أيمن نور: أياد كثيرة تلعب بإستقرار مصر

عربي و دولي

قطر تدعم مصر وليس 'الإخوان'.. والهجوم عليها 'غيرة'

916 مشاهدات 0

أيمن نور في حواره مع مدير تحرير العرب عبدالله العذبة

أشاد السياسي المصري الدكتور أيمن نور، زعيم حزب «غد الثورة»، بدور دولة قطر في مساعدة مصر، وشدد على أن هذه المساعدات هي لصالح المواطن المصري، وليست موجهة لفصيل سياسي معين، مشيراً إلى أن المساعدات والاستثمارات القطرية تدخل القاهرة عبر القنوات الشرعية، وبالتالي فهي تصب للشعب وليس لجماعة الإخوان المسلمين.
 وقال «نور» في حوار أجرته معه  صحيفة «العرب» القطرية بالقاهرة: إن قطر أثبتت أنها أكثر التزاما في وعودها، وأكثر حرصا على مصلحة مصر، ومن الواجب أن نحترم هذا جميعا. وأرجع الحملة الإعلامية على قطر إلى ما وصفه بـ «الغيرة» من الدور الكبير الذي تلعبه قطر إقليميا ودوليا. واعتبر أن الهدف من هذا الهجوم فيما يتعلق بالشأن المصري هو خنق النظام الجديد في القاهرة، وقطع كل الجسور معه، مشيراً إلى أنه لم تبق دولة إقليمية تتعاون مع مصر حاليا سوى قطر.
 ودعا السياسي المصري -الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية الوحيدة التي شهدتها مصر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك عام 2005- قطر إلى تبني عقد مؤتمر دولي بعنوان «أصدقاء مصر» لجمع نحو 140 مليار دولار منح واستثمارات، منوها بأن هذا المبلغ كفيل بإخراج الاقتصاد المصري من كبوته، وتحويله إلى اقتصاد منتج عملاق.
 وتطرقت المقابلة مع أيمن نور، الذي تعرض للسجن في عهد مبارك عدة سنوات بزعم جمع توكيلات مزورة لتأسيس حزبه، إلى الكثير من تفاصيل المشهد المصري الملتهب.
 وإلى نص الحوار:
 
• برأيك ما سر هجوم كثير من وسائل . المصرية على كل ما يتعلق بقطر، مثل ترويج كذبة شراء قناة السويس وغيرها؟
 - قطر ليست حالة اقتصادية، بل حالة سياسية لها سند اقتصادي، والمخاوف التي يراها البعض ضد التواجد القطري الإقليمي أقدم بكثير من الثورة المصرية، وأقدم من وصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة ووصول الرئيس محمد مرسي إلى قصر الرئاسة. وأسباب هذه المخاوف «غيرة» مشروعة، وغير مشروعة من دور كبير لدولة من حيث الحجم هي صغيرة، لكنها كبيرة بأفعالها. الفاتيكان مثلا دولة صغيرة، غير أنها تشارك في صناعة السياسة الأوروبية كلها، وتأثيرها يتجاوز حتى أوروبا. وأنا شخصيا أتفهم أن هناك حساسية سياسية من قطر، في ظل وجود أقطاب إقليمية كبيرة في الحجم والوزن والتاريخ. وهذه الحساسية المفرطة خلقت بيئة ومناخا متحفزا ضد كل ما هو يشمل الـ «ق» والـ «ط» والـ «ر».
 أما الوضع في الحالة المصرية في الفترة الأخيرة، فقد سمعنا شائعات ومعلومات من البداية يمكن أن نعتبرها من السقطات الإعلامية التي يقع فيها الإعلام. على سبيل المثال موضوع أن قطر ستستأجر الآثار، فهذا الخبر يحمل أسباب نفيه، فضلا عن الأرقام التي تنسب لقطر أحيانا تتجاوز ميزانية دولة قطر نفسها.
 
• إذن ما الهدف من هذا الهجوم بالنسبة للشأن الداخلي المصري؟
 - المطلوب خنق النظام المصري، وقطع كل الجسور بين النظام الحالي إقليميا وعالميا، فالمحيط الإقليمي الموجود به مصر أصبح ملغوما، والعلاقات أصبحت مقطوعة بين الجيران الاستراتيجيين لمصر غربا وشرقا، ولم تبق دولة إقليمية تتعاون مع النظام المصري إلا قطر، وهذا التعاون يعود على مصر وليس على النظام، وكون هناك استثمارات قطرية في مصر فإنها تعود على الشعب وليس على النظام. وبعض السياسيين يرون أن قطر دعمت «الإخوان» في مرحلة الانتخابات الرئاسية، وهذا حديث لا أملك دليلا على صحته.
 والموقف الحالي يتجاوز كل هذه الأمور، ولا يمكن أن أعتبر أن الاستثمارات القطرية هي قادمة لحساب «الإخوان» أو دعم لهم لأن هذه الاستثمارات تدخل في النهاية عبر القنوات الشرعية لمساعدة الإنسان المصري، ولا يمكن أن أعيب على قطر أن لها علاقات مصرية مع هذا التيار أو ذاك، لكن الاستثمارات القطرية في النهاية لها دور إيجابي كبير في مصر، خاصة بعد ثورة 25 يناير، فقطر أثبتت أنها أكثر التزاما في وعودها، وأكثر حرصا على مصلحة مصر، ويجب أن نحترم هذا جميعا.
 
• فضلا عن الاستثمارات، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه قطر ويسهم في عودة مصر لدورها الطبيعي القيادي في العالم العربي؟
 - قطر جزء من منظومة نحن منها، فهي ضمن المنظومة العربية ذات اللغة والعادات والتقاليد الواحدة، وهنا أدعو دولة قطر الشقيقة إلى تبني مبادرة يمكن أن نطلق عليها «مؤتمر أصدقاء مصر»، وهدفها تقديم مساعدات واستثمارات في حدود 140 مليار دولار للقاهرة، لإصلاح كل الخلل في الاقتصاد المصري، ومنه تخفيض عجز الموازنة والدين العام، وهذا المؤتمر يمكن أن تدعو له الشقيقة قطر، وأعتقد أن هذا المؤتمر ستحضره نحو 50 دولة يمثلها قادة ومسؤولون كبار، إلى جانب 1000 رجل أعمال عربي أوروبي وأميركي ومصري، وجزء من المؤتمر سيوجه للاستثمار وجزء كمنح.
 وأكرر القول إنه حتى يمكننا إجراء إصلاح هيكلي، وأن ننهض بالاقتصاد المصري ونحوله إلى اقتصاد عملاق ومنتج، نحتاج 140 مليار دولار، وهذا رقم كبير جدا، ولكن إذا تحقق كاستثمارات سيعطي نتيجة، ومؤتمر بهذا الحجم قادر على التفاعل مع هذه الأزمة.
 
• كنت ضمن سياسيين التقوا مؤخرا وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالقاهرة، ماذا دار خلال اللقاء، وماذا يريد كيري من مصر؟
 - المهم ماذا نريد من جون كيري، وليس ماذا يريد هو منا. وأنا تحدثت في الاجتماع عن ثلاثة أمور، وكنت ضمن 6 أفراد، الأمر الأول أننا نريد تنسيقا مع دول أوروبا، والتنسيق مع أصدقاء مصر في العالم كله والعالم العربي، وأن أميركا يمكن أن تلعب دورا في ذلك، ثم تحدثت في موضوع اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وأميركا، وللأسف لم يكن هناك حماس لإعادة الاتفاقية، والنقطة الثالثة التي طرحتها تتعلق بدعم فكرة الرقابة الدولية على الانتخابات بمصر، وأوضحت أن الرئيس مرسي يرحب بذلك، وبالتالي -كما قلت لكيري- يجب على واشنطن أن تلعب دورا في هذا الصدد، على غرار الدور الذي لعبته في نيجيريا وغيرها. كما نصحت وزير الخارجية الأميركي بعدم التدخل في السياسة المصرية، فنحن كشعب مصر نستطيع أن نحل مشاكلنا بأنفسنا.
 
• كيف تحولت ثورة مصر من ثورة ملهمة للعالم إلى الوضع الحالي؟
 - الثورة المصرية عظيمة، وستظل عظيمة، وما يحدث حاليا سلوكيات مختلة، وأوضاع معتلة تراكمت منذ سنين، فقد تم حرماننا كسياسيين وشعب من خوض العمل السياسي المؤسسي.
 
• تعرضت لهجوم شديد من المعارضة لقبولك دعوة الحوار من مؤسسة الرئاسة، وإعلان حزبك خوضه الانتخابات البرلمانية قبل حكم القضاء الإداري بتأجيلها، ما تعليقك؟
 - حزب «غد الثورة» ضد فكرة المقاطعة، لأنها لا تسفر عن شيء سوى سيطرة فصيل واحد، وأزمة كل القوى السياسية حاليا في مصر أنها في حاجة لتجديد خطابها، والقوى الليبرالية لا بد أن يكون خطابها أكثر وسطية وتقاربا مع قوى الوسط والإسلام السياسي. المشكلة الآن هي العداء لمحمد مرسي لمجرد خلفيته، ففكرة التقسيم الأيدلوجي هذه لا بد أن نتجاوزها، ومن المعروف أن الليبرالية تتقبل الآخر، فلا يمكن أن أرفض مرسي لمجرد كونه من جماعة الإخوان، وأنا أحيانا أكون ضد أداء محمد مرسي في سياسته وإدارته للبلاد، فنحن لدينا رئيس يؤدي دور وظيفي، والخلل يكون وظيفيا, ولكن الربط بمرجعيته وفكره مسألة تجاوزها الزمن. لو رجعنا مثلا إلى الصراع بين «المحافظين» و «العمال» أكبر حزبين في بريطانيا سنجد اختلافات بسيطة في برنامج كل حزب نحو التعليم والبطالة. إذن المطلوب أن ننظر للرئيس مرسي على أنه شخص يؤدي دورا وظيفيا يؤدي لقرارات قد يكون فيها بعض الأخطاء، وأن نحاسبه بفكرة المنطق والتجرد الموضوعي.
 
• ما المآخذ التي تأخذها على جبهة الإنقاذ المعارضة؟
 - موقفها من الإعلان الدستوري، فالجبهة طالبت الرئيس مرسي أن يلغي الإعلان الدستوري أولا، ثم الجلوس للحوار، وفي الوقت نفسه كانت الحشود تتحرك والناس تموت أمام قصر الاتحادية الرئاسي، وكل هذا له علاقة بقلة الخبرة السياسية، وحتى الرموز التي ظهرت قليلة الخبرة بالعمل السياسي، وجزء منهم «فرحان» بالشارع, لأن لديهم كبت من أيام مبارك، وأغلبهم يريدون استنساخ صورة الثورة لأنهم لم يشاركوا فيها, ومنهم من كان ضد الثورة، والبعض كان خائفا منها، لذلك يريدون عمل تجربة مثلها، وهذا يبدأ من رموز وقيادات كبيرة وينتهي بأطفال في سن 16 عاما، وأغلب الموجودين الآن في ميدان التحرير ليسوا ثوارا, بل أطفالا وبلطجية.

• نلاحظ أن بعض الليبراليين أكثر تطرفا من خصومهم في رفض الآخر؟
 - حقيقة أنا أندهش من هذا الأمر، والبعض لا يفهم الليبرالية على حقيقتها، لأن المصطلح أصبح واسعا، وإذا نظرنا إلى جبهة الإنقاذ نجد أن البعض يصفها بالقوى الليبرالية، وهذا شيء مضحك، لأن الجبهة تضم اشتراكيين وشيوعيين وناصريين وهم أكثر اليسار تشددا.
 والأزمة تتلخص في إيمان كل طرف بمبدئه أنه هو الصواب, والآخر خطأ على طول الخط، وهذا غير حقيقي. حتى فكرة الصندوق الانتخابي أصبحت غير مجردة، فالصندوق واحد من مفردات كثيرة جدا داخل الديمقراطية، ورغم أن «الإخوان» جاؤوا بالصندوق وهم ينتمون لتيار كبير ومؤثر، ولكن أيضا العبء كبير جدا عليهم. والمطلوب شراكة وطنية حقيقية.
 
• لكن هناك نبرة استعلاء من قوى تصف أنفسها بالنخبة على الإسلاميين؟
 - مسألة التعالي أصبحت مرضا يصيب كل القوى السياسية في مصر من دون استثناء، فالإخوان والإسلاميون أصيبوا بتعال شديد عقب الانتخابات البرلمانية الماضية، هذا التعالي لم يكن له منطق لأنها لحظة غير قابلة للتكرار، فهناك أزمة صراع بين الصندوق ومفهوم الديمقراطية المجتمعية الشاملة. البعض الآخر أصيب بحالة إحباط نتيجة الاحتكار والإنكار الذي تعامل به الإسلاميون بعد الانتخابات البرلمانية، ودائما أقول للإخوان وللدكتور مرسي كان المفروض أن تسعى الجماعة قبل الانتخابات البرلمانية لصياغة مشروع شراكة وطنية ناجحة يضم كل الأطراف، بحيث لا يشعر أحد أنه تم استبعاده وإقصاؤه، خاصة أن منهم من كان جزءا من الثورة. في البداية كان هناك نوع من الغرور ولكن الآن شعروا أنهم مضطرون للجلوس للحوار، خاصة أن الطرف الثاني ثائر لكرامته.
 ومن دواعي ضرورة إقامة شراكة وطنية واسعة أن هناك خلفية عند الشعب المصري متراكمة، بعضها لأسباب لها علاقة بالمخاوف التي زرعها النظام السابق في نفوس الناس, ومنهم الأقباط, وكان لا بد أن يوضع في الاعتبار أن هناك أشخاصا خائفة من نظام جديد يحكم مصر لأول مرة، وعليه خطوط حمراء، بالتالي الخوف طبيعي فكان لا بد من إيجاد حالة طمأنه للمجتمع بكل فئاته في إطار صياغة لمشروع شراكة وطنية. والذين لم يجدوا لهم دورا ثأروا لكرامتهم بالتعالي على الإسلاميين.
 إذن التعالي اليوم هو من طرفين، ولكن في الوقت نفسه لا بد أن نعترف أن الإخوان والسلفيين والفصيل الإسلامي كله جزء أصيل من الشعب، والمطلوب عمل أوزان نسبيه متوازنة لكل قوة بحيث يكون هناك تمثيل لكل الناس.
 فكرة المبالغة في الإقصاء والتراشق الإعلامي موجودة عند الطرفين، وأتذكر أنني أيام النظام السابق كتبت كتابا عنوانه «الليبرالية هي الحل»، ورفض وزير الإعلام أيامها صفوت الشريف طباعته, خوفا من الإسلاميين. والكتاب كان يحترم الإسلام والدين, وكانت الرؤية به مجردة، وأوضحت أن الليبرالية تقبل الآخر.
 
• هل ترى أن هناك تمويلا من الخارج لعدم استقرار مصر؟
 - هناك أياد كثيرة تلعب في استقرار مصر، والانتخابات الرئاسية السابقة تحتاج إلى تحقيق بشأن الأموال التي أنفقت فيها، وهناك علامات استفهام كثيرة تحتاج إلى تفسير، ثم إن رهان بعض القوى المصرية على فكرة الشارع بديلا عن العمل السياسي المؤسسي هو رهان فاشل.
 قلت قبل ذلك إنك زرت الرئيس محمد مرسي في السجن خلال عهد مبارك، وزرته الآن في قصر الرئاسة.. ألم تجد فرقا بين مرسي السجين ومرسي الحاكم؟
 - المسافة بين قصر الاتحادية وسجن طره 30 دقيقة, وفي بعض الأحيان أخشى أن تكون 30 ثانية، لأن بعض الأخطاء التي كانت ترتكب في عصر النظام السابق ترتكب الآن، وكأنها جزء من آليات قصر الاتحادية، مثل قضية تحديد موعد الانتخابات البرلمانية قبل قرار القضاء الإداري بتأجيلها، وأنا أجد قدرا موجودا من العناد غير مبرر من مؤسسة الرئاسة وكان السائد في كل القوى الوطنية رفضها لإجراء انتخابات برلمانية بسبب الحالة الأمنية.
 
• البعض يحاول حاليا تصدير فكرة أن السجين لا يصلح للحكم ويتحول إلى جلاد كرد فعل لما تعرض له، فما تعليقك وقد تعرضت أنت لمحنة السجن مثل الدكتور مرسي؟
 - لو كان السجين لا يصلح للحكم، فنحن نسقط من الذاكرة تجربة نيلسون مانديلا الذي خرج من السجن أكثر تسامحا, وقاد فكرة العدالة الانتقالية في جنوب إفريقيا، والتسامح مع كل الأطراف، وأنا عندما خرجت من السجن سامحت كل من تسبب في وضعي خلف الأسوار، وعندما خرج حسني مبارك من السلطة لم أتحدث عنه بسوء ولم أستمتع بفكرة التشفي، ولا يوجد لدي أي ثأر شخصي، وطلبت من الرئيس مرسي نقله للمستشفى, وأنا أرى أن السجين هو أعظم رئيس لأنه يدرك معنى الظلم، ومن يعرف الظلم لا يمكن أن يمارسه.

الآن - العرب القطرية

تعليقات

اكتب تعليقك