جعفر: الطلب العالمي على الطاقة يشهد تغيرات سريعة

الاقتصاد الآن

524 مشاهدات 0

مجيد جعفر

قال السيد مجيد جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال ونائب رئيس مجموعة الهلال في تصريح له خلال منتدى الطاقة في الدوحة: 'هناك مخزون إحتياطي من الغاز يكفي لتلبية الحاجة لأكثر من 250 عاما، وفقا لمعدلات الإستهلاك الحالية، كما أن مستويات الاحتياطيات تزداد مع كل سنة'. وأضاف: 'تمكنت صناعة النفط والغاز في العالم في عام 2012 من إضافة حوالي 100 تريليون قدم مكعب من موارد الغاز الجديدة من خلال التنقيب الاستكشافي'.

أدت ثورة الغاز الصخري، وارتفاع عدد السكان، إلى جانب الزيادة في الإستهلاك إلى تغيير طبيعة الإستثمار، مما أدى إلى خلق تحديات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، والتي تحتاج إلى تريليونين دولار من الاستثمارات في قطاع الطاقة الإقليمية خلال العقدين القادمين

يشهد الطلب على الطاقة في العالم تزايدا مستمرا خاصة مع ارتفاع عدد السكان بالإضافة إلى النمو السريع الذي تشهده الأسواق الناشئة، حيث يستهلك نحو 1.1 مليار نسمة في الدول المتقدمة في العالم ما يقارب من 110 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا من الطاقة الأولية، فيما يستهلك 5.8 مليار نسمة في الدول النامية ما مقداره 140 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا. وهذا يعني أنه إذا كانت الدول النامية تستهلك الطاقة الأولية على نحو متساوي مع الاتحاد الأوروبي – الذي يعد الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة، فسوف يحتاج العالم إلى زيادة تصل إلى 270 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا لتلبية حجم الطلب، وهو معدل يمثل أكثر من ضعف استهلاك الطاقة الحالية.

إضافة إلى ذلك، ومع توقعات ارتفاع عدد سكان العالم من مستوياته الحالية البالغة 7.1 مليار الى مستويات الذروة المقدرة مابين ( 9 – 10 ) مليار نسمة في منتصف القرن، فإن الزيادة الحقيقة في معدلات الطلب على الطاقة تفوق بكثير التوقعات الصادرة حاليا من وكالات التقييم المتعددة.

ولايزال النفط والغاز والفحم المصادر الرئيسية للطاقة، كما كان عليه الحال منذ عقود، وتشكل ما نسبته 80 في المائة من الطاقة الأولية. ونظرا لمزايا الغاز العديدة سواء من الناحية البيئية أو من ناحية التكلفة، وفي ظل وفرته الانتاجية أيضا، فإن الغاز سيكون من مصادر الطاقة التي يعتمد عليها في القرن الحادي والعشرين.

جدير بالذكر أن الغاز يختلف عن النفط في أوجه عدة، حيث أن مصادر الغاز يتم توزيعها بشكل جيد على الصعيد العالمي، مما جعل من إنشاء منظمة تعنى بالدول المنتجة للغاز وعلى غرار منظمة (أوبك ) أمرا مستبعدا، كما أن صناعة الغاز تبدو منسجمة مع قواعد العرض والطلب بشكل أفضل. بما يضمن مواصلة قدرة أسعار الغاز على المنافسة مقارنة بأسعار النفط، ويتوقع مجيد جعفر بأن هذه الاتجاهات سيكون لها آثار كبيرة على صناعة الطاقة في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

وعلى صعيد متصل، هناك عدة أمثلة تشمل عددا من الاتجاهات الواضحة والتي سوف تؤثر على صناعة الطاقة العالمية. فقبل بضع سنوات تم اتخاذ قرارات استثمارية كبرى في الشرق الأوسط لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى الولايات المتحدة، والتي تعد أكبر مستهلك للغاز في العالم، وكانت من المتوقع أن تصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في ذلك الوقت، إلا أن التقدم التكنولوجي الذي يتصدره القطاع الخاص في الولايات المتحدة أدى إلى ضخ كميات هائلة من الغاز الصخري، على نحو أسهم في سد الفجوة بين العرض والطلب والتي كانت آخذة بالتوسع. كما جاء استمرار ارتفاع أسعار الغاز في الولايات المتحدة ليمثل أحد دوافع ثورة الغاز الصخري، حيث أدى إلى خلق بيئة خصبة ينمو فيها الاستثمار الخاص.

وعلاوة على ذلك، يعتقد جعفر بأن ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة ليست ظاهرة محلية، حيث تسعى العديد من الدول اليوم من الأرجنتين إلى الصين، مرورا بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثل المملكة العربية السعودية والجزائر، التنقيب عن الغاز الصخري.

وتمتلك الصين اليوم، على سبيل المثال، موارد غاز صخري تقدر بـ 1200 تريليون قدم مكعب، بما يتجاوز ما لدى الولايات المتحدة، وذلك وفقا لدراسة الوكالة الدولية للطاقة. وفي هذا السياق، فإن مطابقة الموارد مع طلبات الأسواق باحتساب الطريقة الأكثر فعالية للتكلفة تعتبر مسألة حرجة تواجهها هذه الصناعة.

وبلغ حجم صادرات وواردات الغاز على حد سواء في منطقة الشرق الأوسط، باستثناء تركيا، نحو51 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا في العام 2011، تم تخصيص 13 مليار قدم مكعب منها يوميا للتصدير و39 مليار قدم مكعب يوميا تم استهلاكها داخل المنطقة. وتشير التنبؤات إلى إمكانية زيادة الاستهلاك إلى 54 مليار قدم مكعب يوميا بحلول العام 2020، أي بزيادة كبيرة تصل إلى 40 بالمائة خلال السنوات السبع القادمة.

وأثبتت المنطقة في ذات الوقت أنها تمتلك احتياطي (الاحتياطي مقارنة بنسبة الإنتاج) يكفي لتلبية الطلب لنحو 200 عاما قادمة، وبدون أن تشمل الموارد المحتملة العثور أو الموارد العادية وغير العادية. وكنتيجة إلى ذلك، يبرهن مجيد جعفر بقوله: 'إن شركات الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط في السنوات السبع القادمة بحاجة إلى الاستثمار في القدرة الإنتاجية والبنية التحتية ذات الصلة إذا تم تحقيق زيادة الطلب على الغاز'.


ويتجلى الاتجاه الثاني والمهم في التهديد الذي يشكله الغاز بالنسبة للنفط، لا سيما في قطاعات مثل الشحن البحري والنقل البري عبر السكك الحديدية والنقل الثقيل، حيث تشهد أمريكا الشمالية توجها كبيرا نحو استبدال النفط بالغاز في وسائل النقل عبر الطرق وعبر السكك الحديدية؛ ونظرا لأسعار الغاز الحالية التي تقدر بحوالي 24 دولار برميل من النفط المكافئ مقابل سعر الديزل الذي يقدر بحوالي 160 دولار برميل من النفط المكافئ في المحطة.

وهناك حافز كبير لاستخدام الغاز الطبيعي المضغوط في النقل البري، حيث يتركز نصف الطلب العالمي على النفط اليوم على صناعات البتروكيماويات وإنتاج الطاقة والصناعة والشحن البري وفي قطاعات النقل البحري والسكك الحديدية. وفي هذا الشأن قال مجيد جعفر: 'هناك هجمة من قبل الغاز الرخيص على قطاعات استهلاك النفط وهذه الهجمة ستغير جذريا كلا من صناعة النفط وصناعة الغاز، وبما أن منطقة الشرق الأوسط، تعتمد على عائدات النفط، فينبغي أيضا الإستعداد لتغييرات هيكلية في صناعة النفط نتيجة للثورة التي يشهدها قطاع الغاز'.

ولا تقتصر الثورة الصخرية على الغاز، كما الاعتقاد الشائع، بل تطال النفط، حيث باتت أمريكا الشمالية من المناطق الرائدة عالميا في إنتاج الزيت الصخري، كما من المتوقع أن يشهد إنتاج النفط غير التقليدي في الولايات المتحدة نموا من العدم تقريبا في 2010 إلى مامقداره 4.5 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا بحلول عام 2020، بما يدفع إجمالي إنتاج السوائل في الولايات المتحدة إلى نحو 12 مليون برميل يوميا، ولتصبح الولايات المتحدة الأمريكية ثالث دولة يتخطى إنتاجها من النفط حاجز 10 مليون برميل يوميا بعد روسيا والمملكة العربية السعودية. وسيؤدي ذلك، إلى جانب استبدال النفط بالغاز في قطاع النقل الخاص الثقيل، إلى تقليص الطلب على نفط الشرق الأوسط بشكل كبير، وذلك عقب انخفاض الطلب الأمريكي على غاز الشرق الأوسط. ومن المنظور الإستراتيجي، فإن العمل على بناء صناعات إقليمية تعتمد على هذه الموارد قد يُسهم في الحد من اعتماد الشرق الأوسط على أسواق التصدير، وتسريع التنمية الإقتصادية في المنطقة.

وفي الختام، يقول جعفر أن تلبية الطلب المتنامي على الطاقة في منطقة الشرق الأوسط سوف يتطلب استثمارات ضخمة. وتقدر الوكالة الدولية للطاقة أن تلبية احتياجات قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة بين 2012 و2035 سوف يتطلب استثمارات تقدر بحدود 2 تريليون دولار، سيتوجه نحو نصف هذا المبلغ إلى استثمارات صناعة النفط والباقي سوف يقسم مناصفة بين إنتاج الغاز والطاقة.

وبعبارة أخرى، فإن سلسلة الطاقة التي تعتمد على الغاز في المنطقة سوف تحتاج إلى تريليون دولار خلال 23 سنة المقبلة، أو 43 مليار دولار في السنة. وفي هذا السياق، سوف تحتاج شركات الطاقة في المنطقة إلى رأس مال ضخم بالإضافة إلى موارد إدارات مشاريع، وهذا يحدث تزامنا مع كون شركات النفط الدولية لديها فرص استثمارية كبيرة في مناطقهم الأم أو المناطق الأخرى في العالم التي بدأ يكتشف فيها النفط والغاز، إلى جانب توقعات ابأن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وحدها بحاجة إلى 22 تريليون دولار من الاستثمارات في مجال الطاقة خلال الفترة ذاتها.

وحول ذلك يقول مجيد جعفر: 'إن الشرق الأوسط قد يحتاج إلى الاعتماد على موارده الذاتية في كل من شركات البترول الوطنية وفي القطاع الخاص في سبيل مواجهة تحديات قطاع الطاقة، وهو التحدي الذي من الضروري تجاوزه'.

الآن: المحرر الاقتصادي

تعليقات

اكتب تعليقك