«بائع الخبز» حوَّل تركيا إلى قوة اقتصادية وسياسية بقلم دانييل دومبي

الاقتصاد الآن

547 مشاهدات 0



في كاسيمباشا، حي الطبقة العاملة في إسطنبول، يتذكرون رجب طيب أردوغان على أنه القوة التي لا تقهر؛ في الفصول الدراسية، في الشارع، وعلى ملعب كرة القدم.

يتحدث إبراهيم، وهو رجل في الـ60 من العمر يرتدي جاكت جلد عن الرجل الذي لعب كرة القدم ضده ذات يوم، والذي يحتفل الآن بالذكرى العاشرة له رئيسا للوزراء، فيقول: 'إنه رجل صلب من كاسيمباشا. تصرف معه بشكل غير نزيه ولن يلتفت إلى الوراء حتى للنظر إليك'.

ومن على كرسي طويل يهتز كلما مرت شاحنة، يعكس إبراهيم الفخر المحلي بأردوغان الذي وصل إلى كاسيمباشا وهو طفل ويعود إليها بانتظام وهو أقوى سياسي من حيث النفوذ منذ مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

ويتابع إبراهيم: 'الطرق، النظام الصحي، وحقوق المظلومين. لقد ساعد الفقراء وأصبح أكبر زعيم في الشرق الأوسط'.

ويرفع الآخرون في مقهي بالاس أصواتهم بالموافقة، ومنهم يسار، مالك المقهي، الذي يتذكر عندما كان رئيس الوزراء المستقبلي يبيع الخبز التركي في الشارع من أجل مصروف الجيب، والذي اختبأ ذات مرة من والده المتدين في نادي كرة القدم.

هذا هو معقل رئيس الوزراء، جزء من العالم حيث الدعم الذي يحصل عليه وطيد أكثر من أي وقت مضى. وتحولت تركيا منذ فوز حزب أردوغان ذي الجذور الإسلامية بالسلطة عام 2002 ـ وتوليه رئاسة الوزراء بعد بضعة أشهر. لكن يسود بين هؤلاء الذين يحتسون الشاي في مقهى بالاس، شعور بأن الرجل البالغ من العمر 59 عاماً لا يزال واحداً منهم، على الرغم من شكاوى في أماكن أخرى بسبب الحكم ثقيل الوطأة.

ويقول نفزات، وهو رجل يبيع أدوات غسل الصحون في الشارع: 'قبل أردوغان لم يكن هناك سوى جماعة نخبوية تدير البلاد بالقوة. لقد جاء من العدم (...) وأخبر الشعب فقط أن قوة الديمقراطية تأتي من الأشخاص أنفسهم'.

والواقع أن رئيس الوزراء لا يزال يشجب المؤسسة العلمانية القديمة 'التي كانت تحتسي المشروبات الكحولية في البوسفور'، على الرغم من أنه خفف أخيراً نبرته بشأن جيش البلاد- الذي اشتهر في السابق بكثرة انقلاباته- بعد سجن مئات من الضباط.

وبعيداً عن حيه القديم، اكتسب أردوغان شعبية في البلد بشكل عام. فهو لا يزال بطلا، منصِّبا لذاته، لأولئك المستبعدين من قِبَل النظام القديم، سواء المحافظين دينياً أو سكان المناطق الفقيرة، الحضرية منها والريفية. واستطاع اجتذاب الكثيرين الذين يعرفون من حكمه الازدهار المتنامي في العقد الماضي، وهي الفترة التي نهض فيها الاقتصاد بعد عقد ضائع في التسعينيات، على الرغم من تباطؤ النمو أخيرا واعتماده بشكل كبير على الأموال الأجنبية قصيرة المدى.

ورغم وجود تدفق مستمر من الشكاوى خارج كاسيمباشا بشأن وجود نزعة استبدادية مزعومة في حكم أردوغان- وتقول جماعات حقوق الإنسان إن تركيا الآن هي أكبر سجان للصحافيين في العالم- إلا أن مثل هذا النقد لا يتم إعطاؤه كثيرا من الاهتمام في مقهى بالاس.

ويقول إبراهيم: 'إذا كان رب الأسرة يطرح فكرة والآخرون لا يطيعونه، فيجب عليه بطبيعة الحال أن يفعل شيئاً'. ويتابع: 'أردوغان رئيس لـ75 مليون شخص'.

ويضيف إبراهيم أنه ينتمي إلى مجموعة الغجر الإثنية وأن مجتمعه يتمتع الآن بحقوق أكثر من ذي قبل، مؤكداً مفارقة تقول إن تركيا أصبحت أكثر ليبرالية في نواح كثيرة خلال حكم أردوغان، خصوصا تجاه الأقليات.

وفي الواقع، يشارك رئيس الوزراء بعمق في المحادثات بشأن معالجة أكبر مشكلة في البلاد- الصراع الكردي، الذي أسفر عن مقتل 35 ألف شخص على مدى ثلاثة عقود، وينتقد وسائل الإعلام لكونها غير داعمة بشكل كاف.

ويقول هاكان آلتيناي، رئيس 'مؤسسة المجتمع المفتوح التركية': 'الأمر مثل مضيق البوسفور، حيث يوجد تياران يتدفقان في اتجاهين متعاكسين'. ويضيف: 'في الجزء العلوي يوجد أردوغان مهاجما الجميع ولا أحد ينجو من غيظه، لكن في الجزء السفلي يبدو أن المجتمع أصبح يانعاً وأنه اعتاد بشكل أكبر على الاختلاف'.

وعلى الرغم من أن حرب تركيا الثقافية، التي تضع العلمانيين في مواجهة المتدينين الملتزمين هدأت فيما يبدو، إلا أن آلتيناي لا يزال قلقا بشأن عدم وضوح إلى أي مدى يريد أردوغان، الذي يقول إنه يرغب في 'تنشئة جيل متدين'، أن يذهب.

وقليل من مثل هذه المخاوف عاد إلى الظهور في كاسيمباشا، حيث يشاهد بعض القدامي من معارف أردوغان سباقات الخيل ويلعبون الورق في مقهى يمتلئ بتذكارات رئيس الوزراء.

وبالنسبة إلى طموحات أردوغان غير الخافية من أجل البقاء في السلطة حتى عام 2024، فلا توجد أي اعتراضات. ويقول إبراهيم: 'أعتقد أن 65 أو 70 في المائة من تركيا يريدون منه البقاء عشر سنوات أخرى، على الأقل'.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك