كيف نقرأ في الخليج انماط الاستجابة الاميركية ضد كوريا الشمالية ؟

عربي و دولي

3561 مشاهدات 0


إن بالإمكان المحاججة بأن المشهد في شبه الجزيرة الكورية مشهداً كامناً على ضفاف الخليج العربي. فقد ألغت 'بيونج يانج' هدنة الحرب الكورية واتفاقيات عدم الاعتداء التى وقعتها مع كوريا الجنوبية ثم قطعت جميع الخطوط الساخنة عبر الحدود واعلنت أنها فى 'حالة حرب' مع جارتها الجنوبية. بل إن زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أصدر أوامره بعمل الاستعدادات اللازمة لتوجيه ضربات صاروخية تجاه الاراضي الأمريكية. فمالذي يمنع طهران من القيام بذلك بناء على مناورة حافة الهاوية التي تمارسها دائما! خصوصا ان حكومة طهران تشعر بثقل فشلها في محادثاتها مع 5+1 وهي مقبلة على انتخابات الشهر القادم. مما يجعلنا بحاجة ملحة لإعادة النظر بالبيئة الامنية العالمية في شموليتها بعيون خليجية ،عسى ان ندرك انماط الاستجابة الاميركية هناك وما يمكن ان تقوم به المظلة الأمنية الأمريكية هنا، بحكم ان واشنطن هي حليفنا الاستراتيجي ضد الطموح الايراني،بالإضافة الى ان ملة طهران وبيونغ يانغ النووية واحدة . ولايمكن لمتابع ان يتجاهل التهديد الكورى الشمالى بشن ضربات ضد الاراضي الاميركية من خلال صواريخها الباليستية بسبب الانقلاب الذي سيحدثه في المشهد الاستراتيجي.بل إن التهديد نفسه يكفي لتعكير صفو الامن الدولي لما يتبعه من آثار اقتصادية وسياسية.مما يقلل من منهج التبخيس الذي اعتمده بعض المحللين كالقول إن بيونغ يانغ أعتادت على نفس التهديدات ضد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة كلما وصل الى الحكم رئيس جديد. بينما ذهب البعض الاخر الى القول إن التهديدات لاتعدو ان تكون تعبير عن رغبة كوريا الشمالية فى إبرام معاهدة سلام مع الولايات المتحدة. وهنا نشير الى ان العالم يساوره شك يصل إلى حد اليقين ان مايجري في شبه الجزيرة الكورية يتعدى وصول 'بارك جيون هاي' رئيسة جديدة في سيؤل او لعقد اتفاقية سلام . وان له علاقة بما تقوم به ايران على ضفاف الخليج العربي، ويصل حد لعبة تبادل الادوار. فلو تجاوزنا تحريض نائب رئيس الأركان في الجيش الإيراني الجنرال مسعود جزائري لكوريا الشمالية بالمضي قدما في مشروعها النووي لوجدنا ان الازمة في شرق آسيا تخيم بضلالها على محادثات إيران مع مجموعة 5+1 . كما ان من المعروف ان هناك تعاون فى المجال الصاروخى والنووى. وكان من نتائج هذا التعاون التشابه الكبير حد التطابق بين الصاروخ الايرانى 'شهاب' والصاروخ الكورى الشمالى 'نيبودونج' .فهل من المصادفة ان يكون صاروخ كوريا الشمالية' تيبودونج2' هو نفسه صاروخ'سفير2' من عائلة'شهاب'و هل من المصادفة ايضا ان استخدم الصاروخين كما تدعي العاصمتين 'المارقتين' في الوصف الاميركي لوضع قمر صناعى للاستخدامات المدنية فى المدار الفضائى لمراقبة الأرض.بالرغم من ان المراقبين يعلمون ان وضع قمر في مدار خارج الارض هوذريعة لأختبار الصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
إن مايقلق المراقب الخليجي هو ان موقف الولايات المتحدة من التهديدات الكورية الشمالية يهدم العمق في مشروعهم الدفاعي عن الخليج العربي . فالطموحات النووية لكوريا الشمالية تظهر وقد سبقت وتجاوزت بخطوات عدة خطوات إدارة أوباما. فكيف نعول على واشنطن ومجنون كوريا الشمالية ' الطفل' غريب الأطوار كيم جونج قد أمتلك بالفعل قنبلة نووية. فماذا ستفعل واشنطن و'الكهل' الايراني يسير وسط ضجيج الاعتراضات الدولية حاملا بثقة شيوخ الفرس برنامجه النووى. لقد طبقت واشنطن عقيدة الانكفاء حيث تم نشر نظام الدفاع الصاروخي على ارتفاع عال (THAAD) في خط الدفاع الاميركي التقليدي وهو جزيرة غوام Guam” “في المحيط الهادي قرب هاواي.كما نشرت مزيداً من صواريخ باتريوت“PAC3” في ألاسكا وحول قاعدة فاندنبرج فى ولاية كاليفورنيا لمواجهة نفس التهديد. مما يدل على توجس وزير دفاعها المثير للجدل ' تشاك هاجل ' من قدرة الصواريخ الكورية الشمالية وإلا لوضع خطوط التماس مع بيونغ يانغ في اليابان وكوريا الجنوبية، وجعل جزيرة 'غوام' الخط الذي لاتراجع بعده. ولنصل الى المحصلات التي تفضي لها هذه الجدلية نشير إن نظام الدفاع الصاروخي على ارتفاع عال (THAAD) هوضمن جهد الدفاع الجوي في دولة الامارات العربية المتحدة .فيما ينتشر باتريوت “PAC3” في معظم دول الخليج. فهل حسمت واشنطن أمرها، وحققت أسوأ هواجسنا في ان تصبح دول الخليج هي خطوط التماس مع ايران بينما تكون تل ابيب هي الخط الذي لاتراجع بعده !
لقد وسعت مواقف واشنطن خلال المواجهة مع بيونغ يانغ من مساحة عدم التيقن وركزت العيون على حقيقة المظلة الأمنية الأمريكية، فكيف ظهرت الولايات المتحدة مرتبكة ومنكفئة الى هذا الحد أمام دولة تقبع في قاع سلم دول العالم الثالث! بالرغم من الشجب الروسي والصيني لموقف كوريا الشمالية،وكيف كانت ستبدو انماط الاستجابة الاميركية لو كان لموسكو وبكين موقف مساند لكوريا الشمالية. وهو نفس الموقف الذي تبديانه حاليا لطهران!

د.ظافر محمد العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك