ماذا لو شملت جولة أوباما الشرق أوسطية طهران ؟

عربي و دولي

2840 مشاهدات 0


إذا كان الايرانيون قد أتهموا الفيلم الاميركي آرغو ' ARGO' -حائز على جائزة أوسكار لأفضل فيلم لهذا العام- بأنه صورهم'عدائيون للغاية'. فنحن بعد مشاهدته أمس نعتقد انه حمل خطاب امتلأ بالمغالطات والاستدلالات المتهافتة. حيث يتناول الفيلم كيفية هروب 6 من موظفي السفارة الامريكية في طهران  لسفارة كندا أثناء أزمة احتجاز الرهائن الأميركيين 1979م . ثم إرسال شخص اخرجهم بجوازات كندية كفريق تصوير 'فيلم فضائي.'      

وإذا كان الشعر ديوان العرب. فالفن السابع هو المعبر عن الفكر الأميركي،بالطبع بعد حاملة الطائرات يو إس إس إنتربرايز، فالسيف أصدق إنباء من الكتب. فسينما هوليوود لم تكن ذات مرتبة تفسيرية فقط، بل صانعة للأحداث.ومن يجادل في ذلك فليشاهد فيلم رامبو الاول ' First Blood'وهو الذي كان مدخل استهلالي لسياسة الرئيس رونالد ريغان قوي الشكيمة، وبه عالج عقدة فيتنام في وجدان الشعب الاميركي وهو في طريقه لتفكيك الاتحاد السوفيتي . فقد جدد  فيلم 'آرغو'  حقيقة أن الاميركان لا يفهمون بعمق مايجري في طهران،لا حين جرفتهم الثورة خارجه في نهاية السبعينات.ولا في عصر الرئيس الاميركي باراك أوباما المتخم بالصفقات المرتبكة. ابتداء بصفقة الخروج من العراق وصولا لسوريا حيث يمارس تريثه اللانساني انتظارا لصفقة أفضل.

سيحوم أوباما خلال جولته الشرق أوسطية حول إيران دون ان تملك طائرة الرئاسة' Air Force One'الجرأة لطلب الاذن بالهبوط في مطار الإمام الخميني الدولي بطهران، ليس خوفا من ان ينتهي به الامر رهينة حتى يلغى قرار تجميد الودائع الإيرانية منذ 1979م. بل لأن صفقاته المرتبكة غير قادرة على إنهاء  الصداع الذي أرهقنا طوال 30 عاما.وليته يجيد الصفقات ويفعل مافعل الرئيس الامريكى ريتشارد نيكسون خلال زيارة ' تحطيم الجليد ' للصين عام 1972م حيث أفهم ماو تسي تونغ إن إمتلاكهم للقنبلة النووية أو عدم إمتلاكهم لها لن يجعل شرق أسيا رهينة لهم أو ضمن مجالهم الحيوي فمن الافضل لهم التوقف عن التلويح به،ثم باعهم كرسي تايوان في الامم المتحدة نظير ذلك. لقد جاء أوباما للشرق الاوسط كصاحب صفقات وليس مبادرات كاملة، جاء  يبحث عن صفقة لايعلم هو نفسه عن حجمها أو مكوناتها.ففي مقابلة مع التلفزيون الاسرائيلي  قال أوباما 'هدفي اثناء هذه الزيارة هو الاستماع'. حيث سيستمع لشرح واف من الصهاينة عن منظومة 'القبة الحديدية'وكيف ان شبكة بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ التي صنعتها اسرائيل بمساعدة مالية وتقنية أمريكية قد فشلت في تحقيق الحماية الكاملة للمستوطنات الصهيونية. فإذا أقتنع أن لاقبل 'للقبة الحديدية'برد صواريخ 'فجر-5' الايرانية المحدثة والتي تطلقها حركتا حماس والجهاد الاسلاميفكيف سترد هذه المنظومة الضربة الانتقامية من طهران .وعليه نقول مقدما إن حسم الامور في الاراضي المحتلة امر لاصفقة له في جعبة أوباما .

لكن قابلية هبوط طائرة أوباما في طهران كصفقة، ليست متدنية؛ فما تريده واشنطن لايتعدى مطالب أربعة هي :

1-     تحقيق الأمن النفطي لها ولحلفائها.

2-     ضمان أمن الدولة العبرية.

3-     القضاء على إرهاب التطرف الإسلامي.

4-     شفافية برنامج  طهران النووي.

أما طهران فمطالبها هي :

1-     رفع الحصار الاقتصادي  الحالي،ورفع القيود عن الودائع المجمدة منذ 1979.

2-     الاعتراف بدور إقليمي لإيران يناسب حجمها.

3-     ضمان استمرار حكم الملالي.

أما ردة فعل دول الخليج المتوقعة على الزيارة فلن تضاهي الغضبة المضرية لدول 'جبهة الصمود و التحدى' بعد زيارة السادات  للقدس المحتلة1977م.فقد صدم العرب آنذاك من الزيارة لأنها ضربتهم كالصاعقة. أما الان  فطهران في كل شيئ حولنا وبين ثنايا مؤتمراتنا وندواتنا الخليجية. تقول صديقتي غووغل 'Google' بارقام موثقة انه من دون التدخل في شئون الاخرين لا تكاد تجد لطهران ذكر في وسائل الإعلام. فهي في جبال الحوثيين باليمن وتحت بيارق حزب الله الصفراء في لبنان وفي عراق المالكي وفي مصنع الذخيرة بالسودان وبجانب قاذفات الهاون لحماس والجهاد الاسلامي في فلسطين.

أما ما يبعد شبح الزيارة قليلا فهو أننا في الخليج نحقق لواشنطن معظم ماتريده من طهران بما في ذلك إثم النوايا بالتطبيع مع إسرائيل . كما يبعد شبح الزيارة ان فيلم' آرغو' يظهر بما لايدع مجال للشك ان الاميركان لم يفهموا ايران حتى الان. ففي نهاية فيلم' آرغو' حاول صانعوه ان يظهروا جانب ايجابي واحد للإيرانيين، فظهر أطفال يجمعون قصصات الورق في مكاتب السفارة ويكونون صورة احد الفارين الستة، وينجح الاطفال،بينما فشل الكبار من حرس المطار في ايقاف الطائرة السويسرية من الاقلاع . فمن ضمن الاستدلالات المتهافتة إن إطفال مطلع الثورة هم رجال حاضر ايران الذين يذيقون الاميركان المرارة.كما تجاهل الاميركان حقيقة ان أفخر انواع السجاد الفارسي ذا النقوش الدقيقة تنجزها انامل الاطفال الايرانيين ! وعلى  الاميركان من واشنطن الى لانجلي في فرجينيا مرورا باستديوهات الاخوان وارنر' Warner Bros' في هوليوود أن ينجزوا صنع سجادة فارسية واحدة حتى يستطيعون سبر اغوار ذلك المجتمع المغلق .

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك