الرضا شرعية الدولة.. فلا تفقدوه!!

زاوية الكتاب

كتب 1466 مشاهدات 0


الرضا هو القبول والاستحسان المتمثل بصحة العلم الواصل إلى القلب فإذا باشر حقيقته أتاه إلى الرضا ، كما أن الرضا ينزل على المرء السكينة وهي التي ما ان تنزل حتى يستقيم المرء وتصلح أحواله ومنها ما انزل في قوله تعالى بسورة الفتح {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} 18 ، ونقيض الرضا هو الجزع والسخط وعدم القبول.

تنوعت أشكال الدولة وأسس شرعيتها منذ فجر التاريخ ، فكان هناك من الدول من قامت على القوة كأساس لشرعية الدولة لدرجة دفعت بعض الدول الضعيفة إلى التنازل عن كرامتها وإرادتها والقبول بالتبعية لبعض القوى العظمى وأفضل مثال نذكره في هذا الصدد بريطانيا العظمى الدولة التي لا تغيب عنها الشمس ، وكتطور طبيعي مرت هذه الدولة بمراحل عديدة حتى وصلت أخيرا إلى محطتنا وهي الرضا كشرعية لقيامها ، فالرضا هو النواة الأساسية لقيام كل شيء في الدولة الحديثة فمن حيث تشكيل البرلمان تجد الرضا واضح بالخضوع وحسن احترام القانون وقرارات مؤسسات الدولة ، والحرص أيضا على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن، وبانسلاخه تفقد كل هذه المؤسسات قيمتها المعنوية لأنها وبكل بساطة إنما تخاطب وتتعامل مع عامة الشعب فتجده لا يبالي حيال القانون ولا يكترث بقرارات الدولة ولا يحترم حتى الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن.

الشخص الطبيعي يفقد رضاه بحدوث بعض العوامل الهادمة له وللدولة ككل مثل شعوره بعدم تجريد القوانين وإنها تستهدف فئة دون أخرى وعندما يلتمس عدم حيادية الدولة في تطبيقها للقانون ومساواتها للأفراد في إصدار قراراتها المنفذة لها ، والاهم حين يرى ان تنفيذ الأحكام القضائية أصبح بعين واحدة  فيفقد رضاه بها وبالتالي ثقته بأحد أهم مؤسسات الدولة ، فحين يصدر ضده الحكم تسارع أجهزة الدولة الى تنفيذه بقسوة وتعسف وحينما يصدر الحكم لصالحه تتراخي نفس هذه الأجهزة وتتمايز كيفما يترائي لها حتى تضيع الحقوق وتسود شريعة الغاب فتفقد أهم مؤسسات الدولة قيمتها كملاذ شرعي يختصم بها المرء من تعدى او انتهك حقوقه لينصفه القضاء بحكم فلا تطبقه أجهزة الدولة ليصبح أخيرا أمام خياران ، أما الخنوع بتطبيق ما صدر ضده فقط ، وإلا التمرد عليها بحجج وان كانت قانونية إلا أنها تنم عن عدم الرضا الهادم للدولة والمجتمع ككل.

الرضا شرعية الدولة.. فلا تفقدوه!!

المحامي/ سعد اللميع

كتب المحامي سعد اللميع

تعليقات

اكتب تعليقك