أعداء الفتاة الخليجية الجميلة

عربي و دولي

5457 مشاهدات 0

ديكسون تحت سدرة برقان

ولد هارولد ديكسونHarold Dickson في بيروت وهو إبن بالرضاعة  للشيخ مجول المصرب من عنزة –ومجول هو زوج السيدة البريطانية الشهيرة الليدي جين دغبي 'Jane Digby'- وقدعمل ديكسون كوكيل سياسي بريطاني في البحرين ثم سكرتيرا للمقيم السياسي بالخليج1927م .وكوكيل سياسي بالكويت 1929م. وعين 'أبوسعود' كماعرفه أهلها في شركة نفط الكويت 1936م حتى توفي عام 1959م. وفي سبتمبر1937م قامت الشركة بحفر البئر الاول في 'بحرة' شمال الكويت.وسارت عملية الحفر ببطء وأقلق العاملين ان البئر بلغت عمقا يفوق المتوقع و لم يظهر الزيت.

يقول ديكسون:كنت وزوجتي نسكن في فيلا في معسكر 'بحرة'، قرب شجرة سدرضخمة . في إحدى الليالي هبت زوبعة رملية شديدة لم تهدأ إلا عند الفجر .وكانت دهشتي كبيرة عندما وجدت ان الرياح قد احدثت قرب شجرة السدر فجوة واسعة في وسطها مصطبة حجرية بارزة يعلوها لوح حجري يرقد فوقه شخص منبطح مكفن بقماش قطني قديم أصفر اللون. خرجت وزوجتي وأزحنا طرف الغطاء عن وجهه وراسه . وكان القماش مهترئ من القدم فاخذ يتفتت بين ايدينا،وكانت دهشتنا بالغة عندما رأينا أمامنا وجه فتاه شابة جميلة جلدها جاف أشبه بجلد المومياء بلون بني باهت.كان منظر الجثة الذي نبشته الرياح كئيب جدا فاسرعنا ننادي الخدم ليساعدونا في حفر قبر جديد. وما ان عدت حتى أشارت زوجتي بانفعال الى وجه المرأة الميتة التي بدأت تظهر عليها علامات الحياة بالتدريج،وفيما نحن ننظر اليها بحيرة.بدأ الرونق يعود الى وجهها الجاف وبدأ الدم يعود الى وجنتيها وبدأت انفاسها تتردد وأخذ جسمها ينبض بالحياة.ثم فتحت عينيها وجلست تتخلص من الكفن الذي يلفها.أدارت المرآه رأسها نحوي وقالت بما يبدو انه لغة قديمة ' إنني أشعر بالبرد، أعطوني بعض الملابس الدافئة وشيئا من الطعام'.ثم قدمت لنا قطعة نقد نحاسية قديمه. فامسكناها و ادخلناها الى المنزل و قامت خادمتنا بغسلها وإلباسها الثياب فيما كنا نحن نعد الطعام. وبعد أن شاركتنا الطعام أعربت المرأة عن رغبتها بالخروج الى الحديقة والجلوس تحت شجرة السدر، فسمحنا لها بذلك، عندها رفعت رأسها وقالت'أنني في خطر ويجب ان أرى القنصل البريطاني او صاحب السمو شيخ البلاد، لايوجد غيرهما من يستطيع ان يحميني.' طلبنا مزيد من الايضاح فقالت' هناك رجال أشرار،لو عرفوا أنني عدت الى الحياة لحاولوا قتلي ودفني ثانية. فأنا أريد أن أعيش'وفيما هي تتكلم سمعنا صيحات رجال. ثم رأينا عددا منهم مسلحين بالهراوات والسيوف والشرر يتطاير من أعينهم .وكان يقودهم رجل مسن ذو لحية بيضاء و يحمل في يده خنجرا ووجهة الكريه يقطر بالشر.ولدى اقترابه صاح بأتباعه يأمرهم بالقبض على الفتاه التي كانت تتراجع مذعورة لدفنها حية. وفيما كان البعض يقيدون يديها ورجليها ،كان آخرون يحفرون قبرا عميقا لدفنها .بينما قامت مجموعة ثالثة بملء القبر بالماء . ثم صاح الرجل الملتحي قائلا : اننا سندفنها حية في قبر الطين. وانقض عليها كالوحش وساعده الاخرون في سحبها الى جانب القبر الى ان غاصت قدماها في الطين وهي مدلاة في حافة القبر . أخذت  الفتاة تقاوم المهاجمين بضراوة. وفجأة زال السحر الذي كان يشل حركتنا ويمنعنا من تقديم العون للفتاة. وبعد أن قتلت الرجل العجوز بضربة على الرأس هاجمت بقية الرجال بضراوة، وفي لحظة أصبح المكان خاليا إلا من جثة الرجل العجوز ومن زوجتي والفتاة . ثم أمسكنا بيد الفتاة وساعدناها على الوقوف ووضعنا عباءة حولها وأدخلناها الى المنزل.

 يقول ديكسون في كتابه'عرب الصحراء'الصادر 1949 م تحقيق سعود الجمران' وبعدها أستيقضت من الحلم الغريب' وفي اليوم التالي توجهت لأرى العجوز البدوية'أم مبارك' وأخبرتها بالحلم وكانت كلماتها المتأنية:

إذهب يا بني واخبر  مدير الشركة انه لن يجد نفطا حيث يحفر الآن واطلب منه ان يغلق البئر وينقل معسكره من 'بحرة' في شمال الكويت الى 'برقان' جنوبي الكويت. وليبحث عن شجرة سدر هناك، وليحفر بالقرب منها، وسيجد الزيت.'هذا هو تفسير حلمك  يا بني'. إن المرأة التي خرجت من قبرها هي النفط الذي تبحثونه عنه. وشجرة السدر التي عثرتم عليها عندها هي شجره السدر الوحيدة قرب تلال برقان، بل هي شجرة السدر الوحيدة في الصحراء كلها وقريبه من 'آبار جعيدان.' اما الرجل ذو اللحية البيضاء فهو يمثل الاشخاص المعادين للحكومه والذين لا يريدون ان يظهر النفط في الكويت.ورغبة الفتاه في أن تؤخذ إما الى الشيخ او الوكيل السياسي يعني أنهما صادقان ويصران على العثور على النفط وتنميته وحمايته من الاعداء. أما العملة القديمة فهي الثروة التي ستحصل عليها الكويت. يقول ديكسون أخبرت المدير العام و أخبرت حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر.وبعد شهرين أكتشف النفط قريبا من شجرة السدر عند آبار جعيدان .وهكذا أدى حلمي الى إكتشاف  أكبر حقل للنفط في العالم آنذاك .

بقي أن نشير إن الرغبة في أخذ الدروس الجاهزة من التاريخ هي من تلك الرغبات التي تعلمت أن أخشاها.فالاستدعاء الخاطئ لمنظومة قيم من عصر مختلف قد تفقدنا مغزى الحكاية 'Morale point'.والقول بأن أهل المصالح  ذوي الاعماق الاخلاقية المقفرة يقفون حجر عثرة أمام الخطط التنموية،وتحقيق الأحلام الصادقة،هو من قبيل تحميل النص مالا يحتمله .لكن كم من فتاة خليجية جميلة وئدت ؟

د.ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك