بأن مخرجات العملية التنموية تصب في النهاية في خدمة المواطن الكويتي ويفرض الالتزام بالخطة اهمية استمرار تكثيف الجهود للوصول الى التنمية المنشودة بمشاركة جميع الاطراف الفاعلة في المجتمع الكويتي وهو ما يراه الاقتصاديون كلاماً على ورق ليس إلا.
وأوصى التقرير بتكثيف التركيز على المشروعات التي من شأنها ايقاف التدهور في مؤشرات التنمية البشرية خصوصا في مجالي التعليم والصحة, خلال العامين المقبلين في محاولة رفع هذه المؤشرات والحد من تدهور التركيبة السكانية وذلك بتشكيل لجنة ما بين وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والامانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية لوضع حلول عملية مرتبطة بجدول زمني واضح يأخذ في اعتباره حاجة مشاريع التنمية من عمالة وتخصصات والعرض من القوى العاملة الكويتية ورفع الانفاق على البحث العلمي وتشجيع المراكز البحثية بالدعم في المجالات البحثية المرتبطة بمشروعات التنمية والذي يعتبر احد مستهدفات خطة التنمية متوسطة الاجل.
ولا يمكن صياغة تقرير كهذا دون الإشارة إلى أن الكويت تعد أحد أهم منتجي ومصدري النفط في العالم، وهي عضو مؤسس في منظّمة الدول المصدرة للبترول - أوبك - وتمتلك خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم، حيث يتواجد في أرضها 10 % من احتياطي النفط بالعالم، ويمثل النفط والمنتجات النفطية ما يقرب من 95 % من عائدات التصدير و80 % من الإيرادات الحكومية وهذه الأرقام والإحصائيات مرتبطة بشكل كبير بخطة التنمية وجدية تطبيقها مع وجود وفرة مالية كبيرة تكفي لتحريك أكثر من خطة تنمية لكن فلننته أولاً من استكمال نصف الخطة الأولى !
وفي الأخير يبقى التساؤل الأهم : أين التنمية ؟
تعليقات